كان من المفروض أن يكون المقال التالي أول الغيث، إلا أن الرياح قد جرت بما لا توده سفني. وكي لا نمارس طقوس الجحود ومن أجل أن نكون صادقين مع قناعاتنا ومبادئنا، لابد من أن نشير إلى أن جريدة إيلاف قد قامت بخطوة جبارة نحو دمقرطة الولوج لوسائل الإعلام.
فالتدوين كان نتيجة حتمية لاحتكار المواقع وإقصاء الأصوات المعارضة والناشئة من المساهمة في حركة تنويرية يشهد فضاء الشبكة العنكبوتية بإيجابياته وسلبياته مراحلها. وإلى عهد قريب كان التدوين في الوطن العربي هزيلا ويصعب التنبوء بآفاقه والقول بوجود حركة تدوين عربي، قادرة على تشكيل لوبي يحسب له ألف حساب في فضاء تراكمت عليه كل أنواع الإقصاء والقمع والاستبداد الفكري إلى جانب انحطاط في زمن لم يعد يسمح بالمزيد من والفشل.
إيلاف بخطوتها الجبارة والفريدة أعطت الفرصة لكل أمل صاعد في أن يعبر عن رأيه بجرأة ومسؤولية، وفي أن يبوح بما كان إلى عهد قريب بالنسبة إليه حلما يصعب تحقيقه، بالنظر إلى العوامل الذاتية والغيرية.
فجهل ماهية التدوين شكل بالنسبة للبعض عائقا أمام أخد المبادرة مادامت معرفته بأدوات التدوين تكاد تكون منعدمة، هذا إلى جانب التساؤل حول الجمهور المخاطب فيكاد سؤال لمن أكتب؟ يكون محوريا، فمختلف مواقع التدوين العربية quot;رغم المجهودات التي تبذلهاquot; تكتفي بتوفير مساحة للمتلقي من أجل أن يصبح ملقيا ويقوم بالبدء في خلق صحيفته الشخصية والشعبية وذلك قصد ممارسة سلطة إعلامية ذاتية...لتتركه يجابه فرضيات النجاح والفشل. ولكن الملاحظ في تجربة إيلاف الفتية هو تلك الاستمرارية في تذكير وتنبيه المدونين إلى خصائص ومميزات مختلف أدوات التدوين، وقد يحسب البعض بأن ذلك رقابة أم فرض لاتجاه معين، ولكن العكس هو الأصح. فإيلاف كجريدة مميزة تريد مدونات مميزة تجمع في ثناياها كل مقومات النجاح ولن يتحقق هذا إلا بتكوين مستمر يعطي للمدون الخبرة اللازمة ويجعله واعيا وملما بجل المعطيات والتي بها يمكن أن نحكم على مدى نجاح مدونة معينة أم فشلها.
وحري أن ننتظر من إيلاف المزيد لكون هذا التكوين يشكل رافدا إثرائيا لتجربتها الفريدة والتي ستجعل منها صرحا تدوينيا ذا خصوصية وتجربة فريدة فحتى في شعارها quot; دون في بيئة صحفيةquot; تلمس ذلك التميز والرغبة في السمو بالمدون والجريدة معا.
ومن اجل إنجاح الرهان وجعله واقعا ملموسا يتولد عنه ما هو قادر على الإبداع والتألق والتعبير عن الآراء بجرأة ومسؤولية يتوجب على المدونين وإيلاف تشكيل تحالف إستراتيجي، هذا الأخير الذي لن يتفعّل إلا بالنفس الطويل والإبداع الأصيل quot;من أجل إيلاف جديرة بمدونيها ومدونين جديرين بإيلافهم quot;وكل إيلاف وأنتم بخير.
خالد العوني
من مـدونة رسالة الحقيقة في مدونات إيلاف
التعليقات