صلاح نيازي: quot;هذه المقالة هي الأولى من خمس مقالات. المقالة التالية مخصصة لجنون أوفيليا. بينما الثالثة لغرقها فموتها، والرابعة لمشهد دفنها، بينما تُكّرّس الخامسة لدراسة رثاء رامبو لهاquot; تطلع علينا أوفيليا، لأوّل مرّة في المسرحية، في المشهد الثالث ndash; الفصل الأوّل، برفقة شقيقها لرتيس، وهو على وشك السفر إلى فرنسا. الوقت ضيّق. وعليه فالعبارات سريعة ومباشرة. يقول لرتيس:
quot;حملتُ حقائبي في السفينة. وداعاً
ويا أختي إذا كانت الرياح مؤاتية
وتيسرتْ سفن النقل
فلا تتكاسلي واكتبي ليquot;
أوفيليا: أتشكّ في ذلك؟
العلاقة بين الأخوين حميمة وخاصّة. ولهما شؤونهما المشتركة. طَلَبُ الكتابة بحدّ ذاته تواصلٌ، لأحاديث سابقة. السفينة على وشك الإقلاع. لا بدّ أن يقول لها شيئاً عن علاقتها بهاملت. الوقت ضيّق. ما من وقت آخر للتأجيل، محاذرةَ أن يفلت الأمر من اليد. خشية أن تقع أوفيليا في الشرك:
quot;أمّا عن هاملت واهتمامه الطائش
فآحسبيه عاطفةً متقلّبة، وفوْرةً حسّيةً عابرة
مثل بنفسج قصير الأجل، في ريعان تلاقحه
يتفتّح مبكراً، ولكنْ لا يدوم، حلو غير دائم
عطرٌ لهنيهة
لا أكثرquot;
أوفيليا: لا أكثر من ذلك!
البنفسج سيتطوّر إلى رمز فعّال، كما سنرى، وله جملة من الدلالات في عموم المسرحية تقريباً.
جواب أوفيليا :quot;لا أكثر من ذلكquot;، مرمّز. ألا يدلّ على أنّ لها تجربة حسّية سابقة، هي أطول مما يدّعيه لرتيس من أنّها quot;مثل بنفسجٍ قصير الأجلquot;. بالإضافة يدلّ التعبير على وجود صراحة بينهما حتى في الخصوصيّات.
في المقطع التالي، ينتقل لرتيس من العاطفة إلى المنطق، لردع أخته من التمادي في أحلامها، فهاملت من عائلة ملكية، وعليه لا يمكن أن يتخذها زوجة، حتى لو كان جادّاً.
عاد لرتيس وحذّر أوفيليا من سوء السمعة، ومن الإشاعات، قائلاً:
quot;وغالباً ما يُهلك اليرقانُ النباتاتِ الصغيرةَ
قبل أن تتفتّح براعمُها في الربيع
وفي فجر اليفاعة وطراءتها الغضّة
تكون الآفات المعدية على أشُدِّها إيذاءً
إحترسي إذن، خير الأمان يكمن في مخافة العواقب
الشاب يتهيّج، حتى لو أنّ ما من أحدٍ قربهquot;.
مَن ْ يقرأْ كلام لرتيس، يدركْ أنه لا يما نع من وجود صلة، حتى جسدية بين هاملت وأوفيليا، لكنْ يخاف عليها من المرض، ويخشى الحبل. في البيتيْن التالييْن، إشارات مبطّنة، جعل فيهما لرتيس العلاقة الجسدية أشبه بمعركة:
quot;لا تتقدّمي إلى الموقع المكشوف الذي تقوده إليه
عاطفتك، إبقيْ خارج نطاق المرمى الخطِر للشهوة الجسديةquot;.
بكلمات أخرى، أراد لرتيس أن تكون تلك العلاقة الجسدية ناقصة، لا تؤدّي إلى الحبل. إلاّ أنّ أوفيليا لم تكنْ غِرّة، كما تصوّرها لرتيس. إنها لا بدّ كانت عارفة بصبيانيات شقيقها، ومراهقاته:
quot;سأحتفظ بهذا الدرس النافع حارساً لقلبي
ولكن، يا أخي الطيّب،
لا تُرِني، كما يفعل بعض الرعاة الخبثاء،
الطريق الشائكَ الشديدَ الانحدار إلى السماء
بينما هو نفسه كشخص فاسق منتفخٍ زهواً وطائش
يمشي على طريق المتع المحفوف بالورد
ولا ينتصح بنصيحتهquot;.
من أهمّ ميزات أوفيليا، أنّها فتاة مطيعة، ولكنْ ليست ساذجة. بالإضافة، فإن آقتباساتها تدلّ على ورعها. ففي تعبير : quot;الرعاة الخبثاءquot;، إشارة إلى إنجيل يوحنّا: 10 ndash; 4 quot;ومتى أخرج خرافه الخاصة يذهب أمامها والخراف تتبعه لأنّها تعرف صوتهquot;. أما الطريق المحفوف بالورد، فمقتبس من إنجيل متى :7 ndash; 13 ndash; 14 quot;أدخلوا من الباب الضيّق لأنه واسعٌ الباب ورحبٌ الطريق الذي يؤدي إلى الهلاك. وكثيرون هم الذين يدخلون منه. ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي إلى الحياة. وقليلون هم الذين يجدونهquot;.
في لحظات الوقت الضيّق والوداع يدخل، بولونيوس، والد أوفيليا.
ثمّ يتساءل بامتعاض في الظاهر، عن علاقتها بهاملت.
تصوّر بولونيوس أنّ quot;قَسَمَ هاملت بكلّ الأيْمان المقدّسةquot;، مجرّد quot;أحابيل لصيد دجاجة الحرشquot; معتبراً عاطفة هاملت لا أكثر من وهج quot;كالدغل أو الحلفاء يشتعل بضوء ساطع، ولكنه مجرد وهجquot; :
quot;هذا الوهج يا آبنتي،
يعطي ضوءاً أكثر مما يعطي من حرارة
إنّه في كلتا الحالتيْن منطفئ
حتى في اللحظة التي يعد فيها بالضوء والحرارة
من الأفضل لك ألاّ تحسبي ذلك الوهج ناراًquot;
ثمّ يأمرها :quot;لا كلمات أو حديث، مع اللورد هاملت، انتبهي، آمرك.هيّا الآنquot;.
تجيب أوفيليا بطاعتها المعهودة :quot;سأطيعك، يا سيّدي اللوردquot;.
هل ستكون هذه الطاعة العمياء أحد أسباب جنونها؟
هكذا، فإنّ أوفيليا في نظر شقيقها لرتيس، أشبه بالنباتات اليافعة، وفي نظر والدها أشبه بـ quot;دجاجة الحرشquot;، التي يستعملها الصياد كأغوية، للطيور الأخرى، فتقع هي في المصيدة. البراءة تمتزج بالغباء. إذن هل سيستعمل بولونيوس، آبنته أوفيليا، بدور دجاجة الحرش، فتقع هي في أغرب مصيدة ويطبق عليها الجنون. رأينا كيف كان لرتيس يحذّر أخته أوفيليا من الجنس الكامل خشية المرض أو الحبل. بينما والدها جعلها سلعة، ينتفع منها. خاطبها قائلاً:quot;أعرضي نفسك بثمن أعلىquot; وquot;ادخلي معه بسعرٍ أعلى من دعوته لك للآستسلامquot;.
***
في الفصل الثاني - المشهد الأوّل، يتسرّب الشكّ إلى نفس أوفيليا، فلا تدري إن كان هاملت يحبها أم لا. فحينما سألها والدها :quot;أمجنون بحبّك؟ أجابته ببساطة :quot;يا سيّدي اللورد لا أدريquot;. توحي كلمة :quot;أمجنونquot;، أن الوالد كان راغباً في العلاقة بين آبنته وهاملت، ولكنّه يؤجج الحبّ أكثر عن طريق جعل الحبّ ممنوعاً بينهما، كما هي حالة الأب في مسرحية العاصفة.
أكثر من ذلك كان يريد بولونيوس أن يبرهن لكلا الملك والملكة، بأنّ سبب جنون هاملت هو
حبّه لأوفيليا :
quot;أمّا هو فمجنون صحيح، صحيح إنّ حالته تثير الشفقة
وتثير الشفقة صحيح...إنّه مجنون.بقي علينا الآن
أن نجد علة هذا العجز الذهني...quot;
وبعد ذلك يطلعهما على رسالة هاملت إلى أوفيليا:
لكِ أنْ تشكّي أنّ النجوم نار
لكِ أن تشكّي أنّ الشمس تتحرّك
لكِ أن تشكيّ أنّ الحقّ باطل
لكن لا تشكّي بحبي أبداً...quot;
على الرغم من انّ النقّاد لا يعرفون على وجه الدقّة، هل هذه الرسالة نابعة من حبّ حقيقي، أم أنها خدعة للتظاهر بالجنون، لكنّ قراءة متأنية أخرى لهذه الرسالة، تكشف عن عدم وجود آضطراب عقلي لدى هاملت من أيّ نوع، وخاصة حينما يعتذر في نهاية الرسالة من أنّه لا يحسن قول الشعر:quot;
quot;آ، يا عزيزتي أوفيليا، أنا لست بارعاً في نظم الشعر
ولا قِبَل لي على التعبير بالشعر عن انّاتي...quot;
نستدلّ من أسلوب الرسالة إلى أنّ أوفيليا كانت فعلاً متعلمة، وأنها موضع آحترام هاملت، وإلاّ فلماذا الآعتذار منها عن تقصيره في التعبير؟ لا ريب إنها متعلمة، وذلك لأن هاملت آستعمل أبياتاً هي آنعكاس لما كان شائعاً في أواخر القرن السادس عشرمن صور كوزمولوجية.
يتداول بولونيوس الأب مع الملك والملكة، عن سبب جنون هاملت. لكنْ ما يهمنا هو أنّه قرّر أن يجعل آبنته أوفيليا أغوية أو أحبولة لهاملت. فهل ستكون هي دجاجة الحرش، وتطبق عليها المصيدةquot;. اقترح بولونيوس، أنْ يهيئ آبنته، لكي يراقبوا من وراء ستارة ما يدور بينها وبين هاملت من شؤون، ومطارحات.
***
في الفصل الثالث ndash; المشهد الأوّل، تظهر أوفيليا بدور الأغوية، أي بدور دجاجة الحرش. أحكم الملك وبولونيوس، الأحبولة لهاملت. أرسلا في طلبه بالسرّ:quot;
quot;وكأنّما بالصدفة
سيلتقي بأوفيليا عرضاً
أبوها وأنا الجاسوسان الشرعيّان في هذه الظروف
سنخفي أنفسنا بحيثُ نَرَى ولا نُرى
ومن آتصالهما قد نحكم مباشرة ونعلم منه
من خلال تصرّفه ما إذا كانت علّته
ناجمة عن حبّه، أم أنّه يعاني من شئ آخر
الملكة، من جانبها، باركت لأوفيليا دورها الجديد، لأنّه قد يكشف عن سبب غرابة أطوار هاملت:
quot;...وللدور المتعلّق بك، يا أوفيليا، فإنني بودّي أن تكون
مفاتنك الحسنة، هي السبب المرجّح في
سلوك هاملت الجامح، لذا آمل أنْ ستعيده
فضائلك إلى حياته العادية مرّة أخرى
من أجل سمعتكماquot;
يذكر أحد الباحثين أنّ أوفيليا كانت تعرف quot; أن المكيدة تحاك ضدّ هاملت، وإن عليها أن تقوم بدور خداعهquot;.
لا يفوتنا كذلك أنّ الملكة في المقطع أعلاه، لم تستعمل كلمة جنون في وصف حالة هاملت، بل quot;السلوك الجامحquot;. إنها في الوقت نفسه لا تعترض على آقتران هاملت بها.
يقوم بولونيوس الأب بدور المخرج المسرحي. يطلب من الملك أن يختفي. ويطلب من أوفيليا:quot;
quot;...إقرئي في هذا الكتاب
لأنّ الطقوس الدينية تبرّر وحدتكquot;.
بهذا المعنى أصبحت أوفيليا رمزاً قدسياً حتى وإن قامت بدور الطعم أو الأغوية. quot;ففي رسوم الايقونات، تمثّل المرأة صورة الورع إذا كانت وحيدة وتقرأ كتاباًquot;
بعد ذلك مباشرة يُرى هاملت وهو يُنشد مناجاته الشهيرة : To be or not to be
(أكون أو لا أكون)، وفي آخرها يلمّح إلى أوفيليا، فيقول مع نفسه:
quot;أوفيليا الحسناء! يا أيّتها الحورية آذكري
في صلواتك كلّ خطايايquot;.
في هذين السطريْن تتكشّف لنا كوامن دفينة، لها أهمية آستثنائية، لأنّ هاملت، كان يحدّث بها نفسه، أي لا يسمعه أحد. أي لا مجال للشك في صدق ما يقول. ثمّ إنه وصفها بالحسناء مرّة، وبالحورية مرّة أخرى. لكنْ لماذا سألها أنْ تذكر في صلواتها كلّ خطاياه؟ وما هي خطاياه؟ هل كانت أوفيليا مقدّسة في نظره؟ غير مدنسة؟ هل تلبّست صورة مريم العذراء؟
غريبة سرعة تدهور هذه الصورة القدسية، حينما تردّ أوفيليا له هداياه quot;التي ضاع عطرهاquot;.
مع تدهور هذه الصورة القدسية، يتقطّع الحوار، بآرتبك عاطفي :
quot;خذْها ثانية، فالهدايا العزيزة
تكسد...إذا أصبح المهدون قساةquot;.
لكن لم يمرّ بنا أنّ هاملت كان قاسياً. رأيناه يقدّسها. رأيناه يدعوها حورية. رأيناه يطلب منها أن تذكر في صلاتها خطاياه. لماذا قالت :quot;إذا أصبح المهدون قساةquot; ؟ بالجمع. هل أرادت تفادي آتهامه مباشرة؟ هل كانت ملقّنة بهذا القول؟.
يبدو أنهما كليهما شعرا بحراجة الآستمرار في دوريهما. في الحوار التالي مناورات لفظانية للآبتعاد عن الموضوع الأصلي:quot;
هاملت : ها، ها! هل أنتِ صادقة فيما قلتِ؟
أوفيليا : ماذا قلتَ يا سيّدي اللورد؟
هاملت : هل أنت جميلة؟
أوفيليا : ماذا تعني يا سيّدي اللورد؟
هاملت : إذا كنت عفيفة وجميلة، فعفّتك
يجب ألاّ تسمح بالتفاوض عن جمالك...quot;
واضح، أنّ هاملت حينما سأل أوفيليا :quot;هل أنتِ صادقة فيما قلتِ؟ تظاهرت أنها لم تسمعِ السؤال، فقالت : ماذا قلت يا سيّدي اللورد؟ هل هي فعلاً لم تسمع السؤال، أم أنها أرادت تفادي الجواب، حتى لا تكذب؟ أم أنها كانت ذاهلة، أو خائفة مما يجرّ عليهما دورها هذا؟
أخذ سؤال هاملت الثاني :quot;هل أنت جميلة؟quot; أوفيليا على حين غرة، فآستفسرت، غير مصدّقة هذا الانتقال السريع من موضوع إلى موضوع، وكأنْ آبتدأ يساورها الشك، في جنون هاملت:quot;
أوفيليا : ماذا تعني يا سيّدي اللورد؟
هاملت : إذا كنتِ عفيفة وجميلة، فعفّتك
يجب ألاّ تسمح بالتفاوض عن جمالكquot;.
هكذا بقدر ما آبتعد هاملت عمّا يدور بين عاشقيْن إذا آختليا، فإنّه هذه المرّة، زرق كلمتيْن ملغومتيْن في المقطع أعلاه، هما : عفيفة، والتفاوض.
جرّت العفّة، إلى دعارة أمّه، وإلى عفة الدير، بحيث لا تلد فيه النساء. ثمة معنى آخر للدير وهو بيت الدعارة، حيث لا تلد فيه النساء عادة. ربما ساور هاملت الشك، في نيّة أوفيليا. ربما قرأ في ذهولها سرّاً خافياً عليه. تبادر إلى ذهنه، أبوها بولونيوس أوّلاً. هل دلّه هاجس غامض على وجوده، في مكان ما قريب؟
هاملت : أين والدك؟
أوفيليا : في البيت، يا سيّدي اللورد.
هاملت : دعيه يغلق على نفسه الأبواب، لأنه قد لا
يتسنّى له أن يلعب دور الأبله إلاّ في بيته
وداعاً.
أوفيليا : آه أعينيه أيتها السماء الطيّبةquot;.
في الحوار أعلاه، آنعطافتان جديدتان. أولاً كذبت أوفيليا على هاملت حينما قالت إنّ والدها في البيتquot; ثانياً، أعلن هاملت حربه ضدّ بولونيوس علانية وأمام آبنته. يبدو أن أوفيليا تأكّدت الآن من أن هاملت مضطرب العقل بصورة ما. رفعت رأسها إلى السماء مستنجدة :quot;أعينيه أيّتها
السماء الطيبةquot;.
قال هاملت بعد ذلك مباشرة :
quot;أدخلي إلى دير راهبات. أتريدين أن تلدي بشراً آثمين؟ أنا شخصيّاً عفيف إلى حدّ ما، مع ذلك يمكن أن أتهم نفسي بآثام، كان من الأفضل لأمّي لو انها لم تلدْني...quot; آستعمل هاملت كلمة Nunnery أي دير راهبات، وهي تعني كما قلنا بيت دعارة.
في هذه المرحلة طرأ تطوّر غريب،على شخصية هاملت. بدأ يكره، فيما يبدو، جنس الخليقة البشرية، يكره جنس الذكر، ويكره جنس الأنثى، ( وإنْ أحبّهم أفراداً) ويكره نفسه كجنس: quot;أنا شخصيّاً عفيف إلى حد ّما، مع ذلك يمكنني أن أتهم نفسي بآثام، كان من الأفضل لأمّي لو أنها لم تلدْنيquot;.
يتجسّد كره هاملت للمرأة كجنس، في الصيغة التي يخاطب بها أوفيليا. فبدلاً من توجيه الكلام مباشرة، راح يتحدّث إليها بصيغة الجمع، وكأنّ النساء جميعاً من طينة واحدة:
quot;لقد سمعتُ عن المساحيق التي تسستعملنها بما يكفي
أعطاكنّ الله وجهاً واحداً، وأنتنّ
صغتنّ لأنفسكنّ وجهاً آخر، تتحرّكْنَ وترقصْنَ
بغنج وتلثغْنَ وتدعين مخلوقات الله بأسماء
شهوانية، وتتظاهرْنَ بالجهل من معانيها...quot;
ثمّ يمضي هاملت في لَعَناته الغاضبة. في الوقت نفسه، يتخذ قرارات خطيرة. يقول: quot;إذهبي إلى الدير، لا أريد من أيّ واحد أنْ يذكّرني بما حدث. الذكرى جعلتني أفقد صوابي. إسمعي، ما من زواج...إلى أحد الأديرة إذهبيquot;.
كان هاملت يشير في عدم الزواج، إلى رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس :7 :8 :quot;ولكنْ أقول لغير المتزوجين وللأرامل إنّه حسن لهم، إذا لبثوا كما أنا. ولكنْ إذا لم يضبطوا أنفسهم، فليتزوّجوا، لأن التزوّج أفضل من التحرّقquot;.
إلى هذا الحدّ آعتقدت أوفيليا أن هاملت فقد رشده:
quot;ياله من عقلٍ سامٍ تهاوى هنا
له لسانُ رجلِ دولةٍ وبصيرةُ عالمٍ وسيفُ عسكري
...وأنا أكثر النساء الملفوظات شقاء وتعاسة
لقد رضعتُ عسل وعوده التي كان لها وقع الموسيقى
والآن أرى ذلك العقل النبيل الأكثر هيمنة
مثل أجراس حلوة تدقّ النشاز
وذلك التناسق الذي لا مثيل له، والقوام التام اليفاعة
قد ذبلا بالجنون. آه يا ويلي
أرى ما أرى الآن، غير ما رأيته من قبلquot;.