تشكل مجموعة أفكار ألأمام علي أبن أبي طالب عليه السلام،فلسفة للحياة واضحة المعالم، متجانسة متكاملة، في سياق يمسك بأطراف قاعدتين فكريتين، دينية ودنيوية قد تبدوان للبعض متناقضتين ولكن من خلال نظرة وفلسفة الأمام علي عليه السلام نستطيع أن نجد أن هناك امكانية واضحة للتعايش بين هذين المنطلقين لفهم حياة الأنسان، سلوكه و أفاق تطوره وتطور المجتمعات المرافقة لتطور الأنسان ونحاول فهم فلسفة ألأمام علي عليه ألسلام من خلال ما تركه لنا من خطب ورسائل وأحاديث توضح الخطوط العريضة لهذه الفلسفة والتي محورها ألأنسان.
عرف الفيلسوف البريطاني بيرتراند رسل الفلسفة بما يفهم منه أن الفكر أو مجموعة الأفكارالتي تحتل موقعا وسطيا بين العقيدة الدينية التي ترفض أية أهمية للعقل الأنساني ودوره في تطور حياة ألانسان وبين العقيدة المادية التي ترفض أية أهمية للروح وأن كل أمر حياتي خاضع للمادة وتفاعلاتها،ومنها تحتل الفلسفة حيزا واسعا يقع بين نقيضين، حيث يوجد مجال للتطور والبحث في مجموعة العلوم الانسانية والطبيعية.


ويقول الفيلسوف البريطاني ( لفهم الزمان في مجتمع ما يجب أن نفهم فلسفته)
كتب العديد من المفكرين وبمختلف اللغات عن ألأمام علي عليه السلام وفلسفته كل من زاوية أو مدخل، ورغم دراستي المحدودة لفلسفة ألأمام علي عليه السلام وأساسها كتاب نهج البلاغة وهو مجموع ما أختاره الشريف الرضي من كلام أمير المؤمنين علي أبن أبي طالب عليه السلام وقام بشرحه الشيخ محمد عبده، كذلك دراسة ما كتبه طه حسين و محمود عباس العقاد وجورج جرداق في كتابه ألأمام علي صوت العدالة ألأنسانية، وجدت أن هناك قضية مهمة لم يجري بحثها بشكل كافِ وتفصيل ألا وهي قضية الزمان وعلاقة ألأنسان به، في فكر ألأمام علي، خاصة وقد ورد ذكر الزمان في اكثر من مائة مرة في كتاب نهج البلاغة.


ينطلق ألأمام علي عليه السلام عند تطرقه لموضوعة الزمان من منطلقين لكل منها شروطه وأحكامه.
--الزمان الرياضي (الفيزيائي)والمرتبط بدورة الأرض حول نفسها وحول الشمس أو دورة القمر حول ألأرض ودورة الأرض حول نفسها حيث يقول عليه السلام (ما من يوم يمر على أبن أدم الا قال له أنا يوم جديد و أنا عليك شهيد فقل في خيرا، وأعمل خيرا فأِنك لن تراني بعد أبدا ) وهذا يعبر بوضوح أن الانسان ما أن يموت فلا رجعة له الى هذه ألأرض وبهذا يخالف العديد من فلاسفة الشرق و من ديانات هندوسية و بوذية وغيرها من التي تؤمن بعودة الأنسان مرة أخرى الى الأرض على شكل أنسان أو أشكال حياتية أخرى والتي لا مجال هنا للتطرق اليها وكذلك قوله عليه السلام (ما أسرع الساعات في اليوم وأسرع ألايام في الشهر وأسرع الشهور في السنة وأسرع السنين في العمر) وهنا لايشير ألأمام علي عليه السلام الى السرعة الفيزيائية أو الرياضية بل الى ما هو نسبي متعلق بعمل الأنسان وما ينجزه في فترة زمانية محددة وما عليه وما له، الوقت يمضي مسرعا أن كان لك هدف على هذه الأرض يهمك تحقيقه، ويدعو الى عدم الكسل فلا مجال للتأجيل فالأيام مسرعة تمضي .الزمان الفيزيائي الرياضي هو ما تؤرخ به ألأعوام والأحداث ويقاس به عمر ألأنسان، الوقت الفيزيائي محدد ولكن ما يمكن أنجازه يعتمد على ألأنسان، والزمن الفيزيائي محدود في عمر ألانسان مهما طال ولكن نظرة ألأمام الى الزمن هي بشكل نسبي لسرعة الزمن وبمقدار ما ينجز . هذا العمر الزماني ألأنساني موضوع تحت تصرف الأنسان وكيفية أستعماله يعود للأنسان، يرتبط بالعقل والفكر وقدرة أستيعابهما للحياة، تعقيداتها وتطورها،وتطويرا لمفهوم الزمان وكيفية الاستفادة من محدوديته ونسبيته ودور الانسان وأدواته في هذا التطوير يقول ألأمام عليه السلام ( الفكرة تورث نورا و الغفلة تورث ظلمة ).يقول لنا ألأمام عليه السلام أيها الأنسان استعمل عقلك و لا تخاف من الفكرة بل أعمل لها فالفكر هو تطور الحياة فهي تسطيع أطالة الزمان الفيزيائي نسبيا بما تنجزه في الواقع، ولو نظرنا اليوم من الماضي الى حاضرنا، والسرعة التي تنجز بها الأمور وما كان ينجز بأشهر أصبح ينجز بأيام أوساعات نستطيع أن نفهم فكر ألامام علي عليه السلام في فكر الزمان الرياضي الفيزيائي ونسبيته .


أما موضوعة الزمان الأخرى التي يتحدث عنها ألامام علي عليه السلام فهي الزمان بمعنى ألأحوال، احوال الأنسان وما يتعلق به من أمور المجتمع والحكم وألأقتصاد وألأخلاق والعلم والثقافة، أي الحقائق الوضعية للحياة، ما كان بالأمس وما عليه اليوم وما يمكن أن يكون عليه غدا وأهمية ألأستفادة من العقل والرجوع اليه في التعامل مع أمور الحياة حيث يقول ( العقل على كل حال حسام قاطع) ومن ثم قوله ( لا تفاخروا بالأباء، فالعاقل من كان يومه خيرا من أمسه )، أية روعة فكرية بلاغية بجملة قصيرة يشير فيها ألامام علي عليه السلام ألى أهمية أستعمال العقل والرجوع أليه في التعامل مع أمور الحياة، ودور العقل في تطوير أحوال المجتمع والتي هي بالتالي الزمان .
لذا نستطيع التأكيد أن موضوعة الزمان الحياتية، الدهر، من حياة وأمور المجتمع يختلف بها عن موضوعة الزمان الفيزيأئي من حيث قوله ( من أمن الزمان خانه و من أعظمه أهانه، ليس كل من رمى أصاب، أذا تغير السلطان تغير الزمان)
كذلك قوله ( عدل السلطان خيرا من خصب الزمان ) كل هذه الأقوال متكاملة متلاحقة توضح لنا فلسفة ألامام علي عليه السلام،يقدمها للانسان ليدرك أمور حياته أذا فكر وعرف ألافادة منها، كما يوضح لنا العلاقة بين الحاكم السلطان والمجتمع وتأثير السلطان على الزمان، الدهر،مؤكدا أن الزمان وواقعه يتأثران بعوامل عدة منها العقل ومنها السلطة السياسية ومنها الآحوال الطبيعية .

من هذه الأقوال نستطيع معرفة موقف ألأمام علي عليه السلام من للزمان ndash; الوقت- والزمان الحالة الوضعية والتي وصل اليها مجتمع ما نتيجة تراكم المعرفة ألأنسانية .
حاول العلماء تفسير الزمان باعتباره: التقدم المستمر و غير المحدود للوجود وللآحداث في الماضي والحاضر والمستقبل كمنظومة واحدة : وهذا التعريف أعتبره خلاصة لما جاء به الفلاسفة عبر العصور من بوذا وسقراط وكانط وغيرهم في تعاملهم مع التراكم الزماني للمعرفة الأنسانية عبر العصور.
وجاء هذا التعريف قريبا لفكر الأمام عليه السلام فعندما يتكلم عن الزمان الفيزيائي والوجود الوقتي للأنسان على الأرض وعمره المحدود طال أم قصر
، بالرغم من محدوديته، لا ينصح عباد الله بالتنسك والترهبن أنتظارا لأنتهاء حياتهم على هذه الأرض بل يدعوهم للعمل وكأنهم يعيشون أبدا، ولكن هذا العمل ربطه الأمام علي برابط وازع و حقيقة أن هناك موت بعد هذه الحياة وبعد الموت يأتي تقديم الحساب،لذا فأن عمل الأنسان يجب أن يرتبط دائما بالعدل والخير وأحقاق الحق ورفض الجور والاستعباد، ورفض العصبية مهما كان أساسها حيث نسب للأمام علي عليه السلام قوله ( أبليس أساس العصبية وحكم الله في أهل السماء وأهل ألأرض لواحد ).وهنا ندخل في فكرة أخرى للأمام علي عليه السلام في قضية المساواة بين أهل ألأرض . والتي ليست موضوعة هذا البحث


نعود مرة أخرى للحديث عن موقف للأمام علي عليه السلام بالنسبة للحالة الزمانية الوضعية حيث يقول :لا تقسروا أولادكم على أخلاقكم فأنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم : أن العمق الفكري ألأيماني لهذه المقولة مذهل حقا فهو الأنسان الذي نشأ في بيئة بدوية قسرية بالأساس، لم يذهب لمدرسة أو جامعة ولم يسافر الى مراكز للفكر والعلم ولم تتوفر له امكانية الحوار التي توفرت لسقراط وأفلاطون وكانط و لوك وغيرهم من اساطين الفلسفة والفكر الأنساني، منغمسا في القتال من أجل الدعوة الأسلامية في المعارك العديدة والتي تتطلب من أوامر وضبط يتوصل بذهنه الوقاد ومن مراقبته للأنسان وما يشاهد من سلوك الى فلسفة واضحة متكاملة تمس العديد من جوانب الحياة وتعبر عن خزين فكري أنساني النزعة يؤمن بالتطور والتقدم وأهمية تكيف ألأنسان مع هذا التطورالأجتماعي .

أنها لفلسفة في الحياة، تفاؤلية، ملتزمة بقاعدة التطور الأنساني مع أفق واسع من الحرية الشخصية .
نحاول أن نفهم هذه العبارة الفلسفية العميقة من خلال تفكيكها ألى العناصر العديدة التي تكمن فيها .
ففي (لا تقسروا أولادكم )، يرفض الأمام علي عليه السلام القسر في التعامل وأذا كان يرفض القسر مع أولاده وهوالمسؤول عن تربيتهم وتقويمهم فهو يرفض مبدأ القسر في التعامل مع الأخرين من الناس الذين قد يكونوا بعمرهم أو تجاوز ذلك العمر، يفسح لأولاده الحرية، ولكن هذه الحرية ليست بمعزل عن النصح كما جاء في وصيته عليه السلام لأبنيه . الحرية الشخصية وأحترام الأخر، بما فيها أحترام الوعد، لقد هزني حقا قول ألأمام علي عليه السلام قوله(ولا يعد احدكم صبيه ثم لا يوفي به ).هذه هي السنة التي يجب أن تطبع علاقات الأنسان مع ألأنسان فلا قسر بل أحترام الرأي الأخر،وأن كانت القضية مرتبطة بالشخص فلا قسر بل القبول بحرية الموقف و حرية الرأي ما دامت القضية شخصية لا توثر على حرية ألأخرين، ورفض القسر مرتبط بكافة أشكاله الفكرية منها والجسدية،فالقسر الفكري أن ترفض فكر الأخر وأنت في موقع القوة ndash;السلطة ألأبوية او موقع السلطة الحاكمة لتلجأ بعد ذاك للقسر الجسدي والذي ينتهي بالقتل، وقتل الالاف من علماء الفكر نتيجة أصرارهم على موقفهم الفكري أما تأكيد الأمام علي عليه السلام في موقفه ومن السلطة السياسية على أن ( عدل السلطان خير من خصب الزمان ) فالسلطة (الحاكم أو الحكومة ) السياسية بمقدورها أن تؤثر بشكل عميق على كيفية تطور المجتمعات من مختلف نواحي الحياة الأقتصادية والأجتماعية والفكرية والسياسية، أذ يدعو ألأمام علي عليه السلام، السلطة مهما كانت ولايتها عدم اللجوء الى القسر في تعاملها مع المواطنيين بل ألى أحترام حريتهم ورفض الفكرالشمولي في التعامل مع أمور الحياة وأعطاء فسحة للأراء المختلفة في أطار التعددية وله قول عميق المغزى في هذا الشأن هو (من أستقبل وجوه ألاراء عرف مواقع الخطأ ) .الحياة مليئة بالتعقيدات ورأي واحد وفكر واحد قد لا يعطي الأجابات للسير بدفة الحكم وأمور الحياة لما هو في مصلحة الأنسان .


وأستكمالا لبحثنا والجزء الثاني من حكمته القائلة ( لاتقسروا أولادكم على أخلاقكم )، وهي تد فع بنا الى حيز جديد من الفكر الأنساني والتراكم المعرفي الأخلاقي والفكري للأنسان والمرتبطة بقاعدة التطور، ألاخلاق تعبر عن كيفيات متعددة تعكس اللا مرئي من تكوينة ألأنسان المتراكمة من ولادته وأكتسابه نمط معين في السلوك سواء مع نفسه أو مع الغير، هذا النمط أو ذاك، من سلوك لا يأتي من فراغ بل من خلال التجربة الذاتية وأنعكاسات مواقف ألأخرين للأمور الحياتية، وتشعباتها وترابط ذاك مع الخزين المعرفي الذي تكون لديه سواء من ملاحظته لسلوك ألأنسان، علاقاته مع الأخرين أو التأمل لما حوله من أحوال المجتمع ومن أطلاعه وتناغمه مع ما كتب في سابق عهده من قبل أخرين.
ألاخلاق تختلف بين أنسان وأخر وبين التجمعات السكانية المختلفةوالتغير الزماني يوجد أخلاق جديدة تعكس تطور المجتمع،فأن أخلاق الناس قبل مائة عام تختلف عنها عما هي عليه الأن في مختلف ارجاء عالمنا وسوف تختلف بعد مائة عام أخرى،فالتطور العلمي نتيجة تراكم المعرفة الأنسانية يرافقه تطور اقتصادي وأجتماعي وثقافي وقيمي وتتحول مجموعة القيم الأنسانيةالى شكل جديد متأثرة بالتطورات التي حصلت في المجتمع، وتتعزز قيم انسانية في امور الحق والعدل والخير ولكن هذا التطور قد يتأخر نتيجة تداعيات أجتماعية سياسية و قدم لنا ألأمام علي عليه السلام مثالا على ذلك حيث يقول( وأعظم ما أفترض من تلك الحقوقّ حق الوالي على الرعيّة، وحق الرعيّة على الوالي، فريضة فرضها الله لكلّ على كلّ، فجعلها نظاما لألفتهم، فليست تصلح الرعيّة الا بصلاح الولاة، ولا يصلح الولاة الا باستقامة الرعية، فاذا أدت الرعيّة الى الوالي حقه، وأدى الوالي اليها حقها، عز الحق بينهم، وأعتدلت معالم العدل وجرت على أذلالها السّنن فصلح بذلك الزمان وطمع في بقاء الدولة.واذا غلبت الرعيّة واليها، أو أجحف الوالي برعيته، أختلفت هنالك الكلمة و ظهرت معالم الجور وتركت محاج السّنن فعمِل بالهوى و عطلت الأحكام وكثرت علل النفوس، فلا يستوحشن لعظيم حق عطل و لا لعظيم باطل فعل (الضمة فوق الفاء)، فهناك تذل الأبرار و تعز الأشرار و تعظم تبعات الله عند العباد)
لذا يشدد الأمام علي عليه السلام أن التغير والتطور الأيجابي لحياة ألأنسان يخضع لضوابط يجب احترامها وتؤثر العلاقات السياسية على هذا التطور سلبا أو أيجابا ـالعلاقة بين الحاكم والمحكوم ـ ويدلنا تاريخ التطور الأنساني أنه حيثما كان هناك استقرار وحالة سلم أهلي تتطور حياة ألأنسان وتظهر روائع مبدعيه في مجالات العلم والفن والفكر الخ، وهكذا أستطاع عليه السلام وفي جمل محددة أن يتصور أهمية حالة السلم ووجودها ليس على أساس من تسلط أو قسر بل على علاقات أحترام بين الحاكم والمحكوم، بين وجهات نظر مختلفة تقبل الحوار وأختلاف وجهات النظر .


بعد أن تكلمنا عن حالة القسر من جهة والحرية من جهة أخرى وتكلمنا عن الأخلاق و التأثيرات عليها مما جاء في فكر الأمام علي عليه السلام لا بد لنا أن ننتقل الى ألجزء الأخير من مقولته : لا تقسروا أولادكم على أخلاقكم فأنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم : وهو الجزء المتعلق بتغير الزمان وهنا نحاول أن نفهم ما يقوله ألأمام عليه السلام، حول وضع المجتمع المتغير بتغير الزمان وهنا يتداخل الزمان الوقتي الفيزيائى مع الزمان،الحالة الوضعية للمجتمع.
مع توالي الزمان الفيزيائي،و تراكم السنين الواحدة بعد الأخرى تتراكم معارف الأنسان من تجارب من سبقه لهذه الدنيا وترك أثرا حضاريا يضاف الى ما تركه من كان قبله . لنلاحظ كيف الى التنقل على الأرض كمثال بسيط للتراكم المعرفي، أبتدأ بسير ألأنسان على قدميه، تدجينه للحيوان ومن ثم التنقل على ظهور الحيوان وأختراع العجلة وسحب العجلة من قبل الحيوان، ثم أكتشاف قوى البخار وتطور أستعمال ذلك ومن خلال تراكم المعرفة ألأنسانية يتنقل الأنسان بواسطة الطائرات ولا نعلم الى أين سيقود التطور المعرفي للأنسان هذا، والتنقل جزء واحد ومثال بسيط من مجالات المعرفة التي تتطور كل يوم، من أمور التطور العلمي والغذائي والأجتماعي وألأقتصادي الخ، ويقارن ألأمام علي عليه السلام وضع المجتمع كوضع ألأنسان حيث يقول( فأنك أول ما خلقت جاهلا ثم علمت، وما أكثر ما تجهل من الأمر، ويتحير فيه رأيك ويضل فيه بصرك، ثم تبصر بعد ذلك )لنطبق هذه المقولة على حالة المجتمع الأنساني منذ القدم حتى حاضرنا اليوم .


فالمجتمع الأنساني بدأ بسيطا، وتعلم من تجربته في التعامل مع الطبيعة ومن تجربة ألأخرين، ولكن لا يزال جاهلا لأمور عدة فهو يبحث و يتحيرأذ تظهر أكثر


من وجهة نظر ولكن مستفيدا من بحثه ومن تجارب الأخرين ومن أستعمال عقله يقرر ويسير في درب التطور الأنساني العالمي، وفي مختلف مجالات الحياة.
الروعة في فلسفة الأمام علي وما تعلمنا أياه أن حياة ألأنسان الشخص على هذه الأرض مهما طال عمره محدود ولكن عمر ألأنسان عبر المجتمع مستمر(ألأنسانية)، وكان الأنسان قبل أختراع الكتابة ينقل تجربته شفاها ولكن بعد أختراع الكتابة بدأ التراكم المعرفي للأنسان يسرع من وتيرته والآن وعبر الأنترنيت والكومبيوتر أصبح التراكم المعرفي يختزل ألف سنة مضت بسنة واحدة : ونعود من جديد الى قول ألأمام علي عليه السلام:( لزمان غير زمانكم ) فبهذا الربط الجميل بين الزمان( ألأحوال الوضعية)لجيل و تغيرها مع جيل يأتي بعده فأنه يوصي بأهمية ألألتزام بقيم أنسانية جاءت بها أو أكدتها التعاليم الدينية، الحق والأيفاء بالوعد وأحترام ألأخر ورفض السحت الحرام مهما كانت الصيغة التي يتلبس بها والمساواة بين بني البشر، حتى أوصل الأمر أن يقول (حكم الله في أهل السماء وأهل الأرض لواحد )، كذلك حث الناس على استعمال الفكر من أجل تطور الزمان أذ يقول الفكرة ( تورث نورآ والغفلة تورث ظلمة )، وأهتمام ألامام علي عليه السلام ونصحه المستمر من خلال أحاديثه أو رسائله الى عماله أو خطبه لهي دلالة واضحة على رؤويته في التواصل الأنساني المعرفي وتطور المجتمعات وقواعد هذا التطور،كما أن ربطه للحياة الموقتة للأنسان الفرد على هذه الأرض،والتي تحمل معها أستمرارية الحياة، ومعها سنة التطور لمصلحة ألأنسان وتطور مجتمعه
بعد هذا كله لا يمكنني أن أقول أني قد أستطعت أن أوفي للأمام علي التفسير والشرح الكافي لمقولته التي تحمل في ثناياها أرثا عظيما لفهم الترابط بين الزمان الفيزيائي والزمان الوضعي وبعبارة أبسط حال المجتمع، كا تعبر عن أهمية ألأخذ بنظر الأعتبار التطور الأنساني في كل أبعاده،وأهمية العلم والتراكم المعرفي .


أن مقولة ( لاتقسروا أولادكم على أخلاقكم فأنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم)
تلخص فلسفة في الحياة ومساراتها ولكنها تشكل جزء من فلسفة أشمل تقدم فيها رؤى للحكم العادل، وسلوك الشخص السوي،و تنبه ألى أهمية العلم وأستعمال العقل، تنبذ المدعي والكسول، تحدد أين الشجاعة من الطيش،و الدفاع عن النفس من ألأعتداء على الغير، أنها سلسلة طويلة من نظرة فلسفية عميقة متكاملة لكافة أمور الحياة بحثها الأنسان وما زال يبحث،هذا ما تركه لنا ألأمام علي عليه ألسلام ولكننا مقصرين فلا حكامنا ساروا على نهجه و لاشارحيه قدموا للناس غذاءا فكريا بدلا من مظاهر شكلية لا تقدم و لا تؤخر في حياة الأنسان وعيشه الكريم .

د.فاروق رضاعة