في أكثر من أربعين عامًا على ولاية الفقيه واستنزاف ثروات بلاد فارس تحت جلابيب من نصبوا أنفسهم ظلال الله على الارض، فمنهم آياته ومنهم روحه وآخرين حزبه أو ربعه، كانت عمائمهم العتيدة من غابر العصور قد استقرت بثقل العقيدة على الرؤوس المتحجرة، تسندها سرايا وكتائب وعصائب وفيالق وحرس من مسلوبي العقل والارادة، الزاحفين من هوامش المدن، والمسيرين بالمواعظ وفتاوى المغردين الجدد.

حراك شعبوي ناقم على نمط المعيشة المتحضر، تديره تعبئة دينية، حكومية قسرية حيناً، واجتماعية عشائرية أحياناً.

نقمة وكراهية عابسة تتسربل بجلابيب ووجوه مكفهرة ومتطرفة في تعصبها، وإهانتها للمرأة، وتحقيرها للعلم والمؤسسات المدنية، بحسب ما يمليه عليهم تدليسهم وتأويلاتهم الانتهازية للدين، بما يرضي أغراضهم السياسية، وأرباحهم المالية.

اثبتت صبايا إيران المدللات، اللواتي ألهمن الفردوسي وعمر الخيام والشيرازيين سعدي وحافظ فنون العشق والهيام الالهي، حتى جعلن العبادة طقساً روحياً يحتفي بجمال الكون ووحدة الخلق والخالق، أنهن فراشات تدور في فلك وردة الرمان (گل أنار / جلنار)، يلوحن بخمارهن حول النار، وينثرن جدائلهن للرياح، فتهتز عمائم المعبد المتهالك على الرؤوس الحجرية المتجهمة.

أي عقيدةٍ هذي التي تهتز من خصلةِ شعر صبيةٍ تهدلَ خمارُها سهواً بنسيم الصبح؟؟

يقول مظفر النواب في وتريات ليلية:

"صنعتني أمي من عسل الليل بأزهار التين
تركتني فوق تراب البستان الدافئ
يحرسني حجر اخضر…

ورأيتُ صبايا فارسَ يغسلن النهدَ بماءِ الصبح
وينتفضُ النهدُ كرأسِ القطِ من البللِ…
تطلّعنَ بخوفِ الطيرِ الآمنِ في الماءِ مَن هذا الماسكُ كلَّ زمامَ الانهارِ
يواجهُ ذئبيةَ هذا العالم"