وقفت على مقال للكاتب الرياضي (سامي الكاف) في جريدة المصدر اليمنية.. المقال يتحدث عن استبعاد منتخب اليمن للناشئين من الدور ربع النهائي من بطولة آسيا للناشئين لكرة القدم التي تجري أحداثها في أوزبكستان بسبب وجود لاعب تجاوز سنه القانوني الــ16 عاماً.. وقد ألغيت جميع نتائج المنتخب اليمني في البطولة لوجود اسم هذا اللاعب في قائمة اللاعبين المشاركين في جميع المباريات.. الخبرعادي جداً ولا يوجد مصدر للغرابة فيه خاصة في بطولاتآسيا للمراحل السنية والتي يكثر فيها التزوير والتلاعب بأعمار اللاعبين!!..

ولكن الإتحاد اليمني لكرة القدم لم يتقبل هذا الاستبعاد، واستنكره بشدة.. حيث أفاد مصدر من داخل الإتحاد اليمني أن قرار الاستبعاد.. quot;مؤامرة تحاك ضد المنتخب الوطني للناشئين تهدف إلى إقصائه من البطولة بعدما تمكن من بلوغ دور الثمانية بجدارة واستحقاقquot;!!.. وأكمل هذا المصدر تعليقه قائلاً: quot;دفاعاً عن حقوق المنتخب وسمعة الكرة اليمنيةquot;!!..

لا أملك معلومات كافية عن خلفية هذا الاستبعاد.. ولا أعلم كثيراً عن منتخب اليمن للناشئين.. ولست مهتماً كثيراً بمتابعة الكرة الأسيوية للكبار فضلاً على أن أتابع المراحل السنية الأخرى.. ولكن استوقفتني جملتي quot; المؤامرة!quot; و quot;سمعة الكرة اليمنية!quot;.. حيث يبدوا أن إدمان نظرية المؤامرة عند الجنس العربي عميق لدرجة أن منتخباً بحجم المنتخب اليمني وللناشئين يعتقد جازماً أنّ هناك مؤامرة لاستبعاده وحرمانه من البطولة !!.. وأنّ هذه المؤامرة تسعى لوقف مكتسبات الكرة اليمنية وإنجازاتها، ولذا فإن الإتحاد اليمني بدا حريصاً على الحفاظ على سمعة الكرة اليمنية وعلى مكتسباتها!!..

أحترم كثيراً الكرة اليمنيةواتحادها الوطني.. واحترم عجلة التطور والنمو في هذا البلد العربي.. ولكن دعونا نفكر بشئ من العقل وترك العاطفة خلف ظهورنا.. إذ يبدوا غريباً وخبراً غير قابل للتصديق أن ثمة مؤامرة تستهدف المنتخب اليمني للناشئين.. فأين هو مستوى الكرة اليمنية في خارطة الدول الآسيوية حتى يتفرغ الإتحاد الآسيوي لصنع مؤامرة لإيقاف هذا المنتخبللناشئين.. لاحظوا للناشئين وليس منتخب الكبار!!.. ثم ماهي مكتسبات وإنجازات الكرة اليمنية ndash; بجميع فئاتها العمرية ndash; حتى يسعى الإتحاد اليمني للحفاظ عليها وعلى سمعة الكرة اليمنية!!.. الواقع لا توجد إنجازات تُذكر للكرة اليمنية حتى تدخل نظرية المؤامرة للميدان ويتم الاستعانة بها ضد هذا القرار!!..

مرة أخرى، لست في معرض الاستهزاء أو السخرية بالكرة اليمنية.. ولست من أنصار ذلك القرار.. ولكن أزعجتني quot;نظرية المؤامرةquot; التي أصبحت إدماناً نهرب بها نحن العرب (وربما المسلمون) من مشاكلنا الداخلية وإهمالنا وفوضويتنا وتكاسلنا.. حتى أصبحت هذه النظرية هي الخيار الأفضل لإلقاء التهم الجاهزة على الطرف الأخر ونخلي بعد ذلك مسئوليتنا منها ومن تبعاتها!!.. فإن لم يكن الغرب هو سبب تخلفنا وتأخرنا فالداء إذاً من الداخل.. والجميع يتآمر على بعضنا البعض.. وتبدأ بعد ذلك أدبيات التشكيك وفقدان الثقة.. وأن هناك من يطبخون المؤامرات لإيقاف المكتسبات والإنجازات الوطنية والفردية والاشتراكية والشعبية والليبرالية والأصولية وغيرها من الشعارات التي تحظى بشعبية مستمرة قد تنتهي أمم وتسقط دول ولكن تبقى هذه الشعارات عصية على الانتهاء أو السقوط!!..

ربما أنّ هناك مؤامرة تستهدف منتخب اليمن للناشئين، ولكن أليس من الأجدى على الإتحاد اليمني مراجعة مشاركة المنتخب اليمني في البطولة وعمل تحقيق عن الإهمال الذي ربما طال أعمار اللاعبين والذي قد يكون اجتهاداً من القائمين على هذا المنتخب!!.. أليست نظرية المؤامرة هي هروب من أولئك القائمين على المنتخب لصرف الأنظار عن تجاوزاتهم وإهمال بعضهم الذي كانت نتيجته مؤثرة على أحلام وطموحات الكرة اليمنية!!..

متى تذوب هذه النظرية من عقل الإنسان العربي ويستبدلها بالعمل ومراجعة الأخطاء واتهام الذات أولاً قبل اتهام الطرف الأخر أو الأطراف الأخرى!!.. ومتى نتوقف نحن العرب عن إلقاء أسباب تأخرنا على غيرنا ونبقى بلا أخطاء تستدعي التصحيح والمراجعة!!.. نعم هناك مؤامرات تُحاك، ومن الحمق أحياناً أن نستخف بها أو نتجاهلها، ولكن يجب أن نكون أكثر ذكاءاً في رصد تلك المؤامرات وإنزالها منازلها التي تنطبق عليها دون إسراف أو ابتذال لهذه الكلمة.. ثم بعد ذلك التعامل مع تلك المؤامرات وإبطال مفعولها.. ولكن أن يتم استخدام هذه النظرية في كل أحوالنا ومعاملاتنا، حتى ولو كانت في قضية استبعاد منتخب اليمن وللناشئين، فهذا هو ربما الحمق بعينه!

الدكتور خليل اليحيا

المشرف العام على الملتقى السعودي في أمريكا

[email protected]