في عمودها الذي غالبًا ما يكون كافيًا وشافيًا، ومذكرا بأعمدة كبار الكتاب والمفكرين من أمثال فرانسوا مورياك، ورايمون أرون، قدّمت لورانس دو شرايت(Laurence de Charrette) نصائح للرئيس ماكرون داعية إياه إلى قراءة كتب مُهمة في نظرها، قد تساعده على فهم تضاريس الواقع الفرنسي الذي أصبح سريع التغيّر والتحول مثل الرمال المتحركة.

وتقول لورانس دو شرايت بأن عطلة الرئيس الصيفية ستكون قصيرة، وسيكون مجبرًا على قضائها في فرنسا، وربمًا قريبًا من باريس لتحاشي المفاجآت المزعجة. ولن تكون عطلة الرئيس هادئة إذ أن كوابيس الاضطرابات، والانتفاضات، وأعمال العنف والحرق والنهب سوف تظل تعكّر مزاجه، وتزعجه في اليقظة كما في المنام.

ولكي يتفحّص الواقع الفرنسي بشكل جيد، تنصح لورانس دو شاريت الرئيس ماكرون بقراءة أعمال عالم النفس موريس بارجي الذي اهتم بمعالجة أزمات فترة الطفولة والشباب، باحثا في أسبابها وفي دوافعها.

ولعل هذه الأعمال تساعده على فهم ثقافة الشباب الذي ينتسب إلى الجيل الثالث والرابع من المهاجرين والذي شارك بقوة في أعمال الشغب والعنف التي عاشتها باريس، ومختلف المدن الفرنسية مطلع هذا الصيف.

ومعتمدا على أعمال باحثين مغاربة، أبرز موريس يارجيه أن شباب الهجرة الذي ولد في فرنساـ وتربى في مدارسها، لم يتخلص من ثقافة العشيرة والقبيلة، ملقيًا دائمًا مسؤولية أزماته الاجتماعية والنفسية والثقافية على الآخر ، أي على الدولة الفرنسية.

كما أن هناك كتبًا تبحث في تأثيرات الأيديولوجيات على شباب الهجرة. وهذه الأيديولوجيات، اليسارية منها بالخصوص، تُشعر هذا الشباب بأنه الضحية الأبدية، بحيث تعفيه من أي مسؤولية في كل ما يحدث حتى لو كانت هناك حجج تدل على ضلوعه في أعمال العنف والنهب والهمجية التي وجد لها الرئيس ماكرون عبارة جديدة هي Décivilisation(أي عدم التحضر أو الهمجية).

وتنصح لورانس دو شاريت الرئيس ماكرون بإعادة قراءة الكاتب الفرنسي شارل بيغوي (1873-1914) الذي بدأ حياته اشتراكيًا علمانيًا، ثم أصبح كاثوليكيًا، معاديا لمادية الحضارة الغربية المعادية للروحانيات. ومن أشهر أقواله:" يتوجب علينا أن نقول دائما ما نرى، خصوصا ذلك الذي يكون صعبًا".

وبما أن فرنسا عاشت أيضا خلال هذا العام اضطرابات خطيرة بسبب التعديل في قانون التقاعد، فإن لورانس دو شاريت تنصح الرئيس ماكرون بقراءة كتاب صغير للشاعر الألماني الكبير راينار ماريا ريلكه بعنوان: "حياته أمضيت في حياتك. رسائل حداد". وهو كتاب يعكس المخاوف التي تعيشها البشرية راهنا. وفي هذا الكتاب، نقرأ ما يلي: "إن جهدنا بحسب ما أنا اعتقد، هو أن نتقبّل وأن نتحمّل وحدة الحياة والموت، وأن نقنع بالخصوص، أنفسنا بذلك".