بقلم علاء جمعة

في سنة 1989 عندما كان أستاذنا فائق حسن -رحمه الله- وأثناء درس الألوان العملي في كلية الفنون الجميلة جالسا يرسم موديل في تلك المحاضرة وكنت جالساً بجانبه (أتفرج) وهي عادة اتفقنا نحن طلبته عليها أن تكون بالتناوب لكي لا نزعله عندما نحتشد جميعا فوق رأسه تاركين أماكننا.
كان الموديل في ذلك اليوم احدى جميلات الصف، في تلك الأثناء دخل علينا مسئول الحزب في قسم الفنون التشكيلية (سعدي داغر) وكان تدريسي فاشل تزوج من الحزب وكان بمناسبات عديدة يعلن امام الجميع اخلاصة لهذا النكاح وبانه كان السبب بأنهاء اثنين الطلبة من اجل الحزب ..
لم يتجرء احد في السؤال عن كيف ولماذا خشية ان يكون السائل ثالثهم.
ومن المواقف التي حدثت لي مع هذا الكائن والتي لا تغيب عن الذاكرة عندما كنت طالب في المرحلة الاولى وكانت كلية الفنون في ذلك العهد تعتبر مغلقة ولا يدرس فيها من لايؤمن بافكار الحزب, وكانت مهمته تثقيفنا وتنظيمنا للانتماء للحزب باجتماعات أسبوعية بعد انتهاء الدوام مساءً. .
في احدى ليالي الشتاء المظلمة أثناء الأجتماع فجئه في حالة نادرة لم تحدث سابقا انقطع التيار الكهربائي وحل ظلام دامس وهذا المعتوه مستمر بالحديث عن عبقرية القائد. .! ! !
لم يتوقف او يتلعثم رغم انقطاع التيار الكهربائي وكان يجلس بجاني صديق يشكوى من العشو الليلي ويرتدي نظارات سميكة العدسات لم اشعر إلا وهو يهمس في أذني بهلع وقال. . "يمكن اني عميت". .
ضحكت بصوت عالي، وردا على هذا التصرف رغم شرحي للأسباب التي ضحكت من اجلها وجه لي إنذار بالفصل لاسائة الأدب وتم قرائة هذا الإنذار امام جميع أقسام الكلية.
دخل هذة الشخصية المحبوبة لدى الجميع وهو يحمل في يده ورقة تسمى (قسيمة طلب المعلومات الأمنية) والتي كانت توزع على الأساتذة كل ثلاثة أشهر…
مد يده يريد أعطائها لفائق حسن الذي لم يكترث لدخوله ولم يتوقف عن الرسم وبأشارة من فرشاة الرسم التي بيده دون ان يكلف نفسه النظر اليه فهمها الاخير وقدم الورقة لي وخرج … بعد خروجه طلب مني استاذي فائق ان إملائها وأعيدها اليه. .
الأسئلة كانت الاسم الثلاثي واللقب .." فائق حسن عليوي الجنابي"
عنوان السكن وهل لديك أقارب من الدرجة الاولى خارج العراق ..
هابيل أبنه كان يدرس في امريكا. . خارج العراق كانت تعني معاديا للنظام ان لم تكن الأسباب مقنعة.
السؤال الاخير هل لديك احد أقاربك من الدرجة الاولى معدوم …؟
ومن المواقف المحرجة التي وثقتها من الدكتور محمد مكية رحمة الله بتسجيل صوتي لحوار أجريته معه أواخر تسعينيات القرن الماضي لذكرياته مع الفنانين العراقيين الرواد ودوره في تأسيس جمعية الفنانين التشكيليين العراقية..
ذكر عندما كان طالبا يدرس في لندن ذهب لزيارة فائق حسن في باريس سنة 1937 حيث كان يسكن في الحي اللاتيني في بناية رقم 37 او 137 في الطابق الرابع وجواد سليم يسكن في نفس المبنى وكانت تسكن معه خطيبته الاولى جاكلين في شقة صغيرة. . كانت جاكلين زميلة دراسة لفائق في معهد البوزار العالي للفنون وكان نظام الشقق في بعض أحياء باريس في ذلك الحين لا يحتوي حمام او مرافق صحي حسب ما يذكر الدكتور مكية.. وكان عليهم ان يقضو حاجتهم في سطل في أحدى زاوية الغرفة وعند الصباح ياخذ فائق هذا السطل خارج المبنى لمكان مخصص لجميع أفراد الزقاق لرمي القاذورات وتوجد في كل حي حمامات عامة لمن يريد الاغتسال حسب ما يقول …
بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية انقطعت صله فائق بحبيته جاكلين لسنوات طويلة وعند أنتهاء الحرب طلب من احد تلامذته المبتعثين لباريس (الفنان أسماعيل الشخيلي) بالسؤال عنها، وجدها عام 1948 كانت قد تزوجت من زميل دراسة اخر لهم.
في عام 1953 تعرف فائق على زوجته سوزان ام ولده هابيل عندما نزل في بنسيون والدها في مدينة نيس الفرنسية قادما من بيروت في الباخرة حيث كانت الرحلات معضمها تنطلق من بيروت الى أوربا..
تزوج فائق سوزان في نفس السنة, ومن الجدير بالذكر أن هذا البنسيون مازال موجود تحت أدارة زوجته ويحتوي على أجمل أعمال فائق حسن . . قبل فترة ليست بعيدة زار البنسيون أحد المصممين العراقيين وطلب منها تصوير اللوحات من أجل كتاب يعمل على أصداره عن فائق حسن, فرفضت رفضا قاطعا وطردته من المكان شر طرده حسب ما يذكر, ولا غرابة من تصرفها هذا بعد أن لاقت التعسف والجور عند عودتها للعراق بعد وفاة فائق بأشهر قليلة حيث منعت حتى من دخول بيتها ولم يسمح لها بجمع أغراضها الشخصية وصودر البيت بكافة ممتلكاته بحجة المسيحية لا ترث المسلم, والأمر من ذلك البيت أستخد من أجل أسكان موظفين وزارة الثقافة العراقية ..؟