خطأ يودي بأحدهم إلى الموت قبل أوانه بثمانية أعوام، فيطرح عليه الملاك أن ينتظر أو يعود بلا ذاكرة. والملاك ليس سوى طفلة لبنانية في الثامنة.


ساره الشمالي: فيلم قصير، لكنه يتعرّض لموضوع قد يعتبر من الكبائر، ولو كانت المعالجة لا تغالي في هذا الأمر. إنه فيلم quot;خطأ طباعيquot; أو Typo، الذي يروي قصة رجل توفي، فوصل إلى البرزخ ينتظر حسابه، ليكتشف بعد قليل أن خطأ طباعيًا في الأمر، وأن موعد موته بعد ثمانية أعوام، وأمامه خيار من اثنين، الانتظار أو العودة إلى الحياة، بعد أن تُزال ذاكرته عن بكرة أبيها.

وجه الملاك
مدة الفيلم لا تتجاوز ست دقائق ونصف دقيقة، لكنه زاخر بمعان إنسانية كبيرة. وتكبر أكثر، لأنها ثقيلة على كاهل الطفلة تمارا المهتار، التي تؤدي أحد الدورين الأساسيين في الفيلم، إلى جانب جوليان فرحات.

فتمارا ابنة الثمانية أعوام هي الملاك الأبيض، الذي يستقبل الموتى في البرزخ، ويسجل دخولهم وخروجهم، ويحسب حسناتهم وسيئاتهم، خصوصًا أن لكل منهم شجرة تنمو بحسب ما يلمّونه من حسنات، ويجمع كل لحظات حياتهم في أرشيف مصور. وهي من يجلس مع المُتوفي، القادم حديثًا، الذي يؤدي دوره جوليان فرحات، ليكتشفا معًا أنه ليس المطلوب ميتًا اليوم، بل بعد ثمانية أعوام.

لم تبذل تمارا الكثير من الجهد في أداء الدور، إذ حفظته سريعًا، خصوصًا أن الكلام ليس كثيرًا كأي فيلم آخر، quot;لكن الصعوبة كانت في تقديم الوجه الذي أراده المخرج حسين إبراهيمquot;، كما تقول تمارا لـ quot;إيلافquot;. تضيف: quot;ما كنت أعرف كيف يكون وجه الملائكة، فكان عليّ أن أستوعب أولًا كيف يجب أن أكون، لكن جوليان ساعدني لأتجاوز ما لم أكن أفهمه، أي أن أمثل الدور كأي إنسانquot;.

مسألة خطأ
تخطت تمارا هذه العقبة سريعًا، quot;وأدركتُ أن المطلوب مني أن اكون أنا، نفسي، أن أتكلم كما أتكلم في المنزل، مع أهلي، وأن أتصرف على طريقتي، وهذا لم يكن صعبًا، بالرغم من أن موضوع الفيلم جديد بالنسبة إليّ، وعرف جوليان كيف يدخلني إلى الدور المطلوب مني، وعلمني بتأنٍ كيف ألفظ الكلمات التي ما سمعت بها من قبلquot;.

استطاعت تمارا أن تكون في الفيلم، تحت إدارة حسين إبراهيم، مؤلف الفيلم ومخرجه، ذاك الملاك، فصبغت المشهد بطفوليتها، التي جعلت من المسألة برمتها فعلًا مسألة خطأ طباعي، لا أكثر.

لا بد أن اختيار طفلة في الثامنة من عمرها لأداء هذا الدور قدم إلى الفيلم بعدًا آخر، إذ قرّب وجه تمارا، إلى جانب الممثل جوليان فرحات، الوجه الآخر لما بعد الحياة، بمعزل عن الروايات الدينية والتكهنات الميتافيزيقية.

الجدير بالذكر أن حسين إبراهيم ألّف هذا الفيلم وأخرجه، ليكون مشروع تخرجه الجامعي، وحمله إلى مهرجان براغ للأفلام القصيرة، فعرضه هناك.