يظن العديد من المسلمين خطأ ً أن شعار quot; يالثارات الحسين quot; الذي ترفعه المواكب الحسينية شعارٌ طائفي من شأنه إثارة النعرات المذهبية والمخاوف على النفس والعرض والممتلكات لدى قطاعات كبيرة من المسلمين. وينبع خطأ هذا الظن من أساس النظرة الخاطئة إلى النهضة الحسينية. فالعديد من المسلمين ينظر إلى الإمام الحسين كإمام للشيعة فحسب، ومن هنا فهم يصفونه في إعلامهم وكتبهم بالإمام الثالث للشيعة. وهكذا فهؤلاء المسلمون ينظرون إلى النهضة الحسينية الإصلاحية في كربلاء العام 61 للهجرة على أنها حركة ثورية شيعية ضد حكم سنـّي! وتبعا ً لذلك يعتبرون أي احتفاء بذكرى شهادة الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه حتى لو كان هذا الإحتفاء مقتصرا ً على ذرف الدموع نوعا ً من عقد النية على التمرد على الواقع السائد والثورة على الحكومات التي تمثله. فكيف إذا ترافق الأمر مع إطلاق هتاف ورفع شعار quot; يالثارات الحسين quot; الذي يعتبره هؤلاء إعلانا ً للحرب على الوجود المسلم السنـّي شعبيا ً ورسميا ً وانطلاقا ً للتطهير العرقي quot; الجينسايد quot; الشيعي ضد السنـّة!


لهؤلاء الإخوة والأخوات الطيبين المتأثرين بالدعايات السلفية ينبغي القول إن شعار quot; يالثارات الحسين quot; هو أكثر الشعارات وحدوية ً في سياق الشعائر الحسينية. فهذا الشعار يستهدف التأصيل والتجذير لمقاومة الظلم و الظالمين وعقد النية القلبية على الوقوف في وجههم دائما ً وليس بالضرورة أن يكون هؤلاء الظالمون حاكمين أو يمتلكون سيادة ً ما. ومادام الإمام الحسين رمزا ً لوقوف الحق في وجه الباطل بغض النظر عن المذهب والدين والعرق والثقافة والعصر، لذلك فالمطالبة بأخذ ثأره إنما هي تصميم لمعسكر الحق على التصدي لمعسكر الباطل في كل زمان ومكان.


لقد كان يزيد بن معاوية ونظامه بكل رؤوسه وتجلياته وتاريخه ورجاله نموذجا ً لمعسكر الباطل وقيمه وغطرسته ماضيا ً ولاحقا ً، وعلى هذا فينبغي لجميع المكافحين من أجل الحق والعدل والحرية وجميع المظلومين رفع شعار quot; يالثارات الحسين quot; للثأر لقيم الحق المداسة تحت الأقدام، من الباطل الذي يعم ّ دنيانا.


ليرفع ndash; على سبيل المثال ndash; الصامدون في غزة بغض النظر عن أديانهم ومذاهبهم وحركاتهم القتالية والسياسية شعار quot; يالثارات الحسين quot; في مواجهة عدوهم، ولينظروا كيف سيمنحهم هذا الشعار قوة ومنعة وحافزا ً على الصبر، خاصة ً وأن ظروفهم وجثثهم المتناثرة في الشوارع وأوصال أطفالهم المقطعة وشبـّانهم المجزّرين كالأضاحي تكاد تكون امتدادا ً لكربلاء الدامية.


وليعتصم بشعار quot; يالثارات الحسين quot; كل المقاومين للإرهاب في العراق، ممن تتمزق أشلاء شهدائهم مع رمم الإرهابيين المتطايرة، في الكاظمية واليوسفية والفلوجة وكركوك والموصل وكل مكان من العراق، ولينظروا كيف سيحفـّزهم هذا الشعارعلى التقدم معا ً إلى أمام لسحق فلول عدوهم تماما ً وتخليص وطنهم من شروره.


شعار quot; يالثارات الحسين quot; الذي رفعه التوابون بقيادة الصحابي أو التابعي الجليل سليمان بن صـُرَد الخزاعي عقب استشهاد الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه quot; تكفيرا ً quot; لذنب لم يرتكبوه إذ كانوا سجناء النظام الحاكم حينذاك في معظمهم خلال واقعة كربلاء أصبح في القرون اللاحقة شعارا ً أثيرا ً على نفوس جميع الثوار والإصلاحيين وإن لم يجر ِ على ألسنتهم أو يرفع في راياتهم. فهم يتأرون جميعا ً للحق من الباطل، أي للحسين من يزيد.
فممـّا الخوف إذن من هذا الشعار الوحدوي؟

علاء الزيدي

www.elaphblog.com/alzeidi