تستدعي اشتراطات البحث والتأمل في انجازات <سامراء العمرانية> (الدراسة المشغول به شخصيا في الوقت الراهن)، النظر مجدداً لما تـمّ احرازه سابقا في الممارسة المعمارية الاسلامية وتأثيراته على المنتج العمراني السامرائي الحصيف من جهة؛ ومن جهة آخرى، امعان الاهتمام بمعنى ودلالات خصوصية المكان، التى وجدت "سامراء" نفسها عند نقطة تلاقي تأثيرات ثقافية وعمرانية شديدة التنوع، وادركت ثم وظفت،على نحو متقن، نجاعة مهام التلقيح المعرفي او ما يعرف بـ "التثاقف". لكننا، هنا ابتداءً، سنركز على المهمة الاولى، ونقرأ مرة آخرى قيمة المنجز المجترح في عاصمة العباسيين الثانية، من خلال حضور تأثيرات التجارب المسبقة، مع ادراك أهمية المبادئ التخطيطية والمعمارية التى أُمتحنت جدارتها وصوابيتها في العديد من الامثلة العمرانية السالفة على نتائج ذلك المنجز المهم. ومن هذا المنظور، تتبدى تجربة الممارسة العمرانية التى تمثلت في تخطيط وعمارة مدينة "واسط" بالعراق عند مطلع القرن الثامن الميلادي، كاحدى المرجعيات العمرانية الهامة التى اسهمت في جعل اعمال سامراء التخطيطية والمعمارية، تتأتى بمثل تلك النجاحات المهنية المبهرة وبذلك الابداع المتفرد.
عندما اولى عبد الملك بن مروان (646 – 705 م) الخليفة الاموي، ولاية العراق في سنة 693 م (75 هـ) " للحجاج بن يوسف الثقفي" (667 – 714 م) <40 هـ - 95 هـ> عهد الاخير الى معاونيه وكلفهم ان يشيروا اليه عن مكان آخر لعاصمته الجديدة التى ينوي تأسيسها، بدلا من مدينتي الكوفة والبصرة ، اللذين كان يقضي 6 اشهر في كل واحدة منهما، تجنباً ، كما تشير المصادر التاريخية، للصراعات والفتن العاجة في تَيْنِك المدينتين وتفادياً لمواقف اهل الكوفة والبصرة العدائية تجاهه وتجاه حكمه المستبد. ونظرا للعنف المفرط الذي ارتبط باسم الحجاج، وكذلك لظلمه وإضطهاده وقسوته التى لا تعرف الحدود، كما تصفه المصادر التاريخية الموثوقة دوما؛ فسيكون من المتعذر عليّ شخصيا، ومن غير المنطقي (..وغير الصائب ايضاً!) عزو نجاحات تخطيط وعمارة واسط الى الحجاج وحده، وفي نفس الوقت التغاضي عن ذكر عمل ومهنية "المخططين" الماهرين و"المعلمين" المبدعين الاكفاء. وارى في مقاربتي هذة التى تسوغها ضرورة الحاجة بالاشادة والتذكير بجهد المبدعين الحقيقين، هم الذين تمكنوا بنباهتهم وتواضعهم وفطنتهم ان يُؤَوَّلُوا ما انجز سابقا (وفي الكوفة تحديدا)، واعتباره مرجعية معرفية لهم بخلاف رغبة الحجاج الكاره لتلك المدينة والممتعض منها؛ اجد ذلك متسقاً مع موقف شخصي اتبناه واسعى، حسب قدرتي، وراء الالتزام به، بضرورة اجراء <تفريق> بين الحكام وبين طبيعة "الجهد التخطيطي والمعماري" اللافت الذي تمّ على ايدي المبدعين الحقيقيين. وقد وفر لي هذا سانحة لاسداء الثناء والاعجاب بالمهنيين والمعماريين القديرين حصراً، عند الكلام عن ايجابيات الحدث التخطيطي والمعماري الواسطي، والاعلاء من شأنه الابداعي، من دون ان يسجل ذلك لناحية مديح "الحجاج" او اطرائه، وابقاء التذكير بشخصيته الحقيقية كحاكم جائر ومتعسف. كما اجاز ذلك "الفصل" و"التفريق" اللذين اتبعتهما، امكانية النأي عن سياق "التعظيم" اللفظي الذي وقع فيه كثر من الباحثين، عندما تعاطوا مع نجاحات واسط العمرانية ونسبوها الى "الحجاج" وحده.

ينزع بناة "واسط" ان تكون خطط مدينتهم الجديدة، المشيدة في عام 702 - 703 م (يشير كوركيس عواد الى ان المدينة تأسست في 83 هـ او 84 هـ وفقا للبلاذري، والطبري وياقوت الحموي والانساب للسمعاني الخ، انظر <تاريخ واسط لبخشل>، 1986، ص 22)؛ ينزعوا لان تكون تمثيلاً واضحاً لما تم انجازه في الكوفة سابقا، من حيث الاهتمام بحضور ثنائية الفضاءات "العامة" و"الخاصة" كقيمة تخطيطية وكمبدأ حضري جديد اجترحه المخططون الاسلاميون وطبق ميدانياً في تلك الحاضرة الاسلامية المهمة، ومن ثم طبع مدنهم، لاحقاً، بطابع خاص، مانحا اياها هويتها المميزة، ومضفياً تنويعا لافتاً للمعرفة الانسانية في مجال التخطيط. بمعنى آخر، لم يكتف بناة الكوفة ومعلميها باستخلاص الدرس التخطيطي الكوفي، وانما سعوا وراء تطبيقه عمليا في تخطيط واسط وعمارتها. وكما في الكوفة، فان الفضاءات العامة في واسط تمثلت في مركزية المسجد الجامع وفي دار الامارة وكذلك في الاسواق التى شغلت مركز المدينة الجديدة، مع حضور "الرحبات" واحاطتها بابنية لمنازل خاصة تعود لعموم سكنة واسط.
وفقا لخصوصية دراستنا، فاننا لا نتوخى من الدرس الواسطي تتبع قيمة وتبيان اهمية ما أًنجز هناك، بقدر ما نود ان نرى تأثيرات ذلك المنجز على الممارسة العمرانية السامرائية وعلى اساليب عمارتها. يتعين التذكير ايضاً، من ان قيم ومبادئ الممارسة العمرانية الواسطية لم تقتصر تأثيراتها على النشاط البنائي في سامراء، وانما شمل ايضاً مجمل النشاط العمراني الاسلامي في مختلف الامصار القريبة والبعيدة عن واسط، ومن ذلك على وجه الخصوص، تأثيرات خصوصية تلك الممارسة المعمارية على صياغة الحلول التكوينية – الفضائية للمسجد الاموي "مسجد الوليد" (705 - 715) بدمشق، <درة> المنجز المعماري الاسلامي واحد نماذجها التصميمية الرائدة. ولئن غفل كثر من الدارسين في الاشارة الى ذلك التأثير، فان هذا انما يدرك من باب عدم الالمام، الذي يفترض ان لا يكون حاضرا او سائداً في ادبيات البحث العلمي. وثمة دلالات واضحة لهذا التاثير على ما تم في مراحل تأسيس بغداد العباسية، (لنتذكر، في الاقل، مفردة "القبة الخضراء" في قصر المنصور المشيد زمن تأسيس بغداد (762 -764)، والتى تحاكي عمارةً ووظيفة القبة الخضراء في دار الامارة بواسط التى جاء ذكرها لدى كثر من المؤرخين). كما ان التأثير الواسطي كان حاضراً في النشاط العمراني والمعماري في سامراء (مدار اهتمام هذة الدراسة)؛ والذي ننوي لاحقا تبيانه واظهار خصائص اثره بتفصيل اوسع. وبما ان الدراسات الآثارية والاعمال التنقيبية في مدينة واسط التاريخية، لم تنته بعد، ولم تكتمل وخصوصا فيما يخص تخطيط وعمارة "دار الامارة" (702 – 703) فيها، فاننا سنولي اهتماما خاصا الى عمارة المسجد الواسطي الاول الذي يعود تاريخه الى زمن تاريخ المدينة ذاتها اي الى 702 – 703 م. (جدير بالذكر ان ثمة ثلاثة مساجد انشأت في ذات الموقع: الاول، هو مسجد واسط زمن الحجاج، والثاني الذي يعود تاريخه الى عـام (400 هـ) فوق المسجد الأول؛ ولكن بتصحيح اتجاهية قبلته وتغيرها بنحـو 34 º درجة ( أي من اتجاه 51 درجة بالاتجاه الجنوبي الغربي الى 17 درجة بالاتجاه نفسه. ويعتقد بأن الجامع الثالث قد شيد عام 550 هـ وعلى نسق الجامع الثاني واستفاد بناته من بقايا جدران وأسـس ذلك الجامع. (شريف يوسف، تاريخ العمارة العراقية ص.253 ).
يكاد يكون الشكل العام للمسجد الجامع الذي شيد زمن الحجاج بواسط ، مربعاً، تبلغ أبعاده 103.50 × 104.30 متراً ؛ وهذه الأبعاد تتفق مع ما ذكره المؤخرون القدامى من أن مسجد الحجاج كان مربعاً (ذرعه مائتين في مائتين ) (فؤاد سفر. واسط) . يتألف التكوين العام للمسجد من عناصر معمارية أمست مألوفة ولازمة في الحلول المعمارية / الفضائية للمساجـد الجامعة والمتمثلة بالظلّـة، (بيت الصلاة )؛ والصحن، والمجنبات والجدران الخارجية والأبواب التي تفضي سواء الى الأروقة الجانبيـة أم الى الظلة مباشرة. يشغل بيت الصلاة بالمسجد الجامع في واسط ، ظلة بأبعاد 26 × 98 متراً ، وتتألف هذه الظلة من خمسة أساكيب ذات أبعاد متساوية تقريبـاً . تنـقسم الى تسع عشـرة بلاطة غيـر متساوية عرضاً إذ اتسعت بلاطة المحراب قليلاً عـن متوسط اتساع غيرها من البلاطات وصغرت البلاطتان المتطرفتان قليلاً عن متوسط اتساع جارتيهما. يؤلف الصحن ـ الفناء المكشوف في المسجد ، مستطيلاً أبعاده 66 ×88 متراً تحيط به من جهاته الثلاث مجنبات بكل منهما رواق واحد ؛ وهناك تسع عشر مربعة يحدها ثمان عشرة اسطوانة في رواق مؤخر المسجد وفي كل من الرواقين الشرقي والغربي ثلاث عشرة مربعة يحد كل منها اثنتا عشرة اسطوانه. تتوزع في فضاء الظلة ، وكذلك في المجنبات ، أعمدة يستند عليها سقف المسجد مباشرة ، خالقة بأسلوب توزيعها منظومة الأساكيب والبلاطات ، وهذه الأعمدة التي يتراوح قطرها بين 0.90 ـ 1.10 متر ، كانت مؤلفة من قطع من الحجارة الرملية المنحوتة موضوعة قطعة فوق الأخرى " مفرغ فيها الرصاص ومسكوكة بسفود من حديد يخترق طول الأسطوانـة ". كما فرشـت أرضية المسجد بآجـر أحمر مرصوف رصفاً موازياً لجـدار المسجد وقد شيدت في وقت متأخر (304 ) هـ مأذنة، إلا انها تهدمت وأزيلت عام(447 ) هـ ، وثمة احتمال على وجود ميضأة في وسط الصحن لكنها لم تكتشف بعد .
تمثل عمارة المسجد الجامع العنصر الأساسي والمهم في المشهد الحضري لمدينة واسط ؛ وعلى الرغم من الأبعاد الكبيرة ( المطلقة ) لقصر الحجاج ( أو دار الإمارة ) التي شيد المسجد لصقها؛ إذ يبلغ طول القصر ( نحو200 متراً ) أي ضعف طول المسجد ، فان نوعية التقسيمات الفراغية للمسجد الجامع واختيار المقياس المعماري Architectural Scale المستخدم في عمارته تجعل منه البؤرة الفراغية الأولى في المدينة . وتزداد أهمية المبنى وحضوره في المشهد المديني جراء الطابع العام لوظيفته مكاناً لأداء الصلاة والتقاء جميع ساكني المدينة وزوارها . وتشير أبوابه العديدة الموزعة في جدرانه الثلاثة ، عدا جدار القبلة ، وعددها أحد عشر باباً : أربعة أبواب في الجدارين الجانبين ، وثلاثة في جدار المؤخرة ، تشير الى عمومية هذا الطابع .
تجسد عمارة المسجد الجامع في واسط حضور العناصر الأساسية الداخلة في الحلول التكوينية / الفضائية للمساجد الجامعة ، بيد أنها هنا ، في واسط ، تبدو هذه العناصر في أعلى مراحلها من صياغات الوضوح والنقاء ، وقد ارتقت نوعية تلك العناصر الى ذلك المستوى المهني الرفيع عبر التوظيفات الخلاقة للخبرة الكبيرة والواسعة التي شهدتها التطورات المعمارية الحاصلة في عمارة المساجد الجامعة في المدن الأخــرى ، ولا سيمـا الأعمال المعمارية التي جرّبت في القدس وكذلك النشاط المعماري في مساجد البصرة والكوفة والمدينة ؛ الأمر الذي يفسر لنا تكامل الحل المعماري ونضج المعالجة التكوينية في مسجد واسط .
وتبدو تقسيمات وحدات العناصر المسقفة والمكشوفة التي يعتمد عليها أساساً التكوين المعماري ، تبدو جليّة ومحددة في الإسقاطات الكتلوية لعمارة المسجد ، وهذا الجلاء والتحديـد يسهم كل منهما في زيادة الاكتفاء التكويني الذاتي لعناصر المسجد ذلك الاكتفاء الذي يعمل في اتجاه اهمال المعالجة التصميمية ، وعدم اكتراثه بأهمية الفضاء الخارجي المحيط ، الأمر الذي يسمح في امكانية امتداد البناء نحو جدران المسجد ذاته ، " وملامسته " كتلوياً كاشفاً في الوقـت نفسه عن تجليـات عمل إحدى أهم الخصائص التكوينية للعمارة الاسلامية ، والمتمثلة في آهلية إحاطة الكتلـة المعمارية للفضاء والتخلي عن النمط المفاهيمي لتمركز الكتلة ذاتها في الفضاء المحيط كما عنـد الحضارات الأخرى !! . وترمي سيادة طول ظلة المسجد على عمقه الى تحقيق نوع من الكفاءة الوظيفية عبر إفساح المجال واسعاً أمام المصلين للإصطفاف في الصفوف الأولى أثناء الصلاة .
لا يولي مصمم المسجد الجامع أهمية تذكر لتوقيعات الأبواب التي تخترق جدران المسجد لتوصل الخارج بالداخل ، فالأبواب المتشابهة ( وهنا أبواب وليست بوابات ) موقعة وفق إيقاع هندسي منتظم ، على طول جدران المسجد الثلاثة . كما لايفصح توقيع هذه الأبواب وطريقة معالجاتها التصميمية ، في أي حالٍ من الأحوال ، عن نوعية واتجاهية المسار الذي تفضي اليه ، فهي عبارة عن فتحات في الجدار متشابهة ومتناظرة في التوقيع وتسمح وضعية الصحن المكشوف وطريقة اتصاله مع الظلّة بتعدديـة المسارات والتواصل الحر بيـن جميع عناصر المسجد الجامع؛ فضلاً عن إمكانية إدراك وتخديم الصحن فضاءاً اضافياً لوظيفة الظلة الأساسية في أداء شعائر الصلاة وتلبية ضرورات التجمع السكاني ، ويعمل تشابه المعالجات الواجهية الداخلية للمجنبات والظلّة المطلة على الصحن في المسجد الجامع بواسط ؛ على غياب المحور الأساسي للتكوين ، الأمر الذي انعكس بصورة واضحة على تماثل معالجة الواجهات الخارجية وتناظرها . وهذه الخاصية التكوينية المتفردة والمميزة من الغياب النوعي ، سيكون لها أثر كبير في تكريس سمات العمارة الاسلامية وتأكيد اضافاتها التصميمية المميزة .
اعتمـد القوام الإنشائي على استخدام الآجـر ( الطابـوق ) والجـص مواد انشائيـة أساسية في المسجد الجامع بواسط ، وهي مواد مألوفة الأساليب وشائعة الاستخدام في البيئة العراقية البنائية نظراً لندرة المواد الانشائية الأخرى . كما اعتمـد على أسلـوب " الجدران الحاملة " Bearing Walls للأسوار والجدران الخارجية له مع منظومة الأسلوب الهيكلي skeleton system المستخدمة في تسقيف الظلة ( بيت الصلاة ) ويشعرنا سمك الجدران الخارجية الكبيرة التي يصل سمكها الى 5, 2 متراً. بمزايا منظومة "الجدران الحاملة" كالإحساس بأهمية الفاصل الانشائي وحضور الصلادة، والاستمرارية، وعدم التجزئة ونوعية الفتحات الصغيرة نسبياً ، كما يدلل الأسلوب الهيكلي وتعدد عناصره الحاملة على وسع الفضاء المصمم، وعدم محدوديته. وخفة العناصر التركيبية وذوبانها في الفراغ الواسع الممتد بلا حواجز .
يلاحظ بالمسجد الجامع في واسط ، توقٌ مثابر ، نحو تكثيف الجانب التزييني وحضوره الملموس في مكونات المبنى التصميمية وتكشف الاعمدة الاسطوانية المعمولة من الحجر الرملي على تكوينات زخرفية نباتية وهندسية غطت سطوح هذه الأعمدة بحفر غائز. كما استخدمت الكتابة على سطوحها أيضاً زيادة في الإحساس بأهمية النشاط التزييني. وتعد النزعة التزيينية والأشكال الزخرفية المختلفة المستخدمة في عمارة المسجد الجامع بواسط حدثاً مهماً ومتقدماً في مهام اكساب المباني الإسلامية قيمة جمالية ـ استتيكية مضافة. (خالد السلطاني، العمارة في العصر الاموي، دمشق، 2006، ص 125 – 131).
واذ نستنتج من كل ما جاء اعلاه، من ان المسجد الجامع في واسط بصيغته التصميمية المتكاملة، هو المثال الذي اوصلت عمارته الناجزة الحل التصميمي لهذا النوع من المباني الى مستويات جد عالية من النضوج والكمال. وجعلت منه انموذجاً تصميمياً قابلا للاحتذاء والمحاكاة. ومن هنا تنبع، في اعتقادنا، أهمية هذا المعلم، ومن هنا يمكن فهم دوره الهام والفعال في تكريس القيم والمبادئ المبتدعة الخاصة باحد اهم المنجزات التابولوجية في منتج العمارة الاسلامية، ووقع ذلك كله على رؤى وخيارات ممارسي النشاط العمراني والمعماري في سامراء، وهم في خضم اشتغالاتهم على اجتراح اعمالهم التخطيطية المبدعة. فواسط، مثلها مثل الكوفة (وبغداد تاليا)، كان لها الاثر الكبير في جعل الممارسة البنائية السامرائية تصل الى ذروتها من النضوج والاتقان بمثل تلك السرعة، وبمثل هذا التنوع من النماذج المبهرة! ولعل القرب الجغرافي، واحتمال مساهمة اسطوات وبناة يعودون باصولهم الى تلك المدن الثلاث، سرّع من ذلك التأثير، وجعل منه امراً وارداً وفي متناول اليد.
وتبقى واسط تمثل بعمارتها المميزة <ذاكرة بصرية>، قادرة على تأسيس فعالية عمرانية مجتهدة، تستحضر مبادئها التصميمية من مرجعية تلك الذاكرة ومن نبعها القيمي والتى ساعدت الى ظهور لافت لنماذج المنتج السامرائي المهيبة؛ والى تجلي الكثير من الانشطة العمرانية المميزة في مدن اسلامية عديدة.
معمار وأكاديمي


الصور:
1- مخطط لمسجد واسط 702 – 703 م. واسط.
2- مسجد واسط (702 -703)، عمود اسطواني في حرم المسجد، منظر عام، المتحف العراقي.
3- مسجد واسط (702 -703)، عمود اسطواني في حرم المسجد، تفصيل، واسط.
4- المدرسة الشرابية (1236)، المدخل الرئيسي، تفصيل في الواجهة الامامية، واسط.
5- المدرسة الشرابية (1236)، المدخل الرئيسي، منظر عام، واسط.