وردت في كواليس الأنباء و الأحداث معلومات عن قيام وزير المالية في حكومة التحاصص العراقية ( بيان جبر الزبيدي) خلال زيارته الأخيرة للكويت بالطلب من الحكومة الكويتية تضييق الخناق الأمني على معارضي حكومة المالكي في العراق!! و قد حملت الأنباء أيضا خبرا عن قيام قوات الأمن الكويتية بمحاصرة ديوانية السيد ( إسماعيل الوائلي ) و هو شقيق محافظ البصرة الحالي محمد الوائلي و حيث يتخذ هذا الشقيق موقفا معارضا للحكومة الحالية!!

و إن صحت هذه الأنباء فهي دلالة سيئة للغاية على إستعادة صفحات تاريخية و ذكريات مؤلمة كنا نتمنى لو أنها طويت نهائيا و جذريا إلا أن العودة إليها و لأساليبها تمثل إعادة للتاريخ و لكن بصورة هي القمة في المهزلة و السخرية! لأن توريط أجهزة الدولة الأمنية في تصفية حسابات سياسية لصالح طرف من الأطراف هو من الأمور المثيرة للحيرة و للرفض و للإستهجان و لا نتمنى على الأخوة في الكويت أن يتلوثوا بأوساخ السياسة العراقية و صراعات أحزابها التعبانة برجالها المنهكين و بأفكارهم العدمية و الخرافية و الأسطورية و نزاعاتهم التي لا تنتهي حول الكعكة العراقية الدسمة...!

لا أدري بالضبط مقدار مصداقية تلك المعلومات و لكننا من خلال الخبرة الحياتية و السياسية و ألأمنية و التاريخية المتراكمة نعلم جيدا من أن كل الإحتمالات واردة، و كل ما نتصوره في عالم الخيال يمكن تحققه في أية لحظة، و أعتقد أن ما قامت به أجهزة الأمن الكويتية خلال مرحلة الثمانينيات القلقة و المتفجرة من مداهمات أمنية و إعتقالات تعسفية و إنتهاكات كانت واضحة لحقوق الإنسان و أقرت بها الحكومة الكويتية نفسها بعد الغزو العراقي يعيد للذاكرة الشعبية العراقية المثقلة بالآلام و الذكريات المرة كل معاني الأسف لهذا الأسلوب الجديد في ملاحقة و مضايقة المعارضين سلميا من الذين لا يملكون سوى الرأي للتعبير و لا يؤمنون بالعنف، فالرأي قبل شجاعة الشجعان و إشكاليات و مداخلات الصراع السياسي العراقي الداخلي تفرض على دول المنطقة أن تكون حذرة للغاية في التعاطي مع ذلك الملف و أعتقد إن إماطة اللثام عن وجود عميل لنظام مجاور في جهاز أمن الدولة الكويتي وهو ضابط برتبة مقدم تمكن من إستغلال حاسوب أمن الدولة في رفع الأسماء المشبوهة و تقديم المعلومات الأمنية السرية لنظام مجاور قد يكون النظام العراقي أو النظام الإيراني يشعل أكثر من ضوء أحمر، و يقرع أكثر من جرس أنذار، ففي الكويت اليوم تدور أمور غريبة و تتحرك أطراف إقليمية عديدة و للنظام الإيراني و أجهزته السرية و أحزابه العقائدية ذات التنظيم السري بخلاياها النائمة و بمسمياتها المبهمة و بخططها السرية الجاهزة للتنفيذ حضور مكثف، حيث تظل الكويت واحدة من أهم مراكز المنطقة الخليجية، و نجاح النظام الإيراني المذهل في إختراق العراق بالكامل و من مختلف الزوايا و الثقوب و من ضمنها الحكومة العراقية ذاتها بأحزابها المؤسسة و الممولة و المدعومة إيرانيا قد جعل الساحة الإقليمية مفتوحة بالكامل و مخططات التوريط الإيرانية الحالية متشابهة تماما مع مخططات التوريط التي كان نظام صدام البائد يعمل وقتها بدقة و شراسة من أجل إقرارها، فليس سرا أبدا القول بإن كل الإعتقالات و الإجراءات الأمنية التي قامت بها الأجهزة الأمنية الكويتية ضد المعارضين العراقيين في الثمانينيات كانت بتخطيط و توجيه من المخابرات العراقية التي كانت متلصلصة في العديد من المواقع الكويتية الحساسة!!

و اليوم تلعب المخابرات الإيرانية و حلفاؤها في المنطقة نفس اللعبة الخبيثة السابقة و بوسائل قد تكون أكثر إبتكارا... فهل يعيد التاريخ نفسه و تستنسخ المأساة شقيقتها؟.. نتمنى العافية.. و لكن بصراحة يمكن القول بكل ثقة: مفيش فايدة..!.

داود البصري

[email protected]