توجد حقيقة لايمكن انكارها تتعلق في المجتمعات الشرقية، وهي فشل الثقافة في إحداث التغيير المطلوب فيها، فحملات التوعية والتثقيف عبر وسائل الاعلام والمؤسسات الثقافية والتعليمية أخفقت بشكل ذريع في تحقيق التطور والتقدم في الفكر والسلوك ونشر العقلانية والايمان بقيم الحرية وحقوق الانسان والنظر الى الذات والعالم بمنظور عقلاني انساني متحضر.


فالمجتمعات الشرقية متمترسة بقوة وراء ترسانة التخلف والخرافة والسلوك العدواني والفهم المغلوط للمفاهيم والدين والعالم وإقصاء خطير للعقل بل المثير للغرابة ان المجتمعات الشرقية التي تعيش في قلب الحضارة في أوربا وامريكا لم تستطع هذه الحضارة التأثير فيها وتهذيبها وتخليصها من موروثها المتخلف وجعلها تؤمن بشكل حقيقي بقيم الحرية وتقبل الاخر المختلف واحترام القانون واهمية العقل.


هذه الحقائق تكشف ان مشكلة المجتمعات الشرقية ليست مشكلة معرفية ثقافية تتعلق في نقص المعلومات والوعي، وانما أساس المشكلة يكمن في وجود معوقات نفسية تسكن منطقة اللاشعور تمنع - غالبا - الشرقي من التخلص من احماله الثقيلة وتحفيزه الى التطور والتقدم وبحسب عالم النفس الفرنسي بيير داكو فأن الحوار العقلاني لاينفع مع المريض نفسياً لانه يكون حوارا مع اللاشعور وهذه المنطقة لها لغتها الخاصة البعيدة عن الطرح العقلاني، وجميع مشاريع التنمية والبناء والتطوير تستعمل لغة العقل التي لايوجد بينها وبين اللاشعور أي حوار مشترك.


فالأمراض النفسية الراقدة في منطقة اللاشعورالتي هي سبب التخلف لاينفع معها عمليات التثقيف ومحاولات نشر الوعي، وانما اللاشعور بحاجة الى عملية تفكيك وتحليل ودفع الشخص المريض الى استبصار طبيعة معوقاته الذاتية والتخلص منها بجهد ذاتي يستند الى مساعدة المحلل النفسي.


ولعل هذا ما يفسر لنا سبب فشل المجتمات الشرقية التي تعيش في أوربا وامريكا في التعلم من منجزات الحضارة، لأن المعوقات النفسية بقيت كما هي دون اجتثاث، وظلت هذه المجتمعات سجينة داخل أمراضها التي تعتبرها تقاليد واعراف مقدسة تمثل كرامتها وهويتها، ونفس الكلام ينطبق على المجتمعات الشرقية التي تعيش في بلدانها في الشرق.

خضير طاهر
[email protected]