quot; كثرة الضرب تعلم البكاء quot; مثل مصري يعبر بكل واقعية عن حال الأقباط ومشاكلهم وآلامهم والاضطهاد المنظم ضدهم من الدولة بقيادة رئيسها حسنى مبارك وجماعات التطرف الإسلامية هذه الاضطهادات كانت الدافع الرئيسي لصحوة الأقباط عالميا مما دعا أقباط هولندا لعمل مؤتمرهم يوم 15/1/2008 تحت عنوان quot; الأقباط بين الماضي والحاضر والمستقبل quot; شارك في هذا المؤتمر الدكتور فيل فليت متخ

صص في اللغة القبطية بجامعة ليدن بهولندا quot; ومما يثير الحزن والأسى أن اللغة القبطية أو التاريخ القبطي لا يدرس بجامعات مصر !!!quot; وشارك أيضا المهندس يوسف سيدهم رئيس تحرير جريدة وطني والدكتور إبراهيم حبيب رئيس المتحدون الأقباط بإنجلترا وشاركت بهذا البحث لإظهار التطرف والتخلف والى أي مدى انحدرت مصر منذ انقلاب العسكر فتحية لأقباط هولندا الشرفاء الوطنيين الذين لبوا النداء الوطني والديني والأخلاقي فمؤتمرهم بلا شك إضافة للحركة القبطية ومحاولة جادة لرفع الظلم عن الآلام أهلهم في مصر لعودة الحب والتسامح والوجه المشرق لمصر العظيمة.
كلمة قبطي تعني مصري وتطلق على المصريين جميعاً، ونظراً للهوس الديني والتطرف الشعبي المنتشر الآن اقتصرت كلمة الأقباط على المسيحيين المصريين فقط دون غيرهم، فالأقباط هم نسيج أصيل من تراب مصر حملوا جينات أجدادهم الفراعنة العظماء وارتبطوا بمصر وطنهم الأصيل ارتباطاً وثيقاً، والأقباط ليس لهم وطن آخر وليس لهم انتماء لأي دولة أخرى، وتحت نير الظلم والاضطهاد والإجحاف والتهميش هاجر مليون ونصف قبطي للخارج حملوا معهم همومهم وهموم أهلهم وذكرياتهم الأليمة عن اضطهادهم في مصر وبحثاً عن حياة أفضل لهم ولأبنائهم، وحملوا داخل قلوبهم حبهم لوطنهم الأصيل، وقد عبر قداسة البابا شنوده الثالث تعبيراً دقيقاً عن علاقة الحب بين الأقباط ومصر قائلاً quot;إن مصر ليست وطناً نعيش فيه، بل وطنٌ يعيش فيناquot;.


الأقباط ومصر الليبرالية:
أجمع المؤرخون أن محمد علي الكبير هو مؤسس مصر الحديثة، وفي عهده تمتع الأقباط بسياسة التسامح وسادت المساواة بين جميع المصريين منذ توليه حكم مصر سنة 1805، وعاشت مصر الفترة الليبرالية من سنة 1919حتى سنة 1952 وانتهت هذه الحقبة الليبرالية مع انقلاب العسكر quot;الغزو الداخلي لمصرquot;.
وفي ظل الدولة الليبرالية شغل الأقباط أرفع المناصب حتى وصلوا إلى منصب محافظ، ووزير، ورئيس وزراء... إلخ. ففي عهد محمد علي وعهد سعيد باشا وصل عدد كبير من الأقباط إلى مناصب سياسية هامة وحساسة، فعلى سبيل المثال:
بطرس أغا أرمانيوس quot;محافظاًquot; على برديس، وفرج أغا ميخائيل quot;محافظاًquot; على دير مواس، وميخائيل أغا عبده quot;محافظاًquot; على الفشن، ومكرم أغا quot;محافظاًquot; لشرق أطفيح، وتكلا سيد لبهجورة، وأنطوان أبو طاقية quot;محافظاًquot; للشرقية.
وفي مصر الليبرالية أيضاً بنيت الكنائس بدون قيود، ومارس الأقباط طقوسهم الدينية بحرية تامة، فتقلد الكثير منهم وظائف مرموقة في الدولة من وزير إلى رئيس وزراء، وكان ذلك تحت ظل حزب الوفد في عهد زعيم الأمة quot;الزعيم سعد زغلولquot; وليس حزب الوفد الحاضر الذي تحالف مع الإخوان المسلمين في وقت من الأوقات.
ففي ذلك التوقيت وصل كلاً من بطرس باشا غالي ويوسف باشا وهبي إلى رئاسة الوزراء، ورئيس مجلس النواب ويصا واصف -الذي وقف في البرلمان مصرحاً أن دائرته كلها مسلمين لا يوجد بها قبطي سوى نائبها فقط. وزراء خارجية كلاً من واصف بطرس غالي، وكامل بطرس غالي، وصليب سامي ووزارة المواصلات فوزي المطيعي، وصليب سامي ووزارة المالية مكرم عبيد، وكامل صدقي، وصليب سامي ووزارة الحربية صليب سامي، وزارة التجارة والصناعة سابا حبشي وراغب حنا وزارة الصحة، وسابا نجيب اسكندر وإبراهيم نجيب وزارة للأشغال. ورفع المصريين جميعاً الشعارات الوطنية quot;الدين لله والوطن للجميعquot;، وquot;عاش الهلال مع الصليبquot;، وكان عدد النواب الأقباط في البرلمان قبل ثورة يوليو 1952 أكبر بكثير من عددهم بعد الثورة، ووصل نسبة عدد النواب الأقباط إلى أكثر من 5% في عهد ما قبل الثورة من عدد النواب المسلمين.


عدد الأقباط عدد النواب في البرلمان السنة
16 214 1924
15 214 1925
12 214 1926
23 235 1926
4 150 1931
20 232 1936
6 264 1938
27 264 1942
12 264 1945
10 319 1950


الأقباط في عهد جمال عبد الناصر:
من المؤسف أن الصف الأول من رجال الثورة حسين الشافعي وكمال الدين حسين وحسين التهامي والسادات وجمال عبد الناصر كانوا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، وكان كان جمال عبد الناصر (الاسم الحركي له عبد القادر زغلول) يهتم بتدريب التنظيم السري العسكري للإخوان المسلمين، وانتشروا في الجيش والشرطة والقضاء والتعليم، وبدأ صدام المصالح حينما أدرك جمال عبد الناصر أن الإخوان يريدون الاستيلاء على الحكم، فحدث الصدام في عام 1954م بعد حادث المنشية الشهير ومحاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، فقضى جمال عبد الناصر على قوتهم بالاعتقال والتعذيب وتحديد الإقامة.


مع الأخذ في الاعتبار خلو الصف الأول من تنظيم الضباط quot;الأحرارquot; من الأقباط، وقام قادة الانقلاب بتأميم مصانع وشركات القطاع الخاص، كما استولت حكومة الثورة على أراضى وأوقاف الكنيسة وخاصة أراضي الأقباط لصالح الإصلاح الزراعي، ولم يستفيد منها الأقباط بل وزعت على المسلمين، لهذا أضير الأقباط وخسروا خسارات كبيرة. كما أخرجت الثورة الأقباط من الحياة السياسية والمراكز الإدارية والتنفيذية العليا، ولما وجد الأقباط أنه ليس لهم مكان في الحياة العامة أجبروا على التقوقع بعد لفظ الدولة بكل مؤسساتها لهم.
وبعد تعديل الدستور وإدخال نص المادة 87 في دستور 1953م وهي: quot;أن من حق رئيس الجمهورية أن يعين عشرة نواب من بين 360 نائباً في مجلس الأمةquot; (مجلس الشعب بعد ذلك) ظلت نسبة عدد النواب الأقباط المعينين أقل من 3% وكانت سابقاً 5%.
والجدول التالي يوضح أن نسبة الأقباط بعد الثورة بين 0% إلى أقل من 3% تقريباً.


عدد النواب الأقباط عدد النواب الأقباط المعينين عدد النواب الأقباط المنتخبين عدد النواب السنة
صفر صفر صفر 350 1957
9 8 1 360 1964
9 7 2 348 1969


تمثيل الأقباط في البرلمان في عهد الرئيس محمد أنور السادات:
توفي الرئيس جمال عبد الناصر وتولى محمد أنور السادات الحكم في أكتوبر 1970م فأطلق سراح الإخوان المسلمين عام 1971م وذلك للقضاء على الاشتراكيين في الدولة، وكان هو إخوانياً متعصباً متطرفاً، فصعد الإخوان والجماعات الإسلامية في طول البلاد وعرضها، ومنذ ذلك الحين تغلغلوا في الحكومة والوزارات وحصلوا على بعض المناصب الوزارية في عهد السادات. وكان السادات يريد أسلمة المجتمع، فأمن مشاكل مصر الخارجية، ووقع معاهدة السلام المشهورة مع إسرائيل لكي يضرب الأقباط في الداخل بعد أن أطلق عليهم الجماعات الإسلامية الإجرامية وليلهي هذه الجماعات بالعمل الداخلي.


وتحالف السادات مع التيار الديني ودخل معهم في صفقات جانبية، وأغمض عينه عن اضطهادهم لأقباط مصر وانتشار سرطان الجماعات الدينية الإسلامية المتطرفة الإجرامية التي انتشرت انتشاراً كبيراً لدرجة أنهم اخترقوا جهاز الشرطة وأمن الدولة وكل مؤسسات وأجهزة الدولة، وكان العنف ضد الأقباط ظاهراً وكبيراً في هذه الحقبة السوداء من تاريخ مصر، ووصلت نسبتهم إلى 3% تقريباً في عهد الرئيس محمد أنور السادات من عدد النواب المسلمين.


عدد النواب الأقباط عدد النواب الأقباط المعينين عدد النواب الأقباط المنتخبين عدد النواب السنة
12 9 3 360 1971
8 8 صفر 370 1976
14 10 4 360 1979

تمثيل الأقباط في البرلمان في عهد الرئيس محمد حسني مبارك:
بعد اغتيال الرئيس محمد أنور السادات في حادث المنصة أكتوبر 1981م تولى الحكم الرئيس محمد حسني مبارك الذي تسامح مع الجماعات المتطرفة ولم يسقط حكم التحفظ على قداسة البابا شنوده إلا بعد 41 شهراً من حكمه، في الوقت الذي تعاونت الدولة مع الجماعات الإسلامية الإجرامية في طول البلاد وعرضها وسمح لهم بالدخول مع أحزاب سياسية مثل حزب العمل، وكانت هناك صفقات بين النظام ممثل في الشيخ عبد الحليم موسى وزير الداخلية والجماعات الإرهابيةquot;.

وفي عهد الرئيس محمد حسني مبارك قل عدد الأقباط إلى أقل من 2 % بل وصل إلى أقل من 1%.


عدد النواب الأقباط عدد النواب الأقباط المعينين عدد النواب الأقباط المنتخبين عدد النواب السنة
9 5 4 468 1984
10 4 6 458 1987
7 6 1 454 1990
6 6 صفر 454 1995
6 3 3 454 2000


البرلمان المصري في عصر مبارك فيه ثلاثة أقباط:
والبرلمان المصري يضم خمسة أقباط فقط بين أعضائه البالغ عددهم 454 عضواً، واحداً تم انتخابة quot;يوسف بطرس غاليquot; وزير المالية الحالي، وجرى تعيين أربعة بقرار جمهوري، ولم يصلوا إلى موقعهم بالانتخاب.
كما يوجد وزيران قبطيان داخل الحكومة.
لا يوجد قبطي يشغل رئيس جامعة، كما حرموا من الوظائف القيادية بالدولة.
ويعتبر عهد الرئيس مبارك هو أسوأ حقبة في تاريخ الأقباط، ومما يذكر أن الرئيس مبارك التقى بالبابا شنوده مرة واحدة خلال 24 عاماً عندما كان يسعى للحصول على دعم الأقباط قبل زيارته للولايات المتحدة.
النتيجة الطبيعية لكل هذه البيانات أن اضطهاد الأقباط في مصر اضطهاد منظم ليس من قبل الجماعات المتطرفة quot;الإخوان المسلمينquot; فقط، بل من قبل الحكومة المصرية. وصرح الأستاذ طارق حجي -كاتب ومفكر مسلم- عن مشاكل وآلام الأقباط في إحدى مقالات لو كنت قبطياً ودون الآلام والمآسى التي يعيشها الأقباط، لو كنتُ قبطياً لملأت الواقع المصري والعالمي بالحقائق عن المناخ العام الضاغط اليوم في مصر على الأقباط.
* لو كنتُ قبطياً لجعلت العالم يعرف الظلم الذي حاق بالكثير من الأقباط في مصر منذ 1952 وجعلهم لا يتبوؤن ما يستحقونه من مناصبٍ سياسية ومناصبٍ تنفيذيةٍ عُليا، ناهيك عن ندرتهم بالمجالس النيابية.
* لو كنتُ قبطياً لملأت مصر والعالم ضجةً بسبب أنني أسدد ضرائباً تنفقُ منها الدولة على جامعة الأزهر، ولكنها لا تسمح لقبطي أو قبطية بالدراسةِ في أية كلية من كلياتها.
* لو كنتُ قبطياً لملأت الدنيا صخباً بسببِ أنني أُسدد ضرائب تبنى بها عشرات المساجد بينما لم تساهم الدولة المصرية في بناءِ كنيسة واحدة منذ 1952 باستثناء مساهمة الرئيس جمال عبد الناصر في تكلفة بناء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية منذ أربعين سنة.
* لو كنتُ قبطياً لملأت الدنيا بصوتي، لأن عدداً من المجالس النيابية الحديثة في مصر قد خلت من الأقباط تماماً.
* لو كنتُ قبطياً لنشرت المقالات تلو المقالات عن تجاهلِ وسائل الإعلام لشئوني ومواسمي الدينية وكأنني والأقباط غير موجودين في مصر.
* لو كنتُ قبطياً لجعلت الدنيا بأسرها تعرف ما الذي يحدث في حق تاريخ مصر القبطي ببرامج التعليم المصرية وكيف أن مادة اللغة العربية لم تعد لدراسة النصوص الأدبية وقصائد الشعر والروايات والمسرحيات والقصص، وإنما لنصوصٍ إسلامية محلها مادة الدين للطلاب المسلمين.
* لو كنتُ قبطياً لملأت الدنيا بالشكوى عما يعانيه الأقباط من أجل استصدارِ تصريح بإنشاءِ كنيسة (من أموالهم وليس من أموال الضرائب العامة التي ساهموا في حصيلتها).
* لو كنتُ قبطياً لجعلت الدنيا تقفُ على قدميها من هول ما يكتبهُ ويرددهُ بعض الكتاب المسلمين عن عدم جواز تولي القبطي الولاية العامة وعن الجزية وعن عدم صوابية إنخراط الأقباط في الجيش، كما كنت قد ترجمت على أوسع نطاق كتابات ظلامية مثل السخف الذي نشره على الملأ الدكتور/ محمد عمارة بتمويل من الأزهر الذي تأتي ميزانيته من دافعي الضرائب، ومنهم الأقباط اللذين يحقرهم كتاب أو كتب منشورة على نفقة الدولة.
* لو كنتُ قبطياً لقدت حملة داخلية وخارجية لإلغاء خانة الدين من بطاقة الهوية المصرية ndash; فلماذا يريد أي إنسان يتعامل معي في الحياة العامة أن يعرف طبيعة ديني؟
* لو كنتُ قبطياً لقدت حملة تشهير بالبيروقراطية المصرية التي جعلت قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين يرقد (لحد الآن) قرابة ربع القرن في أدراج هذه البيروقراطية الآسنة، ولحد أن الأقباط أطلقوا (من باب الفكاهة) على هذا القانون (قانون الأهوال الشخصية) وليس (قانون الأحوال الشخصية).
* لو كنتُ قبطياً لجعلت العالمَ يدرك أن قضية الأقباط في مصر هي عرضٌ واحد من أعراضٍ ذهنيةٍ شاعت وذاعت سطوتها في هذه المنطقة من العالم، وأن على الإنسانية كلها أن تجبر هذه الذهنية على التراجع عن مسيرتها الظلامية.
ولم يذكر الكاتب عن مشاكل خطف بنات الأقباط ودور أمن الدولة مع الجمعيات الشرعية في الأسلمة الجبرية.
مستقبل الأقباط:
كل ما ذكر في هذه النبذة عن حال الأقباط في الماضي والحاضر، أما المستقبل فهو بأيدينا جميعاً فلنعمل لنساهم معاً في رفع الظلم عن أهلنا في مصر ولإخراج مصر من مستنقع الدولة الدينية بأسلوبين داخلي وخارجي.
- داخلياً: بالعمل على تشجيع منظمات العمل المدني والتعاون مع الإخوة المسلمين الليبراليين لنشر صوت الحق والعدل والمساواة محلياً، وتنبيه الشعب المصري من مخاطر التطرف الديني والدولة الدينية quot;بأمثلة حية ما قامت به حماس في غزة والتنبيه من الفكر الظلامي لجماعات التطرف الديني والإخوان المسلمين، والتركيز على عدم انتمائهم لمصر بقصة المهدي عاكف صاحب الطزات الثلاثة الشهيرة خير مثال وطالبان في افغانستان....إلخquot;.
- خارجياً: باتباع روشتة الأستاذ طارق حجي الكاتب المسلم ديناً والمصري وطنا quot;لو كنت قبطياًquot; لنشر مآسي وآلام الأقباط عالمياً، وليكن شعارنا جميعاً quot;ما استحق الحياة من عاش لنفسهquot; ونعمل يداً واحدةً مع إخواننا المسلمين المستنيرين لتعود مصر لعصرها الليبرالي ومجدها العظيم وننتشلها من مستنقع الدولة الدينية، ذلك من منطلق الحب لمصر بلدنا الخالد في قلوبنا جميعاً.
المراجع
* مصر منذ دخول الإسلام للثورة - جاك تاجر.
* أوضاع الأقباط قبل وبعد ثورة 1952م - الدكتور سليم نجيب رئيس الهيئة القبطية الكندية.
* تاريخ أقباط مصر - الأستاذ عزت أندراوس.
* بمناسبة الذكرى ال51 لثورة يوليو - الأستاذ الكاتب والمحلل السياسي مجدي خليل.

مدحت قلادة

القيت في مؤتمر الاقباط في هولندا الذي انعقد في 15 كانون الثاني 2008