في الروابي المطلة على غرناطة يعمل آثاريون بحماسة على رقعة مسيجة من الأرض وفي الوسط قماشة زرقاء مشمَّعة تؤشر البقعة التي يعتقدون انها تضم في باطنها واحدا من اسرار اسبانيا الدفينة في العصر الحديث. إذ يعمل فريق الآثاريين منذ منتصف تشرين الثاني/نوفمبر ، ابتداء من ساعة شروق الشمس حتى ساعة مغيبها للعثور على رفات الشاعر والكاتب المسرحي فيدريكو غارسيا لوركا. ويُعتقد ان كاتب "عرس الدم" و"بيت برناردا البا" قُتل في هذه البقعة برصاص فرقة اعدام فاشية في عام 1936.
ونقلت صحيفة الغارديان عن رئيس فريق الآثاريين خافير نافارو ان ما عثروا عليه حتى الآن مشجع. وقال نافارو ان كل ما فعله الفريق حتى الآن يؤكد ان هذه هي البقعة التي يبحثون عنها بعدما أشار الى مثوى لوركا كتاب صادر عام 2011 يروي بالتفصيل ساعات لوركا الأخيرة. وكان نبأ البحث عن رفات لوركا تصدر العناوين الرئيسية في انحاء العالم. ولكن هذا الاهتمام يخفي وراءه جرحا غائرا في تاريخ اسبانيا. ويقول ناشطون ان عمليات الحفر في أكثر من 2000 مقبرة جماعية معروفة تزداد صعوبة بعد مرور سبع سنوات على صدور قانون يمكِّن اسبانيا من مواجهة ماضيها.
وحين اصدرت الحكومة الاشتراكية قانون الذاكرة التاريخية عام 2007 اعتبره كثيرون خطوة اولى نحو الاعتراف بالجانب المظلم من ماضي البلاد. ونص القانون على ازالة كل النصب والرموز الفرانكوية من الأماكن العامة مع تيسير عملية الحفر للعثور على رفات 114 الف شخص اختفوا خلال الحرب الأهلية وفي ظل دكتاتورية فرانكو التي اعقبتها حتى عام 1975. وكانت الدولة تقدم دعما ماليا لعمليات البحث والتنقيب. ولكن حكومة حزب الشعب اليمينية أوقفت هذا التمويل بعد تسلمها مقاليد الحكم في عام 2011. ومنذ ذلك الحين تقدمت مؤسسات ومنظمات محلية واجنبية مختلفة لتمويل عمليات البحث عن المفقودين من ضحايا فرانكو ، بينها نقابة عمال الكهرباء النرويجيين مثلا التي تبرعت بستة آلاف يورو. وقال ايميلو سيلفا من جمعية استعادة الذاكرة التاريخية "ان على الحكومة ان تخجل من نفسها مشيرا الى ان متطوعين يقومون بأعمال الحفر ولكن فحص الحمض النووي للتعرف على هويات الضحايا عملية مكلفة.
&