صالون الشباب هو الحدث الفني الأهم على الساحة المصرية المعني بشباب الفنانين التشكيليين، لما يمثله كأكبر مُلتقى إبداعي للفنانين الشباب في مختلف الفنون البصرية، ومن هنا كان أن أعد قطاع الفنون التشكيلية برنامجا إحتفائيا خاصا بالدورة الخامسة والعشرين للصالون "دورة اليوبيل الفضي" التي افتتحت أخيرا تحت عنوان "اليوم ... الواقع البديل ... خارج الصندوق ... عالم بلا حدود"، حيث خصص ولأول مرة سبع مواقع للعرض هي قصر الفنون، قاعة الباب، قاعة نهضة مصر، قاعة إيزيس، سينما متحف الجزيرة، والحديقة الثقافية بمتحف محمود مختار وساحة متحف الفن المصري الحديث، وشهدت عرض أعمال 310 فنان من شباب الفنانين "أقل من 35 سنة" قدموا أكثر من 400 عمل فني في مختلف مجالات الفنون التشكيلية، في مجالات التصوير الزيتي، الرسم، التجهيز في الفراغ، النحت، كمبيوتر جرافيك، جرافيك، التصوير الضوئي، فيديو ارت، الخزف، بير فورمانس.
وقد أكد د.أحمد عبدالغني رئيس قطاع الفنون التشكيلية ورئيس الصالون أن الصالون عبر تاريخه لعب دوراً مؤثراً ومتميزاً في تقديم نجوم الغد، كاشفاً وراصداً ومُجدداً للوجوه والتجارب والأساليب والتقنيات والاتجاهات الفكرية والفلسفية والمفاهيمية والجمالية، ومُطيحاً أحياناً ببعض الثوابت الفنية الكلاسيكية النمطية المُعتادة، بروح الشباب المتمردة الجسورة، الطامحة والشغوفة بالتجديد والتجريب غير حافلة بأي شكل من أشكال الوصاية لاسيما الوصاية على الفكر والإبداع.
وأضاف "ربع قرن منذ إنطلاق صالون الشباب في عام1989على يد الفنان أحمد نوار، وعاماً تلو عام يُرسخ الصالون لنفسه كأحد أهم روافد الإبداع، وقدم العديد من الأسماء التي أضحى لها وزنها وتواجدها الفاعل والمؤثر على الساحتين المحلية والدولية، فنانون أثروا بجرأة الشباب وطاقته الحياة التشكيلية بتجارب طليعية حداثية غير تقليدية، خاضوا لها معارك ضد رجعية بعض الأفكار والأطروحات المحافظة".
وأشار د.عبد الغني أن جيل التسعينيات وما تلاه من أبناء الصالون استطاعوا أن يؤسسوا لملامح مناخات فنية تواكب التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومواكبة لقفزات تكنولوجية ومعلوماتية أربكت أصحاب الأفكار المحافظة بميولهم التراثية التقليدية البحتة، حتى أنها جنحت ببعض هؤلاء خارج المشهد إما للأبد أو لفترات، إلا أن صالون الشباب وما أتاحه من أجواء تنافسية بين أجيال متطلعة بطبيعتها للمستقبل وللتحرر وللتغيير، حقق هذا التوازن عند أجيال متعاقبة فجاءت تجاربهم الطليعية متحررة من الانساق البنائية للجمالية التقليدية للعمل الفني، حملت ملامح جديدة لأسلوبية جديدة تعكس وعياً بمتغيرات المشهد التشكيلي الذي تشكل في ظل الثورات التكنولوجية والمعلوماتية وثورة الاتصالات والرقمية وثورة الميديا الجديدة ..
وأكد د.عبدالغني أن شعار الصالون "اليوم.. الواقع البديل.. خارج الصندوق.. بلا حدود" يعكس مدى توجه قطاع الفنون التشكيلية والقائمون على تنظيم الصالون في يوبيله الفضي بأهمية ومكانة وموقع الحدث على الساحة التشكيلية، حدثٌ قاد محاولات اكتشاف عناصر التجديد والتحديث في الفن التشكيلي المصري المعاصر، دافعاً بالمغامرة الإبداعية نحو التجريب والرؤية الفلسفية وحرية البحث دون صدامية مع الموروث الحضاري والشعبي والثقافي، ودون انفصام عن الواقع سياسياً واقتصاديا واجتماعياً، بعد أن كان الفنانون من سابقيهم ينتمون في أغلبهم إما لمدرسة المحاكاة للفن الأوروبي أو التقوقع داخل شرنقة الموروث الحضاري دون تماس بين الأثنين، وهو ما أوجد المعادلة الجدلية بين المدرسة الأصولية والمدرسة الغربية، لتأتي هذه المحاولات لتثمر صياغات تشكيلية حداثية استطاعت تخطي هذه الحواجز بأفكارها وأعرافها الأكاديمية المتوارثة، لتشرع في بناء الجسر اللازم والضروري والحتمي من أجل حوار حضاري من أجل إيجاد لغة مشتركة بين المختلفين أو بين من تخيلوا أنهم مختلفين".
وتوجه د.عبدالغني لكل الفنانين المشاركين في هذه الدورة الاستثنائية بالتحية، وأن عليهم استكمال المسيرة الناجحة.. مؤكداً أنه يثق في الفنانين الشباب وفي وعيهم وتفهمهم لأهمية أن يذكرهم تاريخ الفن التشكيلي المصري بأصحاب الخطوات الأولى نحو 25 سنة جديدة حافلة بطاقات التجديد والمغامرة لاستحداث أبجديات جديدة تُعبر عن الفنان في واقعه العالمي وليس المحلي في ظل عصر باتت فيه الحدود الجغرافية والحضارية والثقافية غير معتدٍ بها.
وقال الفنان خاد حافظ قوميسير عام الصالون أنه "مع الأجواء المنفتحة اليوم وحرية الحصول على مصادر متنوعة للمعرفة، فإن شباب الفنانين لا يعدوا طلابا ذوي خبرا ت محددة، فهؤلاء الفنانين ولدوا في العصر الرقمي حيث يمكف الوصول إلى التقنيات ووسائل المعرفة بسرعة الضوء، فتطور وتنفذ الأفكار بسرعة أكبر من تلك التي يتم بها تعليم الفنون ذاتها بداخل أو خارج أكاديميات الفنون، فإننا نحتاج اليك إلى صياغة لغة حاسمة تطابق أو حتى تقارب السرعة التي يستطيع بها شباب الفنانين أن ينفذوا مشاريعهم المتخصصة، ونحتاج أيضا إلى تطوير معايير جديدة تتناسب مع الأنواع المختلفة للفنون المتخصصة التي تتجاوز وتتخطى الوسائط التقليدية والأعمال الفنية المنفذة من وسيط واحد، وذلك لأن الكثير والكثير من الأعمال الفنية المتخصصة بدأت تنفذ وتعرف وتوصف في عالم الفن الدولي.
وقد أعلنت لجنة تحكيم الدورة عن أسماء الفنانين الفائزين بها، وذلك خلال مراسم الإفتتاح التي شهدها قصر الفنون، وضمت كل من الفنان د.حازم المستكاوي "رئيساً"، وعضوية كل من الفنانين: سعيد بدر، حنان الشيخ، هيثم نوار، وائل دوريش، هذا فضلاً عن لجنة الفرز والاختيار والتي ضمت الفنانين: ناجي فريد، خالد حافظ "القوميسير العام للصالون"، هشام نوار.
وجاءت النتيجة بفوز الفنانون: أحمد الحسيني (خزف) - أويس أبوزيد (فوتوغرافيا) - إيمان علي (تجهيز في الفراغ) - سهى السرجاني (فيديو) - محمد منيصير (تصوير) - كريم حلمي (تصوير) - محمود مرعي (تجهيز في الفراغ) - هبة صالح (بيرفورمانس) - ياسمين المليجي (تجهيز في الفراغ) - منة الله سعيد/ هدير عبدالحميد، مي عبداللطيف، زينب نورالدين (تجهيز في الفراغ) بجائزة الصالون وهي عبارة عن 10 جوائز قيمة كل منها 10 آلاف جنيه وأوسكار الصالون وشهادة تقدير.
كما حصلت الفنانة ماريان فهمي (تجهيز في الفراغ)، والفنان معاوية صلاح هلال (نحت) على جائزة تشجيعية، وحصلت الفنانة سماح حمدي (فيديو إنستاليشن) على جائزة الشهيد الفنان أحمد بسيوني، والفنانة نهى مصطفى علي (رسم) على جائزة الشهيد الفنان زياد بكير، بينما حصل الفنان أحمد حافظ على منحة لمدة أسبوعين بالكاديمية المصرية للفنون بروما.
كما فاز الفنانون: لميس حجاج (تصوير) - محمد علام (فيديو) - محمد صبري (تصوير) – نهى سلطان (تصوير) على جائزة سيراميكا رويال بقيمة 20 ألف جنيه مقسمة إلى 4 جوائز قيمة كل منها 5 آلاف جنيه وشهادة تقدير، هذا بجانب قيام البنك التجاري الدولي باقتناء 37 عملاً فنياً من الأعمال المعروضة بقيمة إجمالية 262.500 جنيه.
يذكر أنه افتتح معرض "25سنة صالون" قبل شهر بقصر الفنون وضم أعمال مائة فنان وفنانة ممن بزغ نجمهم من خلال الصالون، على يتكرر خلال الأعوام قادمة حتى يتم تمثيل جميع الفنانين الذين تميزوا على مدار دورات الصالون الخمسة والعشرين السابقة كما أعلن قوميسير المعرض الفنان إيهاب اللبان.

&