محمد العنقري
أخيرا وبعد طول انتظار أعلنت هيئة سوق المال السعودية الموعد المحدد لبدء العمل بنظام تداول الجديد حيث حددت تاريخ 20 أكتوبر القادم للعمل به، بعد أن تم اختباره وإجراء كل الاختبارات اللازمة له .والغريب أن يستقبل المتعاملين بسوق الأسهم الخبر بسلبية ،بالرغم من أن النظام الحالي كبدهم خسائر فادحة بسبب الأعطال من جهة ،وضعف الرقابة كعامل سلبي أخر. فإذا كانت نظرة المتداول لسلبية النظام قائمة على مدى قدرته بالتكيف معه فلن يتعدى الأمر أيام حتى يعتاد عليه ،رغم أن الهيئة أعلنت أن تغيير طبيعة الأوامر سيكون محدود بشكل عام ،وبالتالي تنتفي أولى سلبيات التعامل بنظر المتداولين إذا اعتبرناها سلبية أصلا ،أما العامل الأخر فهو الحد من التلاعبات المضللة لحركة تداول الأسهم فهي بصالح المتداول لأنه تعطيه شفافية أوسع لطبيعة الحركة القائمة على كل سهم مما يلغي أي دور لأوامر وهمية مضللة.

ويعتقد غالبية المتعاملين بان هذا النظام سيحد من المضاربات وهذه مفاهيم خاطئة فالمضاربة جزء أساسي من أدوات أي سوق بالعالم لن يحد منها أي نظام بل سيسهل من إجراءات تنفيذها ،ولكن قوة الرقابة ستحد من التضليل ،وبالتالي سيقصى من السوق أصحاب التوجه الانتهازي لتعاملاته ،وسيكون عامل جذب أكثر منه عامل تنفير ،وسيشجع على زيادة التعامل مع السوق لأن ما يهم المتداول اليومي هو أن يكون بمأمن عن التضليل ويهيئ لبيئة صحية ستجذب معها المزيد من السيولة مستقبلا خصوصا مع سياسة الانفتاح للسوق السعودية لتداول الأجانب من غير المواطنين والمقيمين سواء كان للخليجيين أو حتى للعالم .فلا يمكن فتح السوق بشكل موسع إذا كانت الرقابة ضعيفة به ، ولكن حتى نعطي النظام حقه فيجب أن نستشف من طبيعة الأدوات التي ستدخل معه النظرة المستقبلية لواقع السوق فهو يشتمل على إمكانية إدارة أكثر من سوق فنحن الآن نتعامل مع سوق واحد تسمى السوق الثانوية بينما سيسمح النظام بإقامة سوق أولية تعنى بالطروحات الأولية التي يظهر أن التعامل معها ستتغير طبيعته ويتيح إمكانية تداولها الأولي بعدة طرق مثلما حدث مع السماح لمؤسسات مالية وصناديق استثمارية التقدم بالاكتتاب بطريقة بناء الأوامر .

يشتمل النظام على إمكانية إنشاء سوق للسندات أو الصكوك الإسلامية مما سيسهم بعمليات أوسع لتمويل الشركات من جهة ،ومن جهة أخرى إمكانية الاستثمار الفردي المباشر بتلك الأدوات الاستثمارية الأمر الذي سينعكس إيجابا على توزيع النقد بشكل متوازن بين المنافذ الاستثمارية الممكنة سواء سوق الأسهم أو السندات والصكوك الإسلامية أو الصناديق العقارية وهي الأسلوب الجديد للاستثمار بمجال العقار بدلا من طريقة المساهمات السابقة التي كبدت المواطنين خسائر فاقت 24 مليار ريال خلال العقدين الماضيين .

أما على صعيد سوق الأسهم فسيسمح النظام باستقبال أكثر من مليوني صفقة يوميا مما يعني سهولة إجراءات التعامل مع السوق دون حدوث أي خلل من تراكم الصفقات في حال عاد السوق لنشاطه المتوقع . مما يعني إمكانية تداول أكثر من مليار سهم يوميا وهذه رؤية إستشرافية لمستقبل السوق وما ينتظره من فورة بالتعاملات.

كما سيخدم النظام مزودي الخدمة بتقديم البيانات بشكل لحظي مما يعطي قراءة فنية دقيقة تسهل من أساليب المضاربة التي تعتمد على المؤشرات الفنية

و سيتيح النظام إضافة عدد كبير من شركات الوساطة مما يعطي خيارات للمتعاملين بالتوجه لأي شركة تقدم له العرض الأفضل للخدمة وستكسر معها المنافسة الاحتكارية التي كانت قائمة سابقا .ويصبح للمتداول مزايا إغرائية أكثر تقلل من تكلفة عمليات المتاجرة بأحسن الخدمات وهذا بدوره سينشط قطاع أعمال الوساطة ويفتح فرص وظيفية عديدة أمام الشباب السعودي مستقبلا .

و سيتيح النظام إضافة قطاعات جديدة للسوق وستكون غالبا هي الخطوة القادمة للهيئة بمسيرة إصلاحات وضع السوق مما يسهل للمتعاملين معرفة أنشطة الشركات وسيسمح بتشجيع شركات عديدة بمختلف الأنشطة لدخول سوق الأسهم الأمر الذي سينعكس بشكل ايجابي على الخيارات الاستثمارية المتاحة للعموم.

وبخلاف التغيير الايجابي لطبيعة الأوامر التي ستلغي أي ضبابية أمام المستثمرين وستتيح لهم العديد من طرق التعامل اليومية ،نجد أن إجراءات التداول بالسوق تتحسن وسيتم إضافة فترات قبل وبعد التداول تعطي قراءة لعمق السوق أكثر يتمكن من خلالها المستثمرين اتخاذ قراراتهم بشكل سليم وواضح مما سيخفف من وطأة الخسائر التي تلحق بهم بسبب التغيرات التي تحدث قبل الافتتاح بثواني على بعض الشركات .

نظام تداول الحديث quot;ساكس quot; ايجابي وممتاز بكل المقاييس والترويج لسلبياته حاليا ليست أكثر من عمليات تضليل تعتمد على جانب ضعف وعي الناس وثقافتهم بالتعامل مع أسواق المال .

كاتب اقتصادي