إيطاليا متعطشة للمتخرجين في فرع الهندسة


طلال سلامة من روما

هل يعود تعطٌش إيطاليا للمهندسين الى هرب عباقرتها الى الخارج أم نتيجة قلة هضم الطلاب لعالم الرياضيات المتفرٌع؟ الإجابة على هذا السؤال صعبة لكن إيطاليا تتألم بالفعل من نقص ضخم في أعداد المتخصصين في تكنولوجيا الاتصالات المعلوماتية (Information Communication Technology)، وهي إحدى القطاعات التي ستقود عالم التكنولوجيا غداً. وفي إيطاليا، يتوقع الخبراء توسع ثغرة استقطاب وتجنيد المهندسين، في السنوات الخمس القادمة، عندما سيرتفع الإنفاق المحلي على تقنية المعلومات بنسبة 35.2 في المئة. وفي الواقع، لن يكون هناك مصادر بشرية كافية، خلال السنوات الثلاث القادمة، لإشباع الطلبات على المهندسين، في قطاع تكنولوجيا الاتصالات المعلوماتية. إذ يتوقع أن يصل عدد الطلبات الى 20.000 خبيراً.

إذن، من المحتمل أن تتراجع إيطاليا الى موقع خلفيٌ خطر وأسوأ مما عليه الحال، في الوقت الحاضر. لكن إيطاليا لن تكون وحدها في القاطرة كون بقية أوروبا ستعاني بدورها من نفس quot;المرضquot;. فعام 2008 سيكون الشاهد الأبرز لحوالي نصف مليون وظيفة عمل، ستبقى شاغرة بسبب نقص الاحترافية (Professionalism).علاوة على ذلك، يتقلٌص عدد الطلاب الجامعيين، الذين يسجلون أنفسهم في كليات تكنولوجيا المعلومات والهندسة، أكثر فأكثر، quot;أوروبياًquot;. لذا، تقوم المؤسسات والجامعات الإيطالية بحملة توعية للطلاب نحو الدراسات الجامعية، العلمية الهندسية. وللأسف الشديد، تفتر همة الطلاب في دراسة الهندسة والإلكترونيات والمعلوماتية.

وربما يعود الخطأ الى مجتمع منكب على ترويج نماذج بديلة، أكثر إغراء ظاهرياً، من جهة، والاستثمارات(خاصة على الصعيد الإيطالي) الهزيلة في مجال البحوث، من جهة أخرى. فالاحترافية بإيطاليا غير مربحة والعديد من المتخرجين الإيطاليين يفضلون الهجرة، خصوصاً الى الولايات المتحدة. وتشير المعطيات الآتية من جامعة ميلانو، الى أن عدد الطلاب المسجٌلين في كلية الهندسة، في عام 2004، تراجع بنسبة 15 الى 20 في المئة. وعلى الصعيد الوطني، لن تتحسن الحالة لأن عدد المسجلين الجدد في الفروع المعلوماتية والهندسية انخفض من 39 ألف طالب، في العام الدراسي 1997-1996، الى 36 ألف في العام 2004-2003. وإذا أُضيفت الى ذلك نسبة التوقٌف النهائي عن متابعة الدروس والمحاضرات الجامعية(يلمٌح المعدٌل الإيطالي الى 50 من أصل مائة طالب جامعي ينجحون في التخرٌج، في النهاية) عندئذ يُستطاع فهم لماذا تتحرك الصناعة الإيطالية نحو حلول جديدة ومصيرية.

من جانبها، أحيت شركة سيسكو سيستمز، بالتعاون مع شريكاتها التجارية والمؤسسات التعليمية، جمعية أسنت (Assint)، لتطوير التجديد والتكنولوجيا، التي أطلقت حديثاً برنامج مسمى نيتوركينغ أكاديمي بروغرام (Networking Academy Program) من أجل إعداد الطلاب مهنياً وتقديمهم الى الشركات التي تبحث عن خبراء مؤهلين في القطاع المعلوماتي والهندسي. وفي إيطاليا، يبلغ عدد المسجلين في ذلك البرنامج 300 طالب كما وصل الاستثمار الذي أنجزته شركة سيسكو في الجمعية الناشئة الى 25 مليون يورو. أما التكلفة بالنسبة الى الطلاب فشبه مجانية لأن 70 في المئة من تكلفة الدروس مغطاة من جانب الحكومة الإيطالية.