خديجة العثمان من جدة: أسدل معرض جدة الدولي للكتاب مساء السبت الستار على فعاليات دورته لهذا العام 2018 بعد عشرة أيام زاخرة بالأنشطة والندوات الثقافية، كان آخرها مناظرة بعنوان (خطابنا الإعلامي والتحديات) شارك فيها ثلاثة من رواد الإعلام السعودي، وكانت أهم وأبرز ما تضمنته التوصيات المستخلصة من الندوة والتي عقدت مساء الجمعة 4 يناير ، إشكاليات العمل الإعلامي وسبل معالجتها ،وإعادة تفعيل دور الملحقيات الثقافية السعودية في الخارج ،وضرورة وجود استراتيجية واضحة بعيدة عن الغموض وفق رؤية متكاملة.

وتنوعت مخرجات المناظرة الإعلامية بين ضعف في إدارة الازمات و تطلع لمواكبة الاعلام السعودي للتحديات وأخرى تضمنت دعوات للتفاؤل والابتعاد عن جلد الذات، لافتين الى دور الاعلام المؤثر في توجيه الرأي العام وتكريس حس المسؤولية بما يناسب الاطار العام للرسالة الإعلامية، كما بينما اجمع المشاركون والسادة المناقشون على أن غياب استراتيجية واضحة للعمل الإعلامي هو أبرز ما يواجه الاعلام السعودي اليوم في إدارة أزماته، خاصة في ظل الحملات المغرضة التي تتعرض لها المملكة من قبل جهات معادية معروفة.

إعلام معاد.. وأعلام مضاد

وبدأ المحلل العسكري والاستراتيجي الدكتور علي التواتي المناظرة بقوله، أن هناك ضعفا انتاب الإعلام السعودي في إدارة الأزمات خاصة في ظل الاستهداف الذي تعرضت له المملكة العربية السعودية مؤخرا، معزيا الأمر الى غياب استراتيجية عامة تقود سير العمل وإشكالياته ومعالجته وفق رؤية واضحة ومتكاملة.

وعاد "التواتي" في حديثه الى حال الإعلام السعودي في فترة الستينات اذ واجه الحملات الشرسة باحترافية عالية، مؤكدا سبب هذا النجاح الى وجود استراتيجية إعلامية قوية لا تقوم على التهريج أو المزايدات أو التهجم، وكان جل اعتمادها هو تقديم الرسالة القائمة على الحقائق، وتعزيز الكادر الإعلامي والصحفي من خلال تحفيز الكفاءات العاملة والاهتمام بهم ابتداء من الوزير وحتى أبسط كاتب صحفي يقوم بأداء رسالته.

ويأسف (التواتي) على تدني مستوى الأداء والخطاب الإعلامي اليوم عن المستوى الذي كان عليه في السابق، الا أنه متفائلا بالعقول والأقلام السعودية التي متى ما وجدت بنية أساسية مؤثرة اعلاميا وأتيح لها الفرص من جديد مع بناء خطة واضحة سيظهر تأثيرها في مواجهة هذه التحديات والارتقاء بالأداء الإعلامي.

وأضاف الدكتور" التواتي" أن التصدي الأمثل لمثل هذه الحملات المسعورة التي تتعرض لها المملكة يكمن في الاعلام المضاد الذي يبدئ عمله قبل الأزمة حتى ما إذا احتاج الأمر لذلك ظهرت تحركاته وفاعليته في الأحداث الطارئة، كما نوه الى ضرورة العمل على تعزيز الثقة في وسائل الإعلام الوطنية بحيث تكون هي مصدر المعلومة الموثوقة والتي تكون كفيلة بحسم القضية وانهاء الجدل.

وتطرق التواتي الى الدور الكبير ل مراكز البحوث من خلال العمل على تقديم دراسات عن قيادات الوطن وعن التوجهات السياسية والعلاقات الخارجية الخاصة بالبلاد. والتي من شانها الرد على الإعلام المغرض والمعاد في أوقات الأزمات بدلا من التخبط وتناقض المعلومة

ارتباك في إدارة الأزمة وليس فشلا

وبدأ الكاتب الصحافي ورئيس تحرير صحيفة عكاظ جميل الذيابي المناظرة من حيث أنتهى الدكتور(التواتي)، وهو أن المملكة تتعرض لحملات مغرضة، واصفا إياها بالحرب مكتملة الأركان تشن من الخارج من قبل جهات معادية معروفة، وأن الأمر لا يحتاج الى عمل خارق كي يتم ادراكه، مؤكدا بأن المملكة ليست وحدها من تتعرض لهذا الهجوم الإعلامي الشرس وأن هناك دولا تتعرض لحملات مماثلة، منوها بهذا الخصوص بالدور الكبير الذي يلعبه الإعلام في رفع مستوى الأداء ونشر الوعي حول مختلف القضايا السياسية والمجتمعية.

وأضاف "الذيابي" أن الصورة الوردية التي عرف بها الإعلام لحقبة طويلة قد تلاشت، وأصبح اليوم ما يسمى بصحافة المواطن وهو ما اختلفت فيه الصحافة اليوم عن الستينات والثمانينات والتسعينات بعد ان اعتقد الكثير أنها لن تتجاوز حائط المثلث (الصحافة، والقراء، والمخابرات).

ورفض الكاتب الذيابي ان يعتبر أداء الإعلام السعودي قد فشل او ضعف، مستشهدا بصحف وأقلام ومنصات سعودية استطاعت أن تواجه عواصف معادية أكدت من خلال أدائها وتصديها دورها المؤثر في توجيه الرأي العام وخدمة الحقيقة، وأضاف أن أهم التحديات التي يواجهها الاعلام السعودي اليوم هو عدم وجود استراتيجية اعلامية واضحة، وان أحد أسباب ضعف غياب هذه الاستراتيجية هو غياب المعلومة ،وهو ما جعل الأداء يرتبك بعض الشيء في ظل الأزمات الأخيرة ، مؤكدا أن معالجة تلك الإشكاليات تكمن في بناء استراتيجية على المديين المتوسط والبعيد ليكون اعلاما قويا فاعلا

كما تطرق الى دور مراكز البحوث والدراسات وضرورة اطلاع ومواكبة كوادرها للسياسة السعودية، كما شدد على دور المبتعثين والأندية الطلابية والملحقيات الثقافية في الخارج والذي من شأنه تقديم الصورة الصحيحة للمواطن السعودي وللرؤى السعودية الحقيقية.

كما أضاف الا يحمل المجتمع وزارة الاعلام عبء هذا القصور وحدها، داعيا أن يكون العمل الإعلامي عملا تكامليا تحت مظلة مؤسسات رسمية ومدنية، والاستفادة من القوة الناعمة الموجودة بالداخل وحشد الجهود والطاقات وفق معايير شفافة وواضحة.

التكاملية والجرأة

وبدوره أكد الإعلامي السعودي ودير عام إذاعة جدة سابقا سلامة الزيد على قادة المؤسسات والمنصات الإعلامية المتنوعة بناء خطة ثابتة والسير على مسار ثابت يستقيم منهجه مع طبيعة الأداء الإعلامي ومتغيراته. وأن قوة الاعلام يكمن في تحقيق التكاملية التي تعمل في إطار منظومة مؤسسية تحترم الرسالة الإعلامية وتمنح الفرصة للكفاءات وتشجع الإنجاز، مشيرا الى دور الملحقيات الثقافية السعودية في الخارج في إيصال الصوت والصورة الحقيقية من خلال الوسائل والمنابر الإعلامية التابعة للبلاد

ولفت سلامة الزيد في الجلسة الى أن طبيعة العمل الإعلامي يتسم بالمغامرة فيتخلل الأداء جرأة في اتخاذ القرار لا يمكن للأداء أن يرتقي أو حتى يسير نحو التجديد والتطوير من دونه، مستعرضا بعض تجاربه بين أروقة الاعلام التي كسر بها قاعدة الخوف الغير مكتوبة، كما اتفق "الزيد "مع نظراءه حول أهم التحديات التي تواجه الاعلام السعودي في إدارة أزماته، وأن غياب المعلومة ورمادية الاستراتيجية وعدم وضوحها تظل أحد أهم أسباب هشاشة الأداء الإعلامي في إدارة الحدث.

يذكر أن معرض جدة الدولي للكتاب في نسخته الرابعة والذي حمل شعارا "الكتاب تسامح وسلام" انطلق في 26 من ديسمبر واستمرت فعالياته على مدى 10 أيام بعد أن حظي بمشاركة 400 دار نشر من 40 دولة خليجية وعربية وعالمية ،وندوات وأمسيات ثقافية منوعة ،كانت المناظرة التي حملت عنوان "خطابنا الإعلامي والتحديات" آخر الندوات الثقافية في الجدول الزمني للفعاليات، وهي أول مناظرة من نوعها يقودها اعلاميين سعوديين بمحاور جريئة لتقييم دور الإعلام في ظل التحولات المحورية التي تشهدها المملكة على كافة الأصعدة.