كم هي غريبة رائحةُ البحرْ!

واخزةٌ، عنيدة، واسعة، وقد تشبه الإنتان

رائحةٌ تُنشينا، تُدهشنا، تُفرحنا، وقد تُشعرنا بالغثيان

بعضُنا يعشقُ هذه الرَّائحة الغريبةْ

يستسلمُ لعبقِ السفر، والمغامرة، وروعة الغروب الخجولْ

والغيب’ وراء الغمام، وانتظار الحبيبة

وبعضُنا ينفرُ من تلك الرائحة الكئيبة

حين تمتزجُ فيها زفارةُ الأسماك وخشبُ السفن المبلولْ’

ونحيبُ بَحارٍ مكتوم، وملوحة رطبة، وعفونةُ الأسطولْ

لكلٍّ رائحةٌ خاصَّة

وفضاءاتٌ خاصَّة

وصبغةٌ خاصَّة’’

رائحةُ الجَمَادات، رائحةُ المَسامات، رائحةُ التفاحْ

رائحةُ الياسمين والعنبِ المباحْ

رائحة الأتراح

رائحةُ الحروب

وأوجاع القلوب

ووحشة الدُّروب

رائحةٌ تسْكنُ أنفكَ

وتختبئُ تحت جلدكَ

تهربُ منكَ إلى نقي العظام

وترافقكَ في الصحو والمنام

ثم تحملكَ على بساط الريح

لتضيع في عوالمٍ تراها عيونُك لأول مرة!

رائحةٌ قبيحةُ المذاق ومرّة!

حين تسري في ضلوعكَ كلَّ مرة!

رائحةٌ تشبه ’التَوهانْ’

حين تدوسُ قدماكَ خليطاً مما تبقى من الدَّمار:

خُبزاً يابساً وقد كان طازجاً في تلك الدَّار

وطعاماً لأطفالٍ يتراكضون قبل ذاك الانفجار

وتراباً رطباً ذكرتكَ رائِحتُه، بأنْ كان لديكَ جار.

نعم، هي رائحةُ الهذيان

حين تدركُ أنكَ إنسان

ذاهبٌ بقدميك إلى المجهول

دون زوادةٍ ولا خيول

والأنكى من ذلك كله أنكَ أضعتَ بطاقةَ الدخول,,