مع قرب إنعقاد اللقاء المزمع عقده بين خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود و سيادة الرئيس السوري بشار الاسد، تزداد التوقعات و التکهنات بحصول إنفراج أکبر في العلاقات العربية ـ العربية و المزيد من العمل العربي المشترك و على مختلف الاصعدة و المجالات وهو أمر من المؤمل أن يکون له تداعياته و آثاره الايجابية الکثيرة على مختلف التطورات السياسية و الامنية و الاقتصادية في الوطن العربي کما ستکون له تأثيراته الواضحة في الصراع العربي ـ الصهيوني و کذلك تقوية و رص الصف العربي مع حلول تباشير مرحلة سياسية جديدة قد تتبدل أو تتغير أو تتحدد فيها الادوار.


المملکة العربية السعودية، مشهود لها و على مر تأريخ المعاصر بأنها تلعب دوراً ايجابيا على الصعيدين العربي و الاسلامي مثلما لها حضور دولي مؤثر و فعال بشهادة دوائر القرار السياسي العالمية، تعود اليوم و في ظل تداخلات و تعقيدات الوضع الدولي و تأثيراته المحتملة على المشهدين السياسيين العربي و الاقليمي لکي تؤدي واحدة من أدوارها المهمة و الحساسة على الصعيد العربي سيمامع شروعها بسياسة جديدة بالتقارب مع شقيقتها سوريا و سعيها لطي صفحة الخلافات و التوترات التي ليست لم تخدم العرب بشئ وانما حتى ترکت آثارها السلبية الوخيمة على مجمل الوضع العربي و ترکت خللا في التضامن العربي وهددت العمل العربي المشترك و فتح صفحة جديدة ترد کيد الکائدين و شماتة الشامتين الى نحورهم و تزرع من جديد ملامح الامل و الثقة و التفاؤل بالمستقبل الذي ينتظر أجيالنا العربية القادمة.


ويقينا أن التحرك السعودي لم يأت من فراغ أو من دون أن تکون هنالك أيضا يدا ممدودة من دمشق الصمود و الاباء، يد الرئيس بشار الاسد الذي أثبت للعرب و بصورة فعلية انه ذو نبض عروبي أصيل و يهمه الشأن العربي أکثر من أي أمر آخر وليس على استعداد ابدا للتفريط بالتعاون و التضامن و التکافل العربي وان سوريا کانت و لاتزال تحرص أشد الحرص على دوام استمرار العلاقات المتعددة الاوجه مع الاشقاء العرب من أجل تقوية الجبهة العربية بوجه الاعداء و الطامعين و المتربصين شرا بالامة العربية و امنها القومي و مصالحها الاستراتيجية.


وتشير الدلائل و القرائن کلها کما ترى الاوساط السياسية و الاعلامية في بروکسل و فينا و برلين، الى ان إشارات تعاون أوثق و أقوى بين المملکة العربية السعودية و سوريا تلوح في الافق وان السياسة السعودية ماضية قدما لتوظيف مختلف الجهود العربية لخدمة الاجندة السياسية العربية المطروحة على الاصعدة الاقليمية و الدولية و تؤکد هذه الاوساط على أن للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بالرئيس السوري بشار الاسد سيصب في عدة قنوات حساسة أهمها وحدة الموقف العربي ازاء الصراع العربي ـ الصهيوني و تحديد الموقف العربي أيضا ازاء عملية السلام بما يخدم مصالح الشعب العربي الفلسطيني بشکل خاص و العرب بشکل عام، کما ان هنالك أجندة أخرى سيتم طرحها على بساط البحث و المناقشة وعلى رأسها الوضع في إيران و العراق و لبنان و الاراضي الفلسطينية.


اننا في المجلس الاسلامي العربي في لبنان، في الوقت الذي نرحب بعقد هکذا لقاء بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود و الرئيس السوري بشار الاسد، فإننا نرى فيه خطوة متقدمة للأمام على الطريق الصحيح بإتجاه خدمة آمال و طموحات الامة العربية وانها بداية خير ننتظر أن ينهمر غيثه على الوطن العربي و تعم فائدته مختلف الاصقاع العربية واننا نؤکد في المجلس الاسلامي العربي دوما على أن عقد هکذا لقاء رفيع المستوى بين زعيمين عربيين بارزين و في ظروف عربية و اقليمية و دولية بالغة الدقة و التعقيد سيکون قطعا بمثابة جس عربي للنبضين الاقليمي و الدولي و السعي لبلورة رؤية عربية رشيدة لمختلف الامور المطروحة على مختلف الاصعدة واننا نشدد مرة أخرى على ضرورة و أهمية عقد هکذا لقاءات مثمرة و بناءة و الابتعاد قدر الامکان عن العوامل و الاسباب و الدوافع التي تسبب في فرقة العرب و تشتت شملهم وان القادة العرب کلما إقتربوا أکثر من بعض و توحدت کلمتهم أکثر من السابق فإن الله سبحانه و تعالى معهم ذلك ان يد الله تعالى مع الجماعة و کلما تجمع العرب کان الله عزوجل معهم داعين من المولى القدير ان يجعل من هذا اللقاء بداية خير و يمن و برکة تشمل الوطن العربي من الخليج العربي الى المحيط بعون الله و توفيقه.

محمد علي الحسيني
الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان