صنع الاعلام من مسلسل باب الحارة حدثاً فنياً مرتقباً، والشيء الخطير ان يروج الاعلام العربي الذي يفترض به ان يقدم أفضل الاقتراحات والأفكار والتحليلات... لا ان يتم الترويج لعمل فني يحاول تكريس قيم اجتماعية تعود الى الزمن الغابر هي بالضد من حقوق المرأة والحريات العامة، ومفهموم المواطنة.


فالتركيز على الحارة هو بالضد من مبدأ الاخوة في العلاقات الانسانية والانفتاح بين البشر، وكذلك بالضد من مفهموم المواطنة والتعايش بين جميع الناس وفق مباديء العدالة والمساواة بعيدا عن التخندق المناطقي والطائفي والعرقي.


وفي مسلسل باب الحارة دعوة خطيرة لتكريس سلطة رجل الدين على حياة الناس والتحكم بطرق تفكيرهم وخياراتهم في الحياة، وضرب لقيم الحرية وضرورة استعمال العقل.


وقد غاب عن المسلسل الشخصيات المثقفة الواعية، وطوال حلقاته لم نشاهد شخصا واحدا يمسك بكتاب أو يقرأ جريدة، او نرى مشهد صف مدرسة يتعلم فيه التلاميذ.


وكانت المبالغة واضحة في فبركة وحشر موضوع مقاومة الوجود الفرنسي، فصناع المسلسل يبدو انهم وقعوا تحت تأثير الشعارات الغوغائية وعنترياتها، وتحول مسلسل باب الحارة الى فلم هندي في مبالغاته ولامعقوليته عندما تعرض الى قضية التعامل مع الوجود الفرنسي، والغريب ان المسلسل تجاهل التحولات الحضارية التي أحدثها الفرنسيون في البلدان التي دخلوها مثل : مصر ولبنان وسوريا، وماحصل بفضل الفرنسيين من تطورات اجتماعية وثقافية وسياسية.


لقد كان مسلسل باب الحارة عمل ساذجاً افتقر الى تقديم المتعة الفنية والمضمون الرصين، وهو لايستحق كل هذه الدعاية والضجة المثارة حوله.

خضير طاهر

[email protected]