لو استمرت قمة ريكيافيك يومًا آخر، لكان ممكنًا أن يتوصل رونالد ريغان وميخائيل غورباتشوف إلى اتفاق لخفض أسلحتهما النووية، ولكانت القمة حققت النجاح. لكن ذلك لم يحصل.

إيلاف: في كتابه الجديد، "الحلم المستحيل: ريغان وغورباتشوف وعالم بلا قنبلة" An Impossible Dream: Reagan, Gorbachev, and a World Without the Bomb (المكون من 256 صفحة، منشورات بايتباك، 25.95 دولارًا)، يتحدث الصحافي الفرنسي غيوم سيرينا عن لقاء القمة الثاني الذي جمع بين الرئيسان الأميركي رونالد ريغان والسوفياتي ميخائيل غورباتشوف في العاصمة الأيسلندية ريكيافيك، لبحث ضرورة خفض ترسانة البلدين من الأسلحة النووية، إضافة إلى مستقبل العلاقات بين البلدين ومشروع حرب النجوم الأميركي الذي أطلقه ريغان، وكان بمثابة تصعيد لسباق التسلح بين القوتين الأعظم في ذلك الوقت.

كانت القمة التي عُقدت في أكتوبر 1986 واحدة من أكثر اللحظات إثارة وتلقائية في الحرب الباردة. منذ ذلك الحين، دأب المؤرخون ومؤلفو السير الذاتية والكتاب المسرحيون على العودة إلى ذلك المشهد. يروي سيرينا في كتابه القصة المأساوية لقمة ريكيافيك، وضياع فرصة إنهاء سباق التسلح النووي.

.. وفشلت المفاوضات
تعتمد رواية سيرينا، التي نُشرت للمرة الأولى بالفرنسية قبل ثلاث سنوات، على المحفوظات التي رُفعت عنها السرية والمقابلات مع الشهود لرسم صورة حية وقّيمة للاجتماع الذي استمر يومين في العاصمة الأيسلندية. وبحسب ما يروي، كان الاتفاق مرغوبًا، لكنه مستحيل.

فالجانبان أدركا أن لديهما رؤوسًا وصواريخ نووية أكثر كثيرًا من حاجتهما الفعلية. وعرف الجانب السوفياتي من جانبه أن تكلفة صيانة الأسلحة النووية كانت تشلّ الاقتصاد. بالتالي، شكلت القمة اختراق طبقات الجليد من عدم الثقة بعدما جنبّت خيوط رفيعة من الحظ العالم نهايةً مروعة.

أطلقت القمة العنان لكلمات لم يتحدث بها أحد من قبل، وتم اقتراح التخلص من الأسلحة النووية كافة. وبعدما اقترح غورباتشوف تقييد البحوث في مبادرة الدفاع الاستراتيجية أو ما تُعرف بـ "حرب النجوم" التي كان يرعاها ريغان، والتي تضمنت نظامًا دفاعيًا صاروخيًا، وطلب قصر التجارب مدة عقد كامل.

رفض الرئيس الأميركي ذلك، ولم يتوصلا إلى اتفاق. فشلت القمة بسبب حالة الارتباك وانعدام اليقين التي ظهرت في أثناء المفاوضات، وتثبيت ريغان أن مبادرة الدفاع الإستراتيجي عقبة لا يمكن تخطيها.

لو استمرت
يقول سيرينا في الكتاب: "لو كان للقمة أن تستمر يومًا آخر، لكان من الممكن أن يُمنح الزعيمان وقتًا لبناء علاقتهما المتنامية وإلغاء المشككين في وفديهما. فالرئيس غورباتشوف الذي تواجد في العاصمة الآيسلندية برفقة زوجته ريسا، كان على استعداد لإعطاء المحادثات 24 ساعة أخرى. أما ريغان، فعلى عكسه، كان وحيدًا ومرهقًا بشدة، وأراد المغادرة".

بصرف النظر عن التفاصيل، من البديهي القول إنه كان سيكون من الصعب على الدولتين العظميين إلغاء ترساناتهما النووية من دون قيام الصينيين والهنود والإسرائيليين وغيرهم من الدول بالشيء نفسه.&

مع ذلك، على الرغم من البداية الخاطئة في ريكيافيك، شهد العالم أيامًا بعدها يمكن وصفها بالسعيدة وفق المعايير المعاصرة، حيث استمرت المفاوضات بين الدولتين، مع نزع الأسلحة النووية متوسطة المدى في أوروبا والتخفيضات العميقة المؤكدة في الترسانات الاستراتيجية في الجانبين.&


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "إكونوميست". الأصل منشور على الرابط:
https://www.economist.com/books-and-arts/2019/08/15/reagan-and-gorbachevs-tantalising-nuclear-talks-in-reykjavik