quot;إيلافquot; تكشف عن أهم الأسباب
لماذا مصر في ذيل قائمة الدول لتيسير الأعمال..؟!

bull; مصر احتلت المرتبة 174 من بين 175 دولة...!
bull; د/ حاتم القرنشاوى: تراجع ترتيب مصر لا يعنى تخلفها عن الأصلاحات.
bull; د/رشاد عبده: لا يرصد التقرير كل المتغيرات المتعلقة بالأقتصاد.


محمد نصر الحويطى من القاهرة


بيد أن جمهورية مصر العربية احتلت مرتبة متقدمة في قائمة الدول العشرة الأوائل من حيث عدد الإصلاحات في تقرير ممارسة وتيسير أنشطة الأعمال العام الماضي وذلك وفق التقرير الصادر عن البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية , إلا أن هذا العام تراجعت مصر لتحتل ذيل الدول المصنفة جميعها من حيث عدد وأهمية الإصلاحات التي أجرتها في عمليات تيسير ممارسة أنشطة الأعمال الاقتصادية لتقع بالمرتبة 174, وهو ما جعل quot;إيلاف quot;تتوجه بالأسئلة للخبراء والمحللين والاقتصاديين للتعرف على الأسباب الرئيسية وراء هذا التراجع الذي طرأ على مستوى مصر من تلك الإصلاحات وترتيبها.

جاء التقرير السنوي الذي يصدره البنك الدولي بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية ليبين أن مصر لم تستمر في الإصلاحات الاقتصادية بنفس المستوى الذي كانت عليه العام الماضي منوها على أن أكبر عدد من الإصلاحات في الإقليم في مجال سهولة ممارسة أنشطة الأعمال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كان من نصيب المملكة المغربية ، فقد قامت المغرب بتخفيض تكلفة إنشاء الشركات الجديدة، كما خفضت التكاليف المتعلقة بدفع الضرائب و سهلت انظمة تحويل الملكية، وهي جميعها إجراءات تساعد على خلق الوظائف والذي يشكل تحدياً ملحاً في جميع أنحاء الإقليم. أما مصر، والتي كانت ، فقد استمرت في الإصلاح ولكن بشكل طفيف مما جعلها تتراجع الى هذه المرتبة المتأخرة.


اقليم الشرق الأوسط
وقال التقرير أن 10 دول في إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قامت بإجراء سبعة عشر إصلاحاً تنظيمياً، مما أدى إلى خفض الكثير من الوقت والتكلفة والجهد التي كانت تتكبدها أنشطة الأعمال لكي تتوافق مع المتطلبات القانونية والإدارية و قد زاد عدد الدول القائمة بالإصلاح في الإقليم مقارنة بالعام الماضي وحصل الإقليم على المركز الرابع في العالم من حيث سرعة الإصلاح، متقدماً بمركزين عن العام الماضي.

ويفيد التقرير بأن الدول التي احتلت المراتب العشرة الأوائل فيما يتعلق بتنفيذ إصلاحات تتعلق بتسهيل ممارسة أنشطة الأعمال هم حسب الترتيب: جورجيا، رومانيا، المكسيك، الصين، بيرو، فرنسا، كرواتيا، جواتيمالا، غانا، وتنزانيا. وقد قامت الدول المصلحة بتسهيل لوائح الأعمال وتقوية حقوق الملكية وتخفيف الأعباء الضريبية وتوسيع فرص الحصول على الائتمان وتخفيض تكلفة التصدير والاستيراد وقامت كل من الجزائر ومصر وإسرائيل والأردن والكويت والسعودية وسوريا وتونس واليمن بتنفيذ إصلاح واحد على الأقل ولم تجر إيران أو العراق أو لبنان أو الضفة الغربية وغزة أية إصلاحات متعلقة بممارسة أنشطة الأعمال.

ويصنف تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2007، 175 اقتصادًا من حيث سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، ليغطي بذلك 20 دولة إضافية عن الدول التي شملها تقرير العام الماضي واحتلت إسرائيل في تقرير هذا العام المرتبة 26 والسعودية 39 والكويت 45 بينما احتلت مصر المرتبة 174.


المتغيرات الاقتصادية
الدكتور حاتم القرنشاوى الخبير الاقتصادي المصري والمستشار السابق لرئيس الوزراء يعزى هذا التراجع الذى طرأ على مستوى مصر فى عمليات تيسير ممارسة انشطة الأعمال الاقتصادية الى ان هذه المراكز تحدد حسب مؤشرات الوقت والتكلفة اللازمين لاستيفاء المتطلبات الحكومية الخاصة ببدء المشاريع التجارية وتشغيلها وإغلاقها، والمتاجرة، والضرائب وبالتالى لا تأخذ هذه التصنيفات في الحسبان عدداً من المتغيرات، مثل سياسة الاقتصاد الكلي، ونوعية البنية الأساسية، وتقلب أسعار العملات، وتصورات المستثمرين أو معدلات الجريمة وهو ما تجاهله التقرير بالنسبة لمصر هذا العام وجعلها تحتل هذه المرتبة المتأخرة.

ويضيف الدكتور القرنشاوى انه لا يمكن ان ننكر ان العام الماضى والقبل الماضى شهدا طفرة كبيرة فى الإصلاحات الاقتصادية فى مصر من قوانين ضريبية وتسهيلات جمركية عالية فضلا عن العديد من القواعد والقوانين المسهلة لعمليات انشاء الشركات واعادة هيكلة القطاعات العامة وهو ما جعل مصر تنضم الى قائمة الدول العشر الأولى الا ان هذه الأصلاحات لم تتواصل هذا العام فى الوقت الذى سعت فيه الكثير من الدول الى تحسين اوضاعها بتنفيذ العديد من الأصلاحات التى كانت مصر قد اجهزت عليها.

ويعود القرنشاوى ليؤكد ان مرتبة مصر وفقا لتقرير البنك الدولى فى تيسير ممارسة الأعمال لا يعنى تخلفها عن الأصلاحات ولكن قد يعنى نشاط الدول الأخرى كالمغرب التى تصدرت قائمة الدول الشرق اوسطية فى الأصلاحات ملمحا الى استمرار اى دولة فى الأصلاحات امرا مطلوبا ولكن تفوق دولة على الأخرى لا يعنى تخلف الأخرى.

ويشير القرنشاوى الى ان مصر استمرت في إجراء إصلاحات سهلت عمليات إنشاء الشركات وإدارة الضرائب كما خفضت رسوم تسجيل الشركات الجديدة، مما خفض هذه التكلفة بنسبة 40%وطبقت ضريبة دخل موحدة للشركات مقدارها 20%.

ويشدد الخبير الأقتصادى المصرى على ان هناك حاجة ماسة للمزيد من التقدم حيث ستستفيد دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل كبير من المشاريع والوظائف الجديدة، والتي لن تتأتي إلا بتنظيمات أكثر تشجيعًا لأنشطة الأعمال ولن يحقق الإقليم ومصر تحديدا اى إصلاحات في المجالات التي تشكل أكبر العقبات أمام أنشطة الأعمال مثل متطلبات الترخيص العالية والمحاكم ذات الكفاءة المنخفضة. فمثلاً، في إيران، يستغرق الالتزام بمتطلبات الترخيص في مشروع بناء بسيط عامين ويكلف ستة أضعاف الراتب السنوي للعامل العادي وفي جيبوتي يستغرق حل خلاف تجاري بسيط في المحاكم 3 سنوات ويكلف 27% من قيمة الدعوى وهو نفس الحال فى مصر والذى تستغرق فيها الخلافات التجارية أوقاتا كبيرة وتكاليف باهظة فضلا عن تأخر وتعطيل إقامة الشركات فى بعض الأحيان.


توظيف السياسات
مهما كان ما تفعله البلدان المدرجة فى تصنيف البنك الدولي من إصلاحات فأن هذا لا يعنى تساويها داخليا فيما يوجد بها من سياسات اقتصادية وعمليات تنموية ومدى مقدرة كلا منها على توظيف تلك السياسات بشكل صحيح هذا ما يؤكد عليه الدكتور رشاد عبده استاذ الأقتصاد بكلية الأقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة والذى يشير الى ان تصنيف البنك الدولى حول مستويات دول العالم فى امكانياتها لجذب الأستثمارات او ممارسة انشطة العمال يخضع لمعايير كثيرة ومتنوعة اقتصادية وسياسية واجتماعية ايضا كالإصلاحات السياسية ومستويات التعليم وحركة الصادرات والواردات ونتائج اعمال الشركات وتدفق رؤوس الأموال الأجنيه وحتى نسبة التخلف والهروب من التعليم وبالتالى فأن نجاح احدى الدول فى اغلبية تلك المعايير وتفوقها قد يأتى معيار يضع هذه الدولة فى مرتبة متأخرة وهو ما حدث بالفعل فى مصر فرغم تفوقها فى عمليات جذب الأستثمارت وتسهيل اقامة المشروعات الا ان النواحى السياسية لها لازالت مترنحة وكذلك مستويات التعليم وهو ما جعلها توضع هذا العام فى مرتبة متأخرة.

ويشير الدكتور رشاد عبده الى انه اذا تم النظر إلى الإصلاحات باعتبار أنها تعود بالفائدة فقط على المستثمرين الأجانب، أو كبار المستثمرين، أو المستثمرين الذين تصرفهم البيروقراطية، فسوف تقل شرعية الحكومة من جراء هذه الإصلاحات. وبالتالى يجب أن تقوم الإصلاحات برفع الأعباء المفروضة على كافة الأعمال التجارية كبيرة أو صغيرة، وطنية أو أجنبية، ريفية أو حضرية. وبهذه الطريقة لن نحتاج إلى تخمين مصدر الازدهار التالي المتوقع في الوظائف فستكون هناك فرصة لنجاح أي عمل تجارى وستواصل مصر احتلالها قائمة الدول النشطة فى تيسير انشطة الأعمال كما كانت العام الماضى.

ويستطرد الخبير الأقتصادى بينما تتفنن دول شرق أوروبا في إغراء أصحاب المشاريع عن طريق إجراء إصلاحات واسعة النطاق تبسط قوانين التجارة والضرائب، مازالت دول أفريقيا والشرق الأوسط، والتي تعاني من ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، تعرقل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بفرض أعباء قانونية مجهدة، والبطء في إجراء الإصلاحات، وذلك وفقاً لتقرير جديد أصدرته مجموعة البنك الدولي منوها على ان التقرير عادة ما يرصد مجموعة من المؤشرات التنظيمية المتصلة ببدء المشاريع وتشغيلها، والتجارة، وتسديد الضرائب، وإغلاق المشاريع، وذلك عن طريق قياس الوقت والتكلفة المرتبطان بمختلف المتطلبات الحكومية. ولا يرصد التقرير متغيرات، مثل، سياسة الاقتصاد الكلي، أو جودة مرافق البنية الأساسية، أو تقلب العملة، أو توقعات المستثمرين، أو معدلات الجريمة.