ترجمة وتقديم - إيمان البستاني
هي رواية مصورة كتبها الكاتب الأمريكي ( بريان ك. فوجان ) وتم تصويرها من قبل (نيكو هنريشون) الصادرة في سبتمبر 2006 ،القصة عبارة عن سرد خيالي للقصة الحقيقية لأربعة أسود هربت من حديقة الحيوان يوم دخول القوات الأمريكية بغداد وفاز الكتاب بجائزة (آي جي إن ) لأفضل رواية مصورة أصلية في عام 2006
ينفتح المشهد عن منظر لشجرة في حديقة الحيوان في الزوراء / بغداد ، يقف على غصنها غراب ينعق ويقول ( السماء تتهاوى !) وبتكراره للعبارة نفسها يثار غضب أسد مر بالصدفة فصاح بالغراب متوعداً ( ان كررتها ثانية ، قسماً سأصعد اليك وابتلعك بلقمة واحدة! ) الأسد هنا هو الشخصية الرئيسية في القصة و يدعى ( زيل ) هرم ،عادة ما يكون هادئاً، إلا أنه يبدأ في إظهار علامات العدوانية ويثبت بأنه مقاتل كفء، ترافقه ( صفا ) اللبوة التي فقدت عينها وأذنها اثر حادثة اغتصاب قديمة حدثت في الغابة، تعودت على الآسر ولم تعد تعني لها الحرية شيئاً وصاحبت ( زيل ) عندما جلبوها لحديقة الحيوان
اللبوة الثانية ( نور) فتية في العمر تواقة للحرية تناصب (صفا ) العداء بعد ان ازاحتها من معاشرة ( زيل ) لها شبل يدعى ( علي ) ولا اعرف ان كانت اسمائهم مقتبسة من القصة الحقيقة ام ابتدعها الكاتب لدلالات سياسية، على الرغم من توظيف حكاية حقيقية في رواية رمزية، الا ان فوجان لم يفعل الكثير مع هذا الكتاب. ابدأ ببعض الأخطاء الواقعية ، مثل إبقاء الظباء على مرأى من الأسود، والسلاحف البحرية التي تعيش في نهر دجلة ، وطيور حديقة الحيوان (التي كان من شأنها أن يقص ريشها منعا للطيران ) وهي ببساطة تطير هربًا من أقفاصها، إذا كان بإمكانهم الطيران ، فلماذا لم يفعلوا ذلك من قبل؟ هذه الأخطاء الصغيرة لا تكاد تذكر، ولكنها نموذجية في متن الحكاية التي تعامل بها
عدا بعض الحوارات الجنسية التي تجعل من العمل لا يحبذ قرائته من قبل الصغار ولن يضيف للكبار سوى انه مهين لعلاقة الذكر بالانثى وسطوته عليها
في النهاية إن أسود فوجان ليسوا أسودًا، هل جعلهم يمثلون تمثيلًا مليودراميًا للشعب العراقي، هل وفق الكاتب ام لا ؟ يبقى الجواب عند القارئ

نعود للمشهد الاول وسط انذار الغراب لهم بأن شيئاً يحصل ولضعف سمع ( زيل ) نجد اقناعه صعب ويحاول طمأنة ( صفا ) بأنه لو كان هناك أمراً لأبلغه مسبقاً عمال الحديقة
يقفز الشبل ( علي) ليقول ( هل رأيتموهم ؟ انهم في الاعلى! ) بينما والدته ( نور) منهمكة في حوار من داخل زنزانتها مع غزالة تقيم في زنزانة مقابلة عن مفهوم الحرية بأنها تؤخذ لا ان تعطى، وان العدو واحد متمثلاً بعمال الحديقة وهم من الغباء في تقدير الخطر الناجم لو وضعوا قدمهم في زنزانة الغزالة التي تبدو وديعة لكانت قرونها كفيلة بهم، وطمأنت ( نور ) جارتها الغزالة بأنها قد نسقت امر الحصول على المفاتيح بارسال رسائل للقرود عن طريق الفئران لكي تفتح زنزانتها اولاً حال حدوث اي طارئ
تتركها الغزالة قائلة ( اما ان نعيش بعيدين او ان نموت معاً ) وهنا تزأر ( نور ) بوجهها بأن حياتهم بائسة لا تستحق العيش ، يصيح (علي ) بأمه ( نور ) بأن الغداء قد حضر وهو لحم ارانب، يبدو عليها الضجر يسألها ابنها ما بها الارانب ؟ اليست لذيذة ؟ فتجيب : لذيذة لكنني اشتقت لمهارة الصيد لا للاكل الجاهز

يبدأ العداء بين (صفا) و(نور) حول حياتهم تبدو (صفا) مستسلمة لواقعها امام تمرد (نور) التواقة للحرية يسكتهم (زيل) حين يتكلم عن ماضيه حين كان يرتقي تلة كل مساء ليشاهد غروب الشمس وكأنه كرة نار في الأفق، يقفز (علي) مستفسراً ( وما هو الأفق يا زيل ؟)، يجيبه زيل: هو شيء لا يمكن رؤيته في مكاننا هنا، ولا يهم الأفق في اي مكان، يكفي ان منظره رائع، وهنا تسقط عليهم جثة حمار وسط دهشتهم هل العمال اصبحوا يطعموهم حميراَ ....لكن (زيل) انتبه الى مغادرة جماعية للعمال في مشهد لم يألفوه من قبل

ثم بدأت القنابل تهطل كالمطر عليهم، صاح بهم (زيل) بأن يهربوا ولا ينظروا خلفهم ...فيسأله علي: هل كان هذا هو الأفق ؟! ، اصيبت الحيوانات بهلع تركض حاملة اطفالها بأفواهها، كل واحد منهم يصيح بالآخر : هل سنموت ؟.....ركض الجميع الى ان هدأ الصوت فقال (زيل ) لا لم نمت يبدو اننا اصبحنا احراراً، فقالت له نور: هناك قول بأن الحرية لا تعطى بل تؤخذ، يجيب زيل :وايضا هناك قول قديم يقول عندما يعطيك احداً هدية عليك ان تشكره ! لكننا الان علينا ان نغادر المكان، يضيف علي: لنذهب للغابة سنكون هناك ملوكاً، ترفض (صفا) المغادرة وان مكانها كان ويبقى هو حديقة الحيوان بؤس افضل من كل الخيارات
صاح بها زيل: هل تودين الموت وحيدة؟ تجيبه : ربما هو ثمن الموت بهدوء، يغادرا زيل ونور وعلي تاركين صفا وحدها

بدأت جموع الحيوانات بالهرب وبرزت بينهم زرافة فتية بعنقها الطويل تقول متعجبة : هذه الجنة قد فتحت ابوابها لنا ربما استجابت السماء لدعاء احدنا، لم تكمل كلمتها حيث قصمت عنقها قذيفة جعل منظرها المرعب بنصف رقبة سبباُ في هلع من حولها
رذاذ القذائف قذف بالشبل (علي) مسافة جعلته يسقط وسط تجمع قرود، اخذوا يسخرون منه ومن اسمه بعد ان سألوه عليه واضاف كبيرهم كلمة (بابا) حتى يصبح (علي بابا) السارق المعروف وتجمعوا ليرفعوه وبيد كبيرهم حجر مدبب لجرحه، بدأ يستغيث الشبل منادياً امه التي جن جنونها وهي مع (زيل) على الضفة الاخرى من النهر، همت بالقفز لكن (زيل) حذرها بأنها ستغرق في النهر لكونها لا تجيد السباحة مما زاد من جنون غريزة الأم وهي تسمع صيحات وليدها وهي عاجزة عن انقاذه، لم يعلم احد ان في هذه الأثناء تزحف (صفا) بحذر للانقضاض على تجمع القرود وتخليص (علي)، ثوان واذا بصفا تهجم على كبير القردة وتجعله نصفين وتعض على فروة (علي) وتلقيه على ظهرها وبقفزة اوصلته لأمه (نور) التي كادت ان تجن

سألت (صفا) الشبل (علي) هل آذوه القردة ؟ فأجاب "قليلاً"، ردت (صفا) متهكمة بأن هذا ما كان يحتاجه ليقدر الحياة ...وسط تضورهم بالجوع برزت الغزالة صديقة (نور) خاطبتهم ومضت، اقترحت (صفا) ان تكون الغزالة وليمتهم لكن (نور) رفضت وقالت( لا دعوها وشأنها الأسود لا تخون اصحابها )، بالرغم انهم اضاعوا وجبة سهلة الحصول لكنهم قالوا سنحصل على وجبة اخرى مما نصادفه في طريقنا

ثم تظهر للقارئ مشهد ساحة الاحتفالات ونصب قوس النصر الساعدين والقبضتين الممسكة بالسيف منظر ادهش شخوص حكايتنا، يسأل (علي) هل رأيتم كل هذا الجمال حولنا ونحن لا ندري، كانوا يوهموننا سابقاً بأن ما يحيط بنا سوى صحراء قاحلة يموت فيها من يفكر بالهرب، علينا ان نجد مأوى لنا، تجيبه أمه كلا يا علي الأسود كل الأمكنة مكانها

توجهت ( صفا) و (علي ) لشرب الماء من النهر ، فتراءى لها وجه من تحت الماء، كان ذلك سلحفاة هرمة قد غطست بالنهر، خرجت عليهم تصيح ( ابتعدوا عن دجلة ! ) اجابتها صفا ( لسنا نموراً نحن اسود) ظناً منها انها سمعت خطأً.....اجابت السلحفاة اعرف انكم اسود ولستم نمور ما قصدته هو اسم النهر ....تعجبت (صفا) ان للنهر اسماً
قالت (صفا) للسلحفاة بأنهم ضيوف سيشربون الماء ويمضون .....دعتهم السلحلفاة بأن يكونوا ضيوفها ....لكن (صفا) اجابت لم نسمع يوماً بفصيلتك في حديقة الحيوانات، قالت (السلحفاة) لم اعش يوماً في قفص
قال (علي) لقد سقطت السماء على بيتنا القديم، بل سقط الجحيم، سألت (صفا) السلحفاة بأعتبارها معمرة هل حدث هذا من قبل ؟ ردت (السلحفاة) بأنه قد حدث مراراً واخر مرة دام سنيناً طويلة، الحرب هو ان تفقد زوجتك، اطفالك، اعز اصدقائك، وكل ما صنعت
قال علي : كيف يضيع كل شيء؟
السلحفاة : هناك تحت الارض شيء اسود كالسم عندما يتقاتلوا الناس يرسلوا ذلك للسماء ليعود يسقط ثانية في البحر
صفا : الناس هل هم عمال الحديقة ؟
السلحفاة : ناس، عمال، سميهم ماشئت كلهم سواء
صفا : على ماذا يتقاتلون ؟
السلحفاة : بودي لو اعرف
سمعوا فجأة صوت قرقرة عالية جفل منها (علي) وصاح ماهذا؟ كأنه صوت معدة كبيرة
السلحفاة : انه صوت اسد بابل
صفا : ماذا ؟
السلحفاة : هل تذكرين عندما قلت ان الناس او المارة يحضرون قذائفهم ؟ اسد بابل مجرد اسم ليس اسداً حقيقياً، هو تمثال لأسد يحاول ان يلتهم انساناً والانسان يقاتله وكأنه قط كبير من الحجر، هناك اسطورة تقول، طالما التمثال لا يزال منصوباً و واقفاً ستبقى الحماية على البلد
صفا : لكنها ارضنا الان، ماذا يفترض بنا ان نكون الان في التمثال، الاسد ام الانسان ؟
السلحفاة : ربما الاثنان ....او لا احد ....مالفرق؟ وانا لا اعلم هل لازال التمثال في مكانه ؟
صفا : انتظري، ماذا يعني ذلك ؟
السلحفاة : هناك اسود غيرهم في بابل
علي : ماذا ارادت ان تقول ؟
صفا : لاعليك، ليس هناك اصغر من عقل سلحفاة
علي : كان علينا اكلها، امي تقول الاغبياء عليه ان تكون عقولهم في افواهنا لا في رؤوسهم

تقدمت الدبابات الامريكية باتجاههم وحشر (علي) نفسه قريب من عجلاتها، قفزت (صفا) لسحبه قبل ان تدهسه الدبابات، ركض (علي) باتجاه امه
قال (زيل) لم يعد آمناً بقائنا هنا
صفا : علينا العودة الى بيتنا القديم
زيل : لا نستطيع لان هؤلاء يستعرضون على طول ميل والعودة للحديقة معناه ان نمر من خلال هؤلاء الوحوش وسنعرض انفسنا للموت
صفا : ماذا علينا ان نفعل الان ؟
ساروا جميعاً عكس اتجاه الدبابات ظناً منهم ان الدبابات ذاهبين لملاقاة اعدائهم، لكنهم قالوا كيف يكون له اعداء من كان بهذا الحجم ؟

مروا في سيرهم بقرب تمثال الرئيس السابق (صدام حسين) في ساحة الفردوس قبل اسقاطه والسماء متربة بلون الدم
اقترح عليهم (زيل) ان يجدوا مأوى لهم افضل من مخاطر التسكع في شوارع مقفرة وسط ازيز الطائرات، سبقهم (علي) لمدخل بناية يفوح منها رائحة الدم، كانت هناك بقعة دم لجثة قتيل احتاروا في هويته
قال علي : ربما هو احد عمال الحديقة
رد زيل : لا يهم من يكون، المهم ان يسد رمق جوعهم
صاحت صفا : لا يمكن التهامه يا علي وان بدا وجبة سهلة
رد زيل : نعم لا نستطع اكله خاصة واننا قضينا سنوات لا نأكل الجثث
اضافت صفا : عشنا سنين طويلة مع عمال الحديقة وهم من حافظوا على حياتنا، لا يمكن ان نفكر بهم وجبة اكل
رد زيل : نعم ابقوا علينا احياء لاننا لم نفكر بهم صيد سهل
امتعضت صفا منه : اليس لك ولاء ؟
قال زيل : نعم فقط لكبريائي

صاحت بهم (نور) ان يتوجهوا لمصدر الصوت القادم من خارج البناية وتبين انهم خيول، قال عنهم (زيل) يبدوا كأنهم غزلان ضخمة بلا قرون، اختبئوا بين الاشجار لمراقبتهم للأنقضاض عليهم
سقطت قذائف على المكان جعلت الخيول في هلع وهربت في الحال، فقال (زيل) انا لا استطع الجري خلفهم لكبر سني، سأبقى انا وعلي هنا وعلى نور و صفا اللحاق بهم واصطياد احدهم كفريسة

ركضتا نور وصفا خلف فريستهم لكن الخيول دخلت بهو قصر متهدم، وهكذا وجدا نور وصفا وحدهما وسط فخامة لا توصف
قالت صفا : هل نحن في الجنة الان ؟
ردت نور : لا اعتقد، لم يحن الوقت بعد لنكون هناك
صفا : اعتقد هذا مكان عمال الحديقة، عندما يتركونا يأتون هنا، لكن اين ذهبت البغال السمينة ؟
صفا : قصدك الخيول ؟ سميهم ماشئت، هل تشمين ذلك ؟
قالت نور : يبدو انه طعام متعفن
نظروا اليه ، كان اسداً ممدداً جريحاُ يحتضر، صاحو به : ايها الاخ ؟ هل نعرفك ؟
قال الاسد الجريح ( واسمه رشيد يُعتقد انه الاسد الذي كان يربيه نجل الرئيس السابق عدي) : ما دام لديكم مخالب واسنان فأنتم محظوظون
سألوه صفا و نور : من فعل بك هذا ؟ اية وحوش فعلت هذا ؟
نور : ربما يا صفا هو الاسد الذي اختفى من الحديقة الربيع الماضي حيث جلبوه هنا
صفا : حتى لو عمال الحديقة فعلوا هذا، لكن لا يمكن ان يكونوا عمال حديقتنا، انه اسد مدلل
نور : لا انه كيس من جلد وعظام فقط
جاءهم صوت اخر ظنوا انه اسداً اخر، لكن الصوت قال : انا (فجر) السيد الجديد للقصر
التفتوا نحوه فاذا به دب ضخم، في هذه الاثناء لازال (زيل) و(علي) يتربصان بين الاشجار
توجهت نور للدب قائلة : اي وحش انت ؟
الدب فجر : انا الوحش الرحيم، لو احداكما وضعت نفسها بين فكيّ، لقاتلت الاخرى والتهمتها ايضا
قالت صفا لنور : لنهجم عليه اذن، وهجمتا بالحال وغرزت صفا انيابها في جسده فألقى بها ارضاً بعد ان اصيبت عينها السليمة
هجمت نور عليه ايضا ونالت نفس المصير، صاح بالدب صوت اسد : اتركهم وشأنهم
فالتفت الدب فجر متعجباً : أهذا انت يا رشيد؟
يبدو ان الدب فجر هو من اصاب رشيد بتلك الجراح
قال الاسد : لا انا زيل وقفز في الهواء ليمسك بأنيابه عنق الدب وبقيا يتعاركان الى ان القى به من القصر و سقط ارضاً بلا حراك
غادورا الاربعة زيل ونور وعلي وصفا التي لم تعد تبصر واتجهوا لمكان اخر كأنه بناء عال يشرف على المدينة فبدا لهم ( الأفق) وتعجبوا من جماله، الا صفا لم تشاركهم تلك اللحظة، وقالت يكفي اني سمعت عنها الالاف المرات
وهم نازلين سقط (زيل) اثر اطلاقة اودت بحياته، تبعته ( صفا) بنفس المصير، صاحت ( نور) باتجاه الاطلاقات : عليكم اللعنة ايها الحيوانات ! فأصابتها اطلاقة والثانية اسكتت علي، وبقت نور بجراحها تسأل علي اين انت ؟ هل انت بخير ؟ لم يرد عليها لانه مات قبلها وهكذا ماتت دون ان تسمع اي جواب

بدا صوت الاقدام لجنود امريكان مدججين بالسلاح ويرددون ( يايسوع المسيح)، قال كبيرهم لأحدهم : هل انت بخير ؟ رد المعني ؟ نعم لكنني لم اكن ارغب بقتلهم !! ، تقدموا الجنود بأتجاه الأسود الميتة وقالوا : من اين جاؤا ؟ يبدو انهم حيوانات للتربية لم يكونوا حيوانات برية، لا يهم .... الان هم احرار بموتهم