ليس ثمة شك في ان احتلال العراق سابقة تاريخية، من ناحية انه كان غزوا مع سبق الاصرار وتم بمؤازرة الكثيرين من ابناء البلد ذاته ولاسيما (رجال) المعارضة في الداخل والخارج.
وربما كان امرا معروفا لكثيرين ان هؤلاء الساسة عمل اكثرهم في المخابرات الاجنبية لامريكا والدول المجاورة، لكن مايثير الاستغراب انهم مانفكوا موظفون في تلك المخابرات حتى بعد ان اصبحوا مسؤولين كبار وزعماء كتل في الحكومة العراقية.
وتدل قرائن وادلة كثيرة ان من كان في لندن، ظل موظفا في مخابراتها. ومن اقام في عمان مازال ينسق مع اجهزتها السرية، والذي قضى دهرا في طهران مازال يتعاون معلوماتيا مع منظوماتها الاستخبارية. كما ان كثيرين مازالوا يتلقون مرتباتهم من المخابرات الامريكية على رغم انهم مسؤولون كبار الان.
ولعل لقب ( صاحب دكان سياسي) هو الاقرب اليوم في وصف اولئك ( الساسة )، ذلك انهم لم يحققوا من الانجازات سوى رفع ارصدتهم الشخصية في البلدان المجاورة والغربية، وشراء العقارات داخل العراق وخارجه حتى اذا اكتمل حلم الثراء قفلوا راجعين الى بلدان المهجر. وتستطيع ان تحصي كم من الساسة الان يقيمون في الخارج على رغم ان بعضهم الان في الداخل حيث يعدون وجودهم في العراق مؤقتا بحكم عملهم في ( التجارة) وليس في السياسة.
ان تاويل الانقضاض على العراق بهذه الطريقة الهمجية على يد الغزاة والساسة الفاسدين كان يبرره وجود دكتاتور على حد زعمهم. لكن ان يكشف هؤلاء الساسة عن نياتهم الحقيقية في تدمير العراق والاحتراب على الكراسي وسرقة اموال العراق فهذا امر عجب.
تعال الى عاصمة اوربية ما، لترى من كان يعيش على الضمان الاجتماعي من هؤلاء الساسة اصبح يملك من العقارات الشيء الكثير في الداخل والخارج. ومن رجع قافلا من ايران خالي الوفاض من المال والجاه، صارت له ارصدة وشركات. ومن عاش في عمان محروما، صار اليوم اكبر اثريائها واكثرهم ترفا. وغير ذلك كثيرين من ( ضرب ضربته) وهرب وبتنسيق مع اصحاب النفوذ اليوم على امل ان يتقاسموا (الغنيمة) فيما بعد.
اما العراقي البسيط فها انت تراه كما كنت تراه يائسا بائسا، وكان يجد في صدام سببا، لكن مرور الايام اثبت ان في الامر اسبابا اخرى واولها طبقة الفساد الجديدة في العراق المتمثلة بزعماء لايفقهون في السياسة سوى انها تجارة واكلات شهية في مطابخ المخابرات.
وهناك خلاصة.. فصدام على رغم حروبه التي اكلت الحرث والنسل، لكن العراق في زمنه سيد نفسه. اما اليوم فترى في الخنادق الامامية زعماء مازالوا يكتبون التقارير اليومية ويرسلونها الى مخابرات دولهم ( الاصلية ). والسؤال متى يخجل امرأ ويترفع عن ذلك احتراما لنفسه... فقد اصبح ( كبيرا ).
عدنان البابلي
التعليقات