ساعتين أتأمل صورة الزعيم العراقي الشاب مقتدى الصدر.. أنظر في عينية بشدة.. حاولت أن أغوص في أعماق أعماقه لأعرف وأتصور وأتخيل.. بماذا وكيف يفكر.. صورته الشهيرة وهو يتشح بالسواد، ويرتدي عمامة سوداء.. وينظر الى الأعلى نظرة قاسية حازمة تحمل الكثير من المعاني.. لا أعلم من أي برج مقتدى الصدر لكنني أكاد أجزم إنه برج الأسد فهو يتسم بالحدة والصرامة والقسوة والحزم.. والأهم القيادة، كما أنه يحب أن يتباهى بقدراته.. وأن يكون رمزا... ويصفون رجل برج الأسد بأنه متسلط ويحب المفاخرة والغطرسة، يتدخل بشؤون الغير، متشدد وغير صبور.. هكذا هو مقتدى الصدر.
ويقولون أن الرجل الأسد لا يخاف وذو قوة وطاقة ويسعى لأن يصل إلى درجة القائد العظيم. وبالرغم من أن مولود الأسد قد يبدو محباً للسيطرة ومستبداً في بعض الأوقات إلا أن هدفه هو ضمان أن تكون الأمور على ما يرام فيما يخص أولئك المحيطين به والموجودين في مملكته ( هذه صحيحة خاصة بعد أن أعلن مقتدى الصدر تجميد كل أنشطة جيش المهدي لستة أشهر غداة اشتباكات كربلاء الاخيرة ).
لقد نشأ الصدرمقتدى الصدر ليكون زعيما، خاصة وأنه شرب الزعامة من والده محمد محمد صادق الصدر الذي أغتيل في عهد صدام حسين ومعه ابنيه الآخرين.
يتهم مقتدى الصدر بأنه وراء أغلب التفجيرات والكوارث الانسانية التي تقع يوميا في العراق بسبب تطلعاته للاستحواذ على الحكم، خاصة وأن ميليشيا (جيش المهدي) التي أنشأها الصدر بعد احتلال العراق تعتبر من أكبر القوى في العراق.. ولديها مصادر عديدة للحصول على الدعم والمال والسلاح.
يعتبر مقتدى الصدر من أشد الزعماء العراقيين على الساحة السياسية، ويملك الآلاف من الاتباع والمؤيديين الذين يأتمرون بأمره وينفذون ما يطلب دون نقاش أو تردد حتى ولو كان ثمن ذلك الموت.
ماذا تريد.. سألت مقتدى الصدر من خلال الصورة الشهيرة التي أمامي؟
هل تعلم يا سيدي أن برج الأسد أنا وأنت يعتبر إنسان في حالة عشق دائم.. يحب الحياة ويمتاز برقة مشاعره ورجاحة عقلة.. أين ذلك يا مقتدى.. آمل أن تستعيد ذلك.
كان مقتدى الصدر يضع وشاحا أبيضا على كتفيه، يقال أنه كان يضع كفنه، أتمنى أن لا يكون ذلك صحيحا، ففكرة الموت يجب ألا تكون رغبة لدى الانسان، بل هي خاتمة يقررها الله عز وجل وحده، حتى أن أحد مشايخ الدين المحترمين عندما سألته عن الاستشهاد قال إن الشهادة هي مكافأة يمنحها الله لمن ذهب يقاتل في سبيله، والأولى بالمؤمن وهو يقاتل أن يحافظ على حياته وينتصر في معركته لا أن يذهب للقتال وهو راغب بالشهادة، فالنصر أولى من الشهادة، ولكن المقاتل اذا قتل فالله يمنحه تلك المكافأة الجميلة.. الشهادة.
ثمة شيء غريب في صورة هذا الرجل.. ثمة قصص وحكايا.. وروايات.. ثمة ألم ورغبة تنضحان من عينيه الشابتين.
بمن يقتدي مقتدى الصدر.. هل يقتدي بالرسول الكريم حيث يقول ( كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه )، أم يقتدي بالإمام علي بن أبي طالب الذي يقول ( حب لغيرك ما تحب لنفسك، واكره لغيرك ما تكره لنفسك ).. بمن يقتدي مقتدى والدين والأخلاق والمواثيق كلها تنهانا عن القتل وسفك الدماء.
ماذا يحب مقتدى الصدر.. هل يحب الجمال أم الطبيعة أم الرياضة أم يعشق رائحة الرصاص ولون الدم.
أعود للصورة.. أتأملها.. ثمة أشياء.. وأشياء.. وراء مقتدى الصدر الأصل لا تكشفها الصورة.. لكن الصورة الكبرى قاتمة.. صورة العراق يحترق.. والعراقيين إما منتحرين أو قتلى لمن انتحر بهم.
هل يمكن أن ينزع مقتدى الصدر السيف من صدر العراق.. ويخرج وردةً من جيبه يغرسها في قلب الوطن لتشع عبقا وعبيرا وحبا ومودة.. بدل الموت والقهر والخوف المزروعين في ثنايا العراق.. اللهم إشف عراقنا الغالي.. وارحم من ماتوا على أرضه.. ودمتم سالمين.

bull;الأمين العام للملقتى الإعلامي العربي
[email protected]