سيكتبني النهرُ
لو أرادَ النهرُ أنْ يَجري في ضحكتي، طَوْعًا، ودُون ما مُجاملة.
بمقدار انتشاري أحبكِ.
ساعةَ أكونُ منكسرًا أسْندُني بِتذكّرِكِ.
أحملُكِ في الصدى.
أُحاصِرُ صَدايَ في قلبي؛
لئلا يَخرُجَ المعنى خارجي.
أحتمي بدفءِ صوتكِ يا حبيبتي.
صوتكِ بحّةُ ماء جارٍ.
حينَ تَمرّ الأممُ علي معنايَ وتنكسرُ؛
أتقنُ حبّكِ.
وفي مذكّرةِ التكيّفِ لكَ أكتبُ انتصارَاتِ الروح المجروحة.

حبيبتي، التي لم تزل تسأل عن تفاصيلي الصغيرة، إطْمئني:
[اليومَ تجاوزتني سيارة أجرة! لم تُؤذني، لأني تذكّرتكِ، وابتسمتُ.
حمدًا لكِ علي سلامتي. تمنيتكِ لو كنتِ معي:
كنتُ مَسَكْتُ كفَّكِ الدافئة في شارع موسم البردِ في مدينتي.. ]
بردٌ في مدينتي!
أحتاجك، على أية حالٍ، يا حبيبتي.
دائمًا، أزدادُ قوّةً بالأكيدِ المقدّس.
أيّ نقاءٍ أكونُهُ حينَ أفكّركِ بقلبي.
لديّ بكاءٌ نبيلٌ يذكّرني بفرحة النهر،
وبحّةِ الماء،
ودفء صوتكِ الجاري.
أتخيلكِ الآنَ،
أغمضُ عينيّ،
أحضنني قبالةَ المرآةِ..
ترفرفُ في عبارتي طفولةُ الطيرِ،
أنت أنتِ حافزي ومعنايَ.
تكمنينَ فيّ.
أعرفُ أنكِ سِرّ صحويَ،
واتساعُ قلبي.
أخافُ عليكِ من فجأةِ انقلابِ الطقسِ.
تََغطّي بالحَذَرِ،
بالكسلِ الشتائيّ.
ظَلّيْ في الأنثى.
لا تحيدي.
أبّدِيْ المكوثَ في الأنثى.
أخبريني عن فصلِكِ البطوليّ،
عن عبثِ أصابعكِ في الأوراقِ.
أخبريني عن اتكاءات الكَفّ علي الخدّ،
وما في اللحظة من أفكار.
أخبريني عن إنصاتك، عن سَيْرِكِ في مَمَرّات الدار، عن عاداتكِ، عن شكّكِ اليقيني، عن فضولكِ النبيل واهتماماتكِ النمطيّة، وعن طفولتكِ الخاصّة.
أخبريني كلّما ثَقُلَتْ أحْجَامُ الناس علي قلبك.
وتخفّفي منهم كثيراً يا حبيبتي.
حينَ أكتبُ إليكِ لا أستخدمُ الكلماتِ من وفرة الأشياء بأسمائها.
أنا أوقنُ بكِ قصيدةً تمنحُ الأشياءَ جوهرًا وصفات.
لا يَعبأ الشعرُ بالمارّينَ وهم يحملونَ ويتذاكرونَ أسماءَ وأشياء المكان.
وحدَكِ مَوطِئُ شِعري.
أنتِ مُطلقي المهذّب،
لغتي،
قصيدتي،
واتجاهاتُ الهواءِ في رئتي.
وحدكِ تكمنينَ فيّ..
تُروضينَ نهاياتي،
فلا تشرد أجزائيَ مِني أكثر.
قلبي يَفهمُ روحَكِ.
أخضرُ كلّ ما حولي.
أحبُّكِ!
أخافُ عليكِ.
عليكِ أخافُ
عليّ.

أرفو أحلاميَ الصغيرةَ،
لأخلعَ عُرْيَ أيامٍ ضَالّة.
أرفعُ مُستوى أحلامِيَ اليوميَّة...
أُصارِحُني في الحالِ:
أنتِ نهاريَ الواسعُ.
آتي إليكِ واقعيّاً بأمزجةٍ من كَثرة؛
تشهدُ عليّ أمامَ الوقتِ الذي يَعزلُني فيّ لأكتبَ إليكِ.
أقول:
أحبّكِ... ومِلءُ صوتي بحّةُ نَهرٍ بابليّ.

في اكتمال الليلِ أسحبُني من غفوتي،
لأهادنَ موتي بحياةِ اللغةِ.
لا أغفو حتى ترْقَى الشمسُ أوانَها.
كيفَ أرتقي سلّمَ الشمسِ،
وهذا اللونُ وحْشِيٌّ في غابة الآن؟
لكنْ، أحبّكِ بعافية القلبِ
واتّساعِ الروعةِ،
وعفويّةِ طفلٍّ فيّ يَملكُ الطفولةَ والجرأةَ والجدارة فَي حُبّ اللغةِ.
أنتهي من طريقي...
أشْرِفُ كفاتحةٍ على كلامٍ طَرِيٍّ كبحيرةٍ في غموضٍ قادرٍ علي خَلْقِ قاربٍ من مِزاجيَ المتجوّلِ في غضونِ الكلامِ الذي في الذاتِ كبحيرةٍ منقوعةٍ في الهدوءِ مرةً، وفي الإثارةِ مرّةً.
أختارُ ضوءَكِ لغموضِ التّحوّلِ.
حينَ لا أجدُكِ أكفرُ بشهادةِ النوم،
أوْصِلُني على جناحِ اليقظةِ إلي آذانٍ يَشْهَدُ آمِرُهُ أنّي في المَشقّةِ لا أشهدُ إلا أني حَصْوَةٌ أجرحُ صمتَ البحيرةِ؛ فتتسعُ فِراخُ الجُرْحِ. دائرةٌ تُفَرِّخُ دائرةً.
مداراتُ الحيرةِ في الذات.
تجَْرَحُني لازِمَةُ ورموزُ الماء؛
كلّ فرحةِ ماءٍ يَنفَعِلُ الماءُ،
لا فرحةُ ماءٍ تنجو من زبدِ الماءِ،
لا ماء يَحتفل بشفافيته،
وصفوهِ الذّاتيّ.

أحبّكِ جدّاً.
كم ترزقني هذي الـ laquo;أحبّكِraquo; حِنطةَ اللغةِ.
هاتِ السلامةَ روحَكَ ضمادًا لطفلٍ يلقّنني العبثَ البدائيَّ،
وقِني، بحُسنِ أنوثتكِ، مجاهيلَ لا تحترمُ اللهَ وعمري.
أريدُكِ وقتًا خارجيًّا نزِقًا في المَحبّةِ دونَ وقتي.
تعالَي أحبّكِ كلَّ مُنعطفٍ يكرّرُ ذاتَهُ،
ضدَّ اعتباراتِ الإطاحةِ والرصيفِ.
هاتِ وجهَكِ السعيدَ وقبلةً توجزُ التيهَ،
وتحُلُّ ضيفًا علي مُثُلِ الفراغِ.
ذاكرتي اكتمالُ العاشق فيكِ.
وإن تبكِِ؛
فالحقولُ أوْلى بخصيصاتِ عينيكِ.
في عينيكِ شأنٌ عميقٌ يجهلُهُ الوصفُ؛
شيءٌ يكمنُ في المطلقِ الحرّ.
الحُرّةُ هناكَ أغنيةٌ على شفتيكِ.
للبكاء شأنٌ عميقٌ على جسدِكِ.
دعيهِ يفتحُ شرفةَ المعنى جسدُك
عما قريبٍ.
وعما قريبٍ ينامُ الليلُ ولا أنامُ.
على شاكلةِ الخائفِ يقِظـًا أتشكّلُ،
أغمضُ عيني لأراكِ،
فأراكِ.
غيّريني ما استطعتِ...
أنا غريبٌ عليّ، أنا الغريبُ فيّ.

تيهٌ جِوارَ قلقٍ يتراشقانِ أيامي.
أنتِ الفكرةُ ضمادَ الفصْلِ كُونِي
حبيبتي التي لا تُمَلُّ ولا تَمِلُّ
laquo;أعشقكِ، وجاهلٌ بيraquo;!
فاعشقيني بما لا يقبلُ الشكَّ؛
بما لا يَقْسُمُ الدائرة؛
بما يكفلُ معرفتي بي.
كلّهُمْ أُكَلّمُهم من أبهةِ الذاتِ إلاكِ:
تغازلينَ الشمسَ بالمرآةِ.
تقولين: المعرفةُ فكرةُ الحبّ
مثلما الومضةُ إشارةُ الكشفِ
بين الشمسِ والمرآةْ.
حُضِّي الأنوثةَ على جوابِ السؤالِ،
اتْركي كلَّ معنىً يرعى وينمو
في اتّساعِ المحبّةِ وحدَها
كلّها دونَ اجتزاءْ.

تخُصُّني اللغةُ بالعَراقةِ
والخُرافةِ
والضمادِ الفوْريّ.
أهنّئني بلقائِكِ، مُردّدًا بمنطقِ عينيّ، رموزَ الحديقةِ.
المنطقُ - كما تفعل اللهفةُ - إغماضاتٌ تُكَشِّفُ عن مخبأِ الروحِ.
فَرادتي أنتِ تُسيّجينَني بألقٍ ودلالٍ أعُوزُهُ.
شاغبي، في الآن، كمُباغتةِ شعاعٍ لعتمةِ رُكْن!
حفاوةُ الله في مدي عينيكِ.
ألِقةٌ في حضرةِ الصحْوِ،
بيضاءُ كمَهجعِ النّية.
أليفةُ الروح.
كلامُك في حرّية الزرقة جمهورُ حمامٍ.
فنّانةٌ الروحُ.
فنّانٌ ألحمامُ.
فنانٌ أللهُ يُشكّلُ إكليلَ حمامٍ أعلايَ.
أحبُّكِ:
مخُلِصٌ لانكسارِ الكافِ فيكِ.
أحبّكَ:
لا قياس لحبٍّ بموضوعِ الجمادِ:
لا بـ laquo;جبلِ شمسraquo;.
ولا بـ laquo;الكَرْملraquo; المَسروق.
ساوي القياسَ بالمطلق.

تكمنينَ في الصحو،
وعلى وشكِ الإغفاءةِ تنهضين من كموني.
تُقبّليْنَ الشتاءَ من فمِهِ،
فتهرعُ القُدرةُ إلي اللغةِ؛
يهرعُ الموسمُ إلي صحرائي.
تطّوّفينَ في ضِيقيَ،
فيحدثُ المُطلقُ الدائريُّ الشيّقُ.
أهنّيءُ فُصوليَ، فراغيَ، طفولتيَ، ولغتي بكِ.
كلُّ جدَلٍ في الذاتِ
حولَ الذاتِ،
يُؤلّفُ المراجيحَ التي تفاقم laquo;فوبيايَraquo;؛
فأقترحُكِ كلَّ مُنعطفٍ،
لتوحيدِ هشاشتي،
وقلْبِ التأرّجُحِ رفرفةً وتجلّيًا!

أتنفّسُكِ في سحري البدائيّ،
في بطولة كسليَ أحكي للّسانِ صَمتي.
أكـُافئُني بدالّةِ الظلّ..
أغنّي لي مِنّي:
{فاتحةُ الشرقِ أنوثةُ شمسٍ. فاتحةُ الغربِ سفينة}.
يتمشّي جرحي تحتَ الشمس.
كلُّ شيءٍ تحتَ الشمسِ مُـتفتحٌ عارٍ
مُـنفتحٌ، كجرحيَ الخاسرِ، على جُرْحٍ أليفٍ عريضْ!
ظامِئٌ قدَرَي لنهرينِ مَغويينِ بـ laquo;الزُّهرةِraquo;.
يَدفعُني السّلامُ إليكِhellip;
تَردّني الوسائلُ
والمظانّ!