شقَّت قلبَهُ بمبضَعِ عينيها.. ولم ترتقْه.

وكالغريق السابح فوق موج بحرها،

تركته بين مده وجزره

بين الموت والنجاة

يُلَوِّنُزرقةَ البحر بنزفِ دمه

ويرسمُ لقِصَتِهما لوحةً خالدة

تستلهمُ منها النوارسُ وحياً يُحَلِّقُ بها صوبَ المحيطات الأبعد،

ويبحرُ خيالُهُ المغشي مع الأشرعة

يجوبُ الشواطيءَ

ويعُدُّالأصدافَ

وكلما رسا على ميناءِ صورةِ وجهِها المنحوتِ في أروقةِ فؤاده،

استيقظَ من تخيلهِ وعاد مغشياً عليه.

بين مدها وجزرها .. تتقاذَفُهُ الأمواجُ التي لم تُغرقْهُ فيموت.. ولم تَرمِهِ على الشط فيحيا،

لتتقطعَ انفاسُهُ المبعثرة كدليلٍ على بقايا رَمَق .. وآثارِ خفق ..

يُبصرُ الفضاءَ عبر شهيقه كلما شعرَ بذرةِ اوكسجين تدخل الى رئتيه ومعها نسمةٌ من عبق حبيبته ، تعيده للحياة كلما أوشك على الموت بفعل تقاذف أمواجها العنيدة..

وهكذا تستمر حياته .. وقلبه المفتوح مُشرعاً اوردته للشمس بانتظار الأشعة ، لعلها تُشفي ما شقه المبضع.

فلا الشمسُ أعارتهُ بلسمَها.. ولا الحبيبةُ داوت ما أعطبتهُ سهامُها..

ولا البحرُ صار رحيماً فبلعه .. أو قذفه،

ولا الأمواجُ تمردت على بحرِها،

وحملتهُ وقلبَهُ المنشق الى شواطيءِ السلامِ والعافية.

وبقي نبضهُ .. يغني في قلبهِ المفتوق أغنيةً للحرية كي تنقذَهُ من حالَتِه:

أيتها الحرية

التي لم تُغنَّ في فمِ عصفورٍ داخلَ قفص،

ولم تُقالْ قصيدتُها على لسانِ صقر،

في فمهِ سكين وقطعةُ شُهد وجسدِ حمامة.

ولم تُرسمْ لوحتُها بريشةِ فنانٍ يبيعُ خيالَه أو يشتريه..

فلتبرقْسماؤكِ وترعد

وأمطري..

غيثاً و ضوءً وحياة ..

هاهو صدري الممدود

مشقوقُ القلب كحبةِ تينٍ نازفة

بانتظارِ اللحظة

التي تستعيدُ الشمسُ اشعتَها من معاقلِ الظلام

لِتَسكُبَها في شراييني

وترمِّمَ كياني المهدَّم

ثم تعيدَ لي ملامحي المفقودة

بفعلِ عواملِ التعرية.

أيتها الحرية

ها أنا .. انتظرُ اليومَ الذي أعانقُ فيه وجهَكِ

المُشع ..

كي ترسمي على وجهي الحزين قُبلةً من نور،

فأعودُ انساناً حقيقياً يغني .. ويفرح .

سالم اليامي .يناير/ ٢٠٢٢ م.

[email protected]