فى العام الماضى تفضلت إيلاف بنشر إحدى المقالات وكان عنوانها quot;سبتمبرياتquot; وكانت مناسبة المقال فتوى عجيبة تقيئها أحد المتفيقهين بتكفير جميع الليبراليين والدعوة إلى قتلهم حدا! وأتذكر أن ذلك المفتى قد تراجع عن فتواه وهذا التصرف قد صار متواترا بين الفقهاء، أن يفتوا بالفتوى ثم يندموا عليها ويتراجعوا عنها ويلحسونها عندما يستشعرون أنها كانت زائدة حبتين ولن تمر. وكان معنى تلك الفتوى أن يبدأ قتل اليبراليين من أول العفيف الأخضر حتى كاتب هذه السطور الفقير، مرورا طبعا بالسادة شاكر النابلسى ونبيل بك شرف الدين وسيد القمنى ناهيك عن سامى البحيرى ومجدى خليل الذى كان يستحق أن يقتل مرتين، مرة تبعا لأنه ليبرالى قح وأخرى لأنه والعياذ بالله مسيحى! وقبل هؤلاء السيد العمير ونصف كتاب وقراء إيلاف على الأقل!


أكرمنا الله فى سبتمبر من هذا العام بعدة فتاوى من ذلك النوع. الأولى بقتل جميع أصحاب الفضائيات عدا قنوات إقرأ والمنار وتلك التى تضمن لمشاهديها دخول الجنة! وما أدراك ما الجنة، حوريات وطيور محمرة ومشوية ومسلوقة تأتى بمجرد الإشتهاء، كل هذا لمجرد مشاهدة قناة تجارية وبدون أن تقتل نفسك ومعك ماتيسر من الأبرياء!


أما الفتوى الأخرى وأظن أنها تقع فى باب الفكاهة السوداء حتى أن مذيعى العالم كله لم يتمكنوا من كبت ضحكاتهم وهم يشيرون إليها، ألا وهى قتل ميكى ماوس فى الحل والحرم! وقد تفضلت إحدى أساتذة الأزهر بالمطالبة بوقف تلك الفتاوى quot;السخيفةquot; على حد وصفها. ولكن لم تقل لنا تلك الأستاذة كيف تكون تلك الفتوى سخيفة وفتواها هى التى أعلنتها قبلا من وجوب قتل أحد المتنصرين بالسيف تحديدا ليست سخيفة!


أما الفتوى أو الرأى الذى أبداه سيد المتفيقهين الموصوفين بالإعتدال فهى التحذير من التشيع الجارى فى مصر والبلاد العربية. وكان رأيه هذا يكون مفهوما لو كان إعتراض سيادته على تبعية بعض المتشيعين للأيدولوجيا الإيرانية وعملهم كطابور خامس ضد بلدانهم، أما وأن كل إعتراضه على مجرد تشيع بعض السنة، ومقولته أن بلادا كانت كلها سنة فدخلها التشيع، فهى مقولة فى غاية السخف. ما قول سيادته لو أن البلاد الغربية أخذت بفحوى فتواه وقال سياسيوها أن بلادا لم تكن تعرف أن هناك عقيدة إسمها الإسلام هى الآن الأسرع إنتشارا فى بلدانهم؟ كيف لبلاد مثل فنلندا والسويد وبلجيكا وسويسرا والدانمارك أن تتقبل مسلمين وافدين إن كان هو لا يتقبل أن يتشيع بعض أبناء طائفته من أهل البلاد الأصليين!؟ ناهيك طبعا عن فرنسا وإنجلترا وأميركا وإستراليا!


مشكلة هؤلاء المتفيقهين أنهم لا يستعملون عقولهم ولا يفكرون ولا يقدرون التبعات أبدا. تسأل المتفيقه ماحكم القط لو أخرج نارا من إسته فيرد عليك فورا بما تيسر له من أى كلام. لا يفكر كيف لقط أن يخرج نارا، المهم أن يفتى وفورا على أى سؤال. هل سمعتم مفتيا أبدا يسأل وقتا لكى يفكر أو يقرأ أو يعود لمراجع قد تعينه على إجابة سؤال ما، أبدا؟ تسأله ما حكم الكلب الأسود لو مر على مصل، يرد عليك فى الحال بحكم سخيف. هل فكر ما ذنب ذلك الكلب أن خلق أسودا؟ وما الفائدة من السؤال أو من الجواب؟ أتذكر دراستى على يد الشيخين أبو العينين وأبو زهرة وكانا من أكابر أساتذة الشريعة آنئذ وهم يدرسوننا حكم حامل قربة الـ...! كنت ولا زلت لا أعرف كيف تمتلىء قربة بالـ...وهل ينطبق ذات الحكم على البالونة المملوةء بالـ... ياترى!؟

عادل حزين
نيويورك