نحو عشرين ناقداً وكاتبا تجمعوا في مدينة أصيلة المغربية محتفين بمنجز الكاتب يوسف فاضل الابداعي ضمن موسم أصيلة أصيلة الثقافي.

عبد الرحمن الماجدي أصيلة: استضاف موسم أصيلة الثقافي في دورته السادسة والعشرين الروائي والسينارست المغربي يوسف فاضل من خلال تخصيص ندوتين يوم العاشر من شهر آب الجاري ضمن فعالية خيمة الابداع التي تنظمها جامعة المعتمد بن عباد الصيفية التي جمعت عدداً ليس قليلاً من النقاد والكتاب والمخرجين الذين قدموا أوراقهم النقدية والاحتفائية بالكاتب فاضل الذي كان وصول روايته الأخيرة "قط أبيض جميل يسير معي" الى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية الأخيرة حافزاً كبيراً لتسليط لقطات مكبرة الى منجزه الابداعي الكثير داخل وخارج المغرب.

عشرون ناقداً وكاتباً وسينمائياً توالت كلماتهم ومداخلاتهم حول منجز يوسف فاضل الابداعي مشرحين وشارحين ومادحين غوصه في التفاصيل الكتابية المنحازة للادب بعيداً عن ملل السرد منحيّا السياسة تحت فيض الأدب الذي ورطه بالسجن مرتين خرج منهما بحصيلة جديدة لفنه وحياته.

أبرز المشاركين في الندوتين اللتين ادارهما الباحث المغربي شرف الدين ماجدولين، الشاعر والروائي ووزير الثقافة الاسبق محمد الأشعري والناقدة والروائية زهور كرام والقاص والناقد السينمائي مصطفى المسناوي والناقد سعاد مسكين والروائي والناقد أحمد المديني والناقد مصطفى النحال والروائي محمد الهرادي والناقد السينمائي مصطفى العلواني والصحافية والكاتبة سعيدة شريف والمخرج داود أولاد السيد والشاعر محمد عنيبة الحمري.

لفت الشاعر محمد الأشعري الى أن روايات فاضل يمكن أعتبارها نصوصاً مرجعية في فن الرواية في المغرب، مشيدا بشجاعته في اختيارته لمواضيع روايته معتبره من المؤسسين الاساسيين لحرفة في المغرب.
ولفت الاشعري الى سطوة الفنون المشهدية في راويات فاضل، وهي متأتية من عمله الطويل في الكتابة للسينما والمسرح.

أما الناقد أحمد المديني فقد قدم مونوغرافيا حول أعمال يوسف فاضل وقال أنه انتصر للرواية والكتابة على حساب الشهادة التاريخية لان رواياته كانت تتحدث بشكل ابداعي عن التاريخ.
تجدر الاشارة الى أن المغرب يشهد في السنوات الأخيرة شيوع نشر أعمال أبداعية حول الاعتقالات من طرف السجناء أنفسهم كأدب سيري.

وركز المديني على رواية فاضل الأخيرة "قط أبيض جميل يسير معي" معتبراً هذه الرواية نصاً مركزياً في المسار الروائي للكاتب.

الناقد السينمائي مصطفى المسناوي، استهل كلمته بوصف يوسف فاضل بالمبدع الشامل، صاحب الأعمال القوية التي منحت السينما المغربية شخصيات راسخة في الأذهان إلى اليوم كدور محمد مفتاح في فيلم المكتوب، وشخصية الطفل علي زاوا.

وقال المسناوي إن الكثيرين لا يعرفون أن فاضل من المعتقلين المغاربة القلائل لأجل سبب ثقافي، موضحاً أن السلطات الأمنية اعتقلته لمدة شهر سنة 1974 بسبب مسرحية كتبها تحمل اسم "الگِيرّة"، مبرزا أن السلطات بررت ذلك بكونها تمس بالنظام، وهو الاعتقال الذي انتقلت معاناته إلى دفتي مؤلفاته بشكل نضالي.

وسجل المسناوي، أن أعمال فاضل القوية لم ينجح في تحويلها إلى أفلام سينمائية، وهو ما لا يشذ عن قاعدة متعارف عليها وهي أن الأعمال الروائية القوية يصعب نقلها إلى السينما.

الكاتبة والناقدة زهور كرام تحدثت عن الرؤية الروائية في أعمال الكاتب يوسف فاضل التي ترى انها تتحقق من خلال المصالحة الابداعية السياسية، أي قدرة الرواية على تشخيص السياسي وتحويله من الذات الفاعلة سياسيا بموجب سلطة الحكم الى موضوع منظور اليه من قبل شخصيات اكثر تهميشاً عبر لغة تعتمد التعري والسخرية.

ولاكتمال المصالحة السياسية الروائية يتوجب "الرجوع الى سنوات السبعينات في المغرب التي شهدت بداية الانتقال الديمقراطي وقدمت لكتاب كانوا سجناء مواضيع ثرة لتجاربهم السياسية خاصة في المعتقلات، وتبرز هنا تجربة يوسف فاضل من خلال تعبيرها عن حالة مناخ مغربي اراد له المغاربة ان يكون مدركاً بالحقوق والتخييل".

وتطرقت الناقدة الى رواية فاضل "طائر أزرق نادر يحلق معي" ولشخصية الكلبة فيها التي ترى أن الرواية تؤنسها و"تجعل منها شاهدة على وضع سياسي لم يعد فيه مكان للانسان لكي يكتب حكاية الاعتقال". إذ الرواية تتحدث لتوثيق حكاية الاعتقال من خلال العلاقة بينها وبين البطل عزيز.

واكدت كرام أن روايات فاضل تحكي موضوعات يعرفها المغاربة وكتب عنها الكثير، لكن الكاتب يشعرك في رواياته برغبة في معرفة أفق الحكاية، وهذا يرجع، كما ترى الناقدة، الى أن من يسرد ليس كمن يرى.
&

الكاتبة سعيدة شريف تحدثت في ورقتها النقدية عن تشكل الوعي الجديد في الرواية العربية، متخذة من أعمال يوسف فاضل نموذجاً، حيث رأت ان فاضل "ارتبط، ككاتب وروائي، بمجتمعه وبيئته، وظل يراوح بحيوية كبيرة بين كتابة الرواية والسيناريو والمسرح، ويسهم في تشكيل وعي جديد بسؤال الكتابة الروائية في المغرب وعلاقتها بالذات والتاريخ والمجتمع عبر توظيفه للحلم والتذكر والتشظي والتهجين وتقنيات اخرى أضفت على رواياته الأخيرة مسحة من الحلم وجعلت القراء يتلقفونها ويلهثون وراء أحداثها وشخصياتها القريبة منهم ومن تاريخهم الحديث فترة ثمانيانيات القرن الماضي وماعرفته من انتهاكات".
واعتمدت شريف على روايات يوسف فاضل: الخنازير 1983 واغمات 1990 وملك اليهود 1995 وحشيش 2000 وميترو محال 2006 وقصة حديقة الحيوان 2007.

أما الكاتبة سعاد مسكين فتطرقت في ورقتها المعنونة "الكتابة- المشروع عدن الروائي يوسف فاضل، الى فرضية انتقال المشروع من البحث العلمي الى الابداع الادبي وكيف للمبدع أن يحقق مقاصده وأهدافه من هذا المشروع.

وعملت على تجميع العديد من القرائن التي تدل على أن يوسف فاضل يشتغل ضمن مشروعه بمسؤولية ووعي كبيرين، من هذه القرائن التي وقفت عندها التراكم الذي هو الاستمرارية في كتابة الرواية ضمن مسار متجدد من حيث تقنيسات الكتابة وطرق الاشتغال.

ورأت الناقدة مسكين أن ورايات فاضل هي روايات شخصبة بامتياز. وتطرقت كذللك الى مستويات اللغة التي ادت وظيفتين هما وظيفة مغربة الرواية وكونيتها مما جعلت قضايا رواياته انسانية تمس أي وجدان انساني. وخلصت الى ان التجديد في طرق الكتابة يقود الى كتابة متفردة تتأسس على التخييل السياسي بعيدا عن الشهادات السياسية والسير الذاتية.

في نهاية الندوتين شكر يوسف فاضل، بكلمة مقتضبة كل من قدم ورقة نقد واحتفاء به معبراً عن مفاجاته حين دعي لهذا لتكريمز وكانت الدموعة تغالبة اكثر من مرة خلال مداخلات النقاد والكتاب.
يذكر أن الكاتب المغربي يوسف فاضل ولد في الدار البيضاء عام 1949 واشتغل في تدريس اللغة الفرنسية لسنوات طويلة، وقد توزع انتاجه بين الرواية والمسرح والسيناريو، وكتب باللغتين العربية والفرنسية. حصل على جائزة المغرب للكتاب لعدة دورات. واختيرت رواتيته "طائر أزرق نادر يحلق معي" ضمن الللائحة القصيرة لجائزة البوكر العربية عام 2014.
لديه 9 روايات بالعربية و15 مسرحية عربية و4 مسرحيات فرنسية الى عدد من السيناريوهات التلفزية والسينمائية.