عن دائرة الفنون التشكيلية التابعة لوزارة الثقافة العراقية صدر العدد الجديد (14) من مجلة quot; تشكيلquot; ، المتميزة بموضوعاتها ورؤاها الحاذقة ، تضمن العدد موضوعاتٍ حيوية متفاعلة مع حركية الزمن والحداثة ، من بينها موضوع جاء في صدارة الموضوعات بعنوان (الكرافيكي مظهر أحمد) للكاتب د. جواد الزيدي وهو يتحدث عن تجربة هذا الفنان العراقي المغترب ، ومما جاء فيها ؛ quot; إن الفنان مظهر أحمد تلتقي عند لوحته وفي رؤيته مجموعة المتعارضات والأضداد ، التعبيري والمجرد ، الرسموي والكرافيكي ، الحداثة وما بعد الحداثة ، الشرقي والأوربي ، بوصفها مرجعيات فكرية وأسلوبية ، لأنه درس في بغداد وتخرج في معهد الفنون الجميلة وتتلمذ علي يد شاكر حسن آل سعيد ورافع الناصري وأكمل شوطه الأكاديمي في وارشو ويدير حالياً ورشة كرافيكية تجريبية في مدينة فالون بسويسرا.
هناك مقالة مهمة للكاتب والناقد حسن عبد الحميد عن الرسام حسن عبد علوان المتوفى في العام 2013 بعنوان quot;حكايا وأساطير لونيةquot; وبعنوان فرعي ؛ الرسم على ضفاف الطفولة ومباهج أحلام اليقظة.
أشار الكاتب إلى ما تحمله لوحات علوان من معاني عميقة تستمد ديمومتها من الارث المجتمعي ، بما quot; تفيض فيه من أنهار حب وأشجار تطير ، نساء غافيات حالمات بفرسان أحلامهن ، طيور ديكة ، قباب منائر وشناشيل تنمو وتتداخل بتموجات اللون وغبطة أفراح أبطال هذه الأساطير ..quot;
ومن ضمن المساهمات الأخرى ، جاءت المساهمة اللافتة والمطوّلة لـلباحث الأكاديمي د. زهير صاحب ، والتي حملت عنوان quot;الرسوم الآشوريةquot; ، دراسة في المضامين الفكرية ، ومما جاء فيها ؛ quot; تغوينا جمالية الرسوم الآشورية بـ ( التوضيح) ، وتنال اهتمامنا في أحيان أخرى بـ (التجريد) ، وفي كلتا الحالتين فإننا لا نرى فيها إلا السطوح ، في حين وجد الآشوريون جماليتها عند النقطة التي يندمج فيها التوضيح بالتجريد ...quot;
ساهم الكاتب والناقد مؤيد البصام بمقالته المعنونة quot; فنتازيا الحلم وروح الفطرة في أعمال هادي كاظمquot; ، quot;هذا الفنان الفطري الذي ظهر في سكون وفي غير افتعال ، واستطاع أن يكسب اعجاب الذين شاهدوا أعماله التلقائية والنابعة من إحساس عفوي وبساطة في التعبير ، مع ما تحمله من التعبير الذاتي لما اكتسبه من الحكايات والقصص الشعبية ، أعمال نحتية من الخشب الذي كان يتعامل معه في ورشة النجارة التابعة لكلية الفنون الجميلة في بغداد لبناء ديكورات المسرحيات ، ومن ثم لقاؤه بالفنان فاضل خليل الأستاذ في نفس الكلية ...quot;
ننتقل بعد ذلك إلى مقالة شيّقة للناقد المتمرّس عادل كامل عن الفنان هيثم فتح الله بعنوان quot; مشفّرات الفوتو- رسم وتدشيناتهquot; ، ومن بين مكتشفات عادل حول هذا الفنان والنحات المرموق أنه quot; لا يقدم نصوصاً فنية بمعزل عن نسق أنها تتضمن اندثارها ، جذع شجرة مكسور ، صخرة تعرضت لعوامل التعرية ، طيور في حالة نشوة ، بيوت مكتنزة برائحة سكانها ... إلخ ، إنما لم يغفل أن أكثر الأسئلة استحالة على الايضاح ، لا تكمن في النص الذي تضمن موته ن بل في الموت الذي تضمن استحالة حدوثه ؛ الومضات ، مرة بعد مرة تسمح للزمن أن يشكل علاماته ...quot;
تطالعنا مقالة مطوّلة للناقد موسى الخميسي بعنوان quot; الفن التشكيلي والخراف ن الغيبي واللاعقلاني في العمل الفني quot; ، وفيها تحدث عن التجارب الفنية العالمية ضمن هذا الاطار وكذلك تفسيرات وتأويلات مدارس التحليل النفسي .
الكاتب والفنان العراقي المقيم في السويد علي النجار سجّل حضوره أيضاً في هذا العدد ، عبر مقالته المعنونة ( عمار سلمان ومزاجه العربي) حيث قدم لنا دراسة عن هذا الرسام .
أسهمت الكاتبة زينب أكرم بمقالة بعنوان( لوحات بعبق الماضي) وهي عن الفنانة سوسن عبد الحميد .
الناقد والقاص المعروف جاسم عاصي ترك بصمته أيضاً عبر مقالته الفلسفية ( جدار العين والعقل) حيث تطرّق إلى جذور هذه الثيمة ؛ الجدار عبر العصور والفترات الزمنية المختلفة في تجارب الشعوب والأمم وكذلك في تجربة الفنانين العراقيين ولا سيما جواد سليم وشاكر حسن آل سعيد .
الفنان ستار لقمان كان له حضوره البهي المزدان بصور رائعة للوحاته عبر مقالة بعنوان ؛( لحظة القبض على ملامح الحياة اليومية) لرئيس التحرير الناقد المعروف صلاح عباس ، منوهاً إلى أن ستار لقمان نأى بمواضيعه عن الواقع اليومي المستفز والمضطرب وحلّق بعيداً ، وكأنه يروم لغاية أبعد تمهد له صناعة مدينة فاضلة مزدهية ببريق ألوانها ، تلك هي مدينة الحنين للماضي الجميل ...
حفل هذا العدد مقالات أخرى ، quot;التجريد ، لماذا quot; للطيب الفنان برهان جبر حسون
تأويل البعد التشكيلي في اللقطة السينمائية ، للكاتب حسين السلمان ، أصوات المكان ، للكاتب الأكاديمي أسعد غالب ، و( الاستغراق في معرفة النحت ودلالاته الجمالية/ منحوتات صادق ربيع أنموذجاً ) للكاتب خضير الزيدي ، كما أن هناك مقالة قيمة للكاتب خالد خضير الصالحي مكرسة عن الفنان عبد الرحمن الساعدي .
وللحروفيات نصيب أيضاً في هذا العدد عبر مقالة بعنوان ( لذة الحضور والغياب .. تمائم وحروف ومدن في رسومات هاشم الطويل )، وهي للكاتب د. شوقي الموسوي
الفنان التشكيلية فردوس حبيب ، تم تسليط الضوء على تجربتها الغنية عبر مقالة بعنوان( شفافية الرؤية وقيم فن التخطيط) للناقد والخطاط المعروف طه البستاني .
وعند مشارفتنا على الانتهاء من قراءة العدد تطالعنا مقالة مهمة للكاتب عبد الكريم سعدون عن الفنان قحطان الأمين ، وهي تحدثت عن أقنعته المتعددة .
ثمة مقالة أخرى تحمل زخماً من الأفكار والرؤى عن فنان الكاريكاتير التجريدي عبد سلمان البديري .
ثم نتوقف لبرهة مع مقالة الكاتب رعد كريم عزيز ، التي تحدث فيها ضمن إطار الحلم عما أسماه quot;المتحف الافتراضي للفن ؛ سقف آمن يلم شتات الفن العراقيquot;
نشير هنا إلى أن هذا العدد من مجلة تشكيل جاء مزداناً بأوراقة الزيتية والصور الصقيلة بألوانها الخلابة ، كانت صورة الغلاف من رسم حسن عبد علوان وهناك وازدان الغلاف الأخير بصورة فوتوغرافية بعنوان ( زقاق) بعدسة الفنان هيثم فتح الله .
نستطيع أن نتلمس من خلال هذا العدد والأعداد التي سبقته مقدار الجهد الكبير المبذول من حيث انتقاء المادة الغنية وكذلك في إخراجه وطباعته المميزة ، ومما لا شك فيه فإن هذه المجلة الفصلية الرصينة أثبتت وتثبت لنا عدداً بعد آخر بأنها من خيرة المجلات المتخصصة بهذا الشأن ، ليس في العراق فحسب وإنما في البلاد العربية بوجه عام ...
- آخر تحديث :
التعليقات