هذا المقال ترددت في كتابته طيلة فترة سجن أيمن نور بتهمة التزوير والتي حكم عليه بسببها خمس سنوات قضي منها ما يقرب من أربع سنوات خلف الأسوار، وهي الجريمة التي إرتكبها أيمن نور في حق الاقباط. والذي منعني من الكتابة هو شعوري إن الرجل يمر بمحنة وإيماني ببرائته في القضية التي أتهم فيها، بل إنني لم اكتفي بعدم توجيه اللوم والعتاب لنور بل كنت مع العديد من الأقباط الذين إنضموا مع لفيف من المصريين الشرفاء للدفاع عن أيمن نور. والأن وقد حصل نور علي حريته أتقدم له وللعظيمة جميلة إسماعيل بالتهنئة القلبية الخالصة. لقد أسعدتنا جميعا مفاجأة الإفراج عنه وقد كانت المفاجأة ثمرة جهود جمع غفير من المصريين كان الأقباط في مقدمتهم وقادت حملة المطالبة بحريتة وبإقتدار السيدة جميلة إسماعيل التي لم تيأس طيلة اربع سنوات، وليسمح لي أيمن نور بتوجيه هذا العتاب.

أولا نحن لا نعايرك بوقوفنا معك في محنتك بل وقوفنا معك هو شرف لنا لأننا في دفاعنا عنك هو دفاع عن وطن سجين وطن يسكن قلوبنا حيثما ذهبنا، ولما كنا نحن قد تجرعنا كأس الظلم ومازلنا نتجرعه ندرك جيدا مدي مرارته وقسوته ولذلك كنا من أكثر المتعاطفين معك ومع قضيتك والمناضلين من أجل حريتك لإننا ندرك مدي المعاناة التي يعانيها المظلومين. ولكن الجريمة التي إرتكبتها في حقنا نحن الأقباط لن يمحيها الزمن من ذاكرتنا وخصوصا إنها إقترنت بأكبر جريمة إرتكبت في حق الأقباط في العشر سنوات الأخيرة، وهي جريمة قتل واحد وعشرين قبطيا بقرية الكشح في محافظة سوهاج. فعند مناقشة مجلس العموم البريطاني لمذبحة الكشح أخذ السيد الدكتور ايمن نور علي عاتقه مهمة الدفاع عن القتلة والمجرمين امام مجلس العموم البريطاني. بل راح يردد ما يردده النظام الذي وضعه خلف الأسواربعدها بخمس سنوات!!! من أن حادث الكشح هو حادث فردي قد يحدث في أي مكان في العالم وفي أي قرية اخري، وراح يدافع عن الأمن ورجال الأمن بالرغم من أن كل المصريين الشرفاء يعلمون أن حادث الكشح كان الأمن هو الذي دبر له ولولا تقصيروأخطاء وتجاوزات الأمن لما كان هناك حادثا من الأساس. بل حمل نور المسؤلية علي الانبا ويصا أسقف البلينا ووصفة بأنه من أكثر المتطرفين، وكأن الأنبا ويصا وهو الذي حمل بندقيته وأطلق الرصاص علي أولاده من الأقباط. كل هذا فعله أيمن نور ودم الضحايا الأبرياء لم يجف بعد ودموع الأقباط ما زالت تجري وجرحهم مازال ينزف ورؤسهم مذلولة منكسرة. وأه...و أه من كسرة النفوس ومذلة الرجال وإنحناء الهامات الأبية التي لم يرحمها أيمن نور ولم يرحم دموع الأقباط وبدلا من أن يواسيهم فيما أصابهم راح يدافع عن المجرمين الذين إرتكبوا جريمتهم. لقد كان أيمن النور السبب في ضياع حقوق شهداء الكشح بعدما نجح في التهوين من الجريمة علي المستوي الدولي، مما كان له أكبر الأثر علي أن يفلت الجناة من العقاب وأن يحصلوا علي البراءة بعد ذلك. لقد ساعدت جهود أيمن نور في أن عدم محاسبة أي فرد من رجال الامن علي تقصيره في مذبحة الكشح. بل تم ترقيتهم جميعا ونقلهم من محافظة سوهاج النائية الممتلئة بالمشاكل لأماكن لم يكونوا يحلموا بها مكافأة لهم علي تنفيذ المذبحة. بالطبع لم يكن أيمن هو المتسبب الوحيد في كل ذلك، ولكنه كان عامل مؤثر وفعال وخصوصا أن النظام المصري قد عرف عنه أنه يعول علي الرأي العام الخارجي أكثر من الداخلي بكثير ولقد نجح نور في تنويم الرأي العام الدولي مما مهد الطريق للحكومة المصرية لفبركة قضية الكشح علي النحو الذي رأيناه جميعا.

لقد تكلم بعض الأقباط عن دورأيمن نور المشين في قضية الكشح وكان رد السيدة جميلة إسماعيل إنها لا تعلم شيئا عن الموضوع وعلي الاقباط الإنتظار حتي خروج نور. وها انا واحد من الذين ظلوا منتظرين وجاء الوقت لترد علينا وتقدم إعتذارا لأسر وعائلات شهداء الكشح ولأسقفهم ولكل الأقباط. نعم لقد دافعنا عن وأنت مظلوم وسندافع عنك لو ظلمت مرة اخري ولكننا أبدا لم ولن نكون من مؤيديك حتي تصحح خطأك وتكفر عن خطيأتك في حق شهدائنا في الكشح...

مدحت عويضة