عندما قدمت للقطاع الألماني بسويسرا لم أكن على دراية باللغة الألمانية مما دعاني للالتحاق بإحدى المدارس المتخصصة في تدريس اللغة الألمانية، وحينئذ اكتشفت الحضارة الفرعونية وولع الأوروبيين بها حتى لفت انتباه جميع الأنظار لكوني مصري وتولدت علاقة صداقة مع القائمين على تدريس بتلك المدرسة.


وذات يوم في حلقة للنقاش تحدث فيها كل منا عن بلده، حيث كان هناك العديد من الجنسيات كمثل إيطاليا وموريشيوس واليابان وبيرو والبرازيل ومصر بالطبع..
سألني المدرس هل تحب مصر؟
بالنفي أجبت أنا لا أحب مصر!
تعجب المدرس والأصدقاء لثوان معدودة إلى أن أكملت أنا لا أحب مصر بل أعشقها.. فالعشق درجة أكبر وأعمق وأصدق من الحب..
الحب علاقة متبادلة، يتوقف مداها على العطاء والعلاقة الجيدة بين الطرفين، أما العشق ليس درجة أعلى فقط بل درجة أسمى أيضاً إذ لا يتوقف العشق بكمية المشاعر بين الطرفين فقط بل إنه حب بلا شروط بلا حدود أيضاً.
فعشقي لبلدي موطن أجدادي مصر بها نشأت وترعرعت، تنسمت هوائها، والتحفت بسمائها، دخلت مدارسها، وتخرجت من جامعاتها، بها كنيستي المجيدة quot;كنيسة الشهداءquot; حيث روت دماء أجدادي أرض مصر الطيبة، شربت إيمانها القوي، إيمان أجدادي الذين حفظوا الإيمان بدمائهم الذكية منذ بشارة القديس مار مرقس الإنجيلي للان.


تعلمت من العظة على الجبل الحب والوداعة والاتضاع والإيمان...
تعلمت من السيد المسيح الجراءة في الحق quot; بيتي بيت صلاة يدعى quot; quot; وان كنت فعلت رديا فقل لي وان لم افعل فلماذا تضربني quot;
تعلمت من رسائل القديس بولس الرسول عدم الخوف والثبات على الرأي في الحق وطلب محاكمة عادلة برفع قضايا لقيصر شخصيا
تعلمت من القديس يعقوب الرسول كيف يكون الإيمان عملي، ليس مجرد كلمات جوفاء بل إيمان عامل وأردد دائماً كلمته الجميلة quot;أريني إيمانك بدون أعمالك هكذا الإيمان أيضا إن لم يكن له أعمال ميت في ذاته. rlm;لكن يقول قائلا أنت لك إيمان وأنا لي أعمال. أرني أيمانك بدون أعمالك وأنا أريك بأعمالي أيماني ) ( رسالة القديس يعقوب2 : 17 و 18 )rlm;.
اغتربت تاركاً بلدي عن اقتناع بعودتي لمصر قريباً جداً فإذ بي أجد نفسي منبهراً بسويسرا هذا البلد الرائع الجميل في النظام والنظافة وحب مواطنيه للآخر (القادم من بلد آخر).


تذكرت كمَّ المآسي والآلام التي عشتها بمصر على سبيل المثال:
عدم قبولي للعمل في شركة بترول رغم انبهار الممتحنين بسرعة بديهتي وإصرار الأستاذ مصطفى معرفة اسمي ثلاثياُ أو رباعياً لمعرفة ديني!


حرق كنيستي بعد إصرار قوات الأمن بالخروج منها رغم إصرارنا بالرفض وعدم ترك الكنيسة في أحداث الزاوية الحمراء عام1981
الاستعلاء والنرجسية الدينية ضد عقيدتي المسيحية التي عانيت منها في مراحل التعليم المختلفة من بعض المدرسين وبعض زملاء الدراسة.
الهجوم الأسبوعي من الشيخ الشعراوي على عقيدتي المسيحية فى التليفزيون وعدم السماح بالرد.
بدء انتشار المد الوهابي بمناحي الحياة في مصر ليحول الشارع المصري لصورة كئيبة ونسائها لخيم سوداء quot; جثث بلا أرواح quot;.

أخيراً هناك الكثير من الآلام والذكريات المرة عشتها بنفسي في مصر رغم مرور السنوات ازداد الاضطهاد والتعصب وطالت فترة غربتي فرغم كل تلك الظروف والأحداث المريرة ازداد عشقي لمصر وتراب مصر الغالي، وتدفقت لديَّ مشاعر ضرورة الدفاع عن حقوق المضطهدين انطلاقاً من حبي لبلدي مصر ووجدتني أردد مع أحمد شوقي تلك الأبيات الراقية:
وطني إن شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي
فمهما طال بي العمر لن أترك قضيتي وأبنائي سأربيهم على عشق مصر ليدافعوا عن بلدي من بعدى ليعود لمصر مجدها السابق وليعم الحب والاخوة بين ربوعه ويصبح شعار مصر للمصريين ويرحل الأبناء الغير شرعيين أصحاب quot; الطزات الثلاثة quot; ومن على شاكلتهم.


أخيرا قد يجد الجبان 36 حلا ولكن لا يعجبه سوى حل واحد منها وهو الفرار quot;
The coward will find 36 solution to his problem but the only one he prefers، is escaping


مدحت قلادة
[email protected]