في سنة 1981 وقعت مصر علي الاعلان العالمي لحقوق الأنسان المعلن في 10 ديسمبر سنة 1948 والتي نصت الماده ال18 منه علي أن ( لكل شخص الحق في حرية الفكر والضمير والدين وهذا الحق يشمل الحريه في أن يتبني أي دين ِأو عقيده من أختياره سواء فرديآ أو بالأشتراك مع أخرين وأن يظهر علانيه أو سرآ دينه أو عقيدته في العباده والشعائر والممارسه والتعليم ). ومنذ وقعت مصر علي هذا الميثاق الدولي أصبح جزءآ من التشريعات الداخليه طبقآ للدستور المصري وقبل توقيع مصر علي هذا الميثاق الدولي وفي الماده الأربعون من الدستور المعلن في الحادي عشر من سبتمبر سنة 1971 تم التأكيد علي ما جاء في الدساتير المصريه المتعاقبه من سنة 1923 وحتي سنة 1971 والتي تنص علي أن ( المواطنين لدي القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامه لاتمييز بينهم بسبب الجنس أو الدين أو العقيده ) وهي موجوده في الدستور الحالي ومعها الماده 46 والتي فيها ( تكفل الدوله حرية العقيده وحريه ممارسة الشعائر الدينيه ).ناهيك عن الماده الأولي في نفس الدستور والتي تنص علي حق المواطنه...
كل هذه المواد الدستوريه ومواثيق حقوق الأنسان المتفق عليها من الجميع..تؤكد بأننا لانحتاج أي تشريعات أوقوانين جديده لضمان الحريه الشخصيه والدينيه..فعندنا ما يكفي،ويقنعنا ويقنع العالم بأن مصر هي بلد الحريات.
ولكن حين ننظر الي الواقع المعاش نجد أننا بعيديين كل البعد عن هذه الحريه المزعومة.. ويعنينى هنا حرية الدين والعقيده.فحين تكلمنا عن المواطنه أعلنا أنها خطوة جيده في الطريق ولكن يجب تهيئة عقول الشعب لهذا المفهوم الجديد عليهم.ولكن أتضح بعد ذلك أنه يجب علينا قبل ذلك أن تهيئ عقول وضمائر الحكام والقضاه والمسئولين. أولآ... تهيئتها علي تطبيق القانون بعيدآ عن أي مؤثرات أخري،وعلي أن المواطنه هي أن المسيحي أنسان مثلهم من نفس الفصيله،ومن نفس الكوكب،فلا هو بالعدو..ولا هو مخلوق فضائي يجب أبادته لخطورته علي البشريه...
وأن لم يصل المسئولين في هذه الدوله الي هذا المفهوم...وأذا لم يطبقوا الدستور والقانون.فلا أمل في أن يفهم باقي الشعب أنه هناك قانون يجب أحترامه..وأن هناك ضمير أنساني يجب أن يري الآخر كأنسان دون النظر الي دينه أو عقيدته.
والغريب أنه ورغم كل هذه التشريعات والقوانين الموجوده لدينا .نجد أمامنا حاله كحالة (محمد أحمد حجازي ) الذي أعتنق المسيحيه سرآ منذ 9 سنوات وأراد الأن أن يعلن عن دينه الجديد وطلب تغيير ديانته في بطاقة الرقم القومي.ولكن السجل المدني رفض هذا رغم مخالفة هذا الرفض لقانون الأحوال المدنيه رقم 143 لسنة 1994 والذي يلزم في مادتيه 53و47\2 علي أنه أذا طرأ تغيير على ِأي بيانات في البطاقه فعلي صاحب البطاقه تغيير ذلك رسميآ خلال ثلاثة أشهر.من تاريخ التغيير.وأن هذا التغيير أو التصحيح يكون في الجنسيه،أو الديانه أو المهنه...ورغم مخالفة هذا الرفض أيضآ للدستور المصري وللمواثيق الدوليه...مما أضطر محمد حجازي الي رفع دعوي قضائيه لتغيير أوراقه الي المسيحيه...و قد تم عقد جلسة بالمحكمة يوم الثلاثاء 15-01-2008 حيث هدد أحد المحامين الأسلاميين الأصوليين فيها بقتل حجازى لتحولة عن الأسلام وكان رد فعل القاضى أنه صرح بمقته للتحول من دين لأخر. ورغم أن القاضى لم يصدر حكمة بعد الا انه تعهد بعدم السماح لحجازى بتعديل دينه فى الأحوال المدنية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا.هو ألا تخجل الدوله من أن تصدر القوانين ثم تكون هي أول من يخالفها؟ الآ تخجل من الكيل بمكيالين تجاه أبنائها؟ فكيف تطلب دولة القانون من أبنائها أن يطيعوا ويطبقوا قوانين هي أول من يكسرها....ثم ألا يعلم مسؤلوا دولتنا الكرام أن ماكان يقبله الأقباط بالأمس مكرهين لم يعد مقبولآ لديهم اليوم....وأنه لن يسكت لسان بعد الأن علي حق مسلوب...أو علي أي حق تعطيه الدوله لمسلميها وتمنعه عن أقباطها.فالقبطي الذي يريد تغيير ديانته الي الأسلام يتم ذلك في غضون ساعات قليله بل وتشجيعاً ومكافئاً له علي ترك دين الباطل يعفي من رسوم تغيير الديانه ! ناهيك عن الخيرات التي ينالها من الجهات غير الرسميه.وحالة محمد حجازي هذه هي أوضح مثال لتغييب الدستور في مصر ومثال لعدم المساواه بين مسلمي ومسيحي مصر....وهناك حالات أخري كثيره كحالة البطليين الصغيريين (أندرو و ماريو ) اللذان ضحيا بدراستهم ومستقبلهم لأجل أعلان أيمانهم ورفضهم للأمتحان في مادة الدين الأسلامي معلنيين في ورقة الأجابه أنهم مسيحيين...وذلك لأن أباهم أعتنق الأسلام ndash; وبالطبع له كل الحريه في ذلك ndash; ولكن لا يجب أجبار أبنائه علي أعتناق دين ِأخر غير المسيحيه التي يؤمنون بها.
وبديهياً اننا لا نستطيع أن نسأل وماذا أذا حدث العكس أي تحول الأب من الأسلام الي المسيحيه فأي ماده أذاً يجب أن يمتحنها أولاده.. الأسلام أم المسيحيه؟ لأن الأجابه ستكون أنه غير مسموح وغير وارد أن يحدث هذا.أذآ فالدستور في هذه الحالات مغيب والقانون ليس لنا.
وكلمة حق تقال في حق المشرع المصري. فهو يعرف أن يضع القوانيين التي ترضي الجميع في الداخل والخارج ولكنه أيضآ لديه قدره خارقه علي وضع الثغرات والقوانين المضاده التي تسمح بالألتفاف حول القانون... والماده الثانيه من الدستور التي تعطي للشريعه الأسلاميه حق الهيمنه علي كل المواد الدستوريه الأخري والقوانين والمواثيق... هي أكبر دليل علي ذلك.
فلا المواطنه ولا الحريه ولا أي ماده أخري تقف ِأمام الماده الثانيه من دستورنا الشرعي..... فبها نحن كأقباط ننتظر رحمة المفتي ومدي أعتداله فمثلآ أفتي فضيلة المفتي الدكتور علي جمعه منذ عدة أشهر بأنه لا أكراه في الدين وأن الأسلام لا يعرف الرده ولاعقوبه علي المرتد في القرأن الكريم.صحيح أنه تراجع عن فتواه هذه في اليوم التالي ولكنه عاد بعد ذلك وأكدها.. وأن جاء أخر وأعلنndash; وقد حدث هذا فعلا من بعض المشايخ ndash; بأن الشريعه الأسلاميه تنص علي أن من بدل دينه فأقتلوه! سيتم تغييب كل مواد الدستور لأن الماده الثانيه هي وحسب الدستور المهيمنه علي الدستور المصري كله.
أن لم يفصل الدين ndash; أي دين ndash; عن الدوله فلا أمل في مواطنه أو عدل أو تقدم لمصرنا الحبيبه و لنعمل بمقولة الزعيم سعد زغلول ( أن الدين لله والوطن لجميع المصريين)
بهاء رمزى
هولندا
التعليقات