د. محمد عرفــة
يُقصد بالمعلومات الاقتصادية مجموعة البيانات والأخبار والأرقام والدلالات المؤكدة وغير المؤكدة التي تتعلق بواقع اقتصادي معين، سواء كانت تلك المعلومات عامة أو خاصة، بغض النظر عن درجة تأثيرها في القرار الاستثماري. وقد تتعلق هذه المعلومات بالدولة والحكومة بصفة عامة, أو بشركة من الشركات التجارية أو إدارة من الإدارات الحكومية أو الخاصة؛ وقد تكون المعلومة الاقتصادية عامة متاحة للجميع، كتلك المنشورة في الصحف والدوريات والمواقع الإلكترونية المتخصصة؛ وقد تكون غير معلنة وهي إما معلومات خاصة، كتلك التي تقدمها المراكز الاستشارية عند إجرائها دارسات وبحوث اقتصادية في مختلف المجالات الاستثمارية لمستثمر معين لتمكينه من اتخاذ القرار المناسب؛ وإما معلومات اقتصادية سرية يحظر نشرها أو اطلاع الغير عليها إلا وفقاً للإجراءات الرسمية، كتلك التي تؤثر تأثيراً جوهرياً في أسعار الأسهم أو تلك المعلومات التي يفرض النظام الالتزام بالحفاظ على سريتها كالأسرار التجارية.
وتتنوع مصادر المعلومات الاقتصادية بحسب نوع المعلومة التي يبحث عنها المستثمر ومن أهم تلك المصادر:
1 ـ الموقع الإلكتروني للشركة على شبكة المعلومات (الإنترنت)، وكذلك تقاريرها السنوية، أو المواقع الرسمية المصرح لها بنشر تلك المعلومات عن الشركات المدرجة، ومنها هيئة السوق المالية، وموقع تداول، أو الاتصال على الشركة نفسها والحصول على المعلومة من مصادرها.
2 ـ المكاتب الاستشارية المتخصصة والمرخصة في مجال المال والأعمال التي تُصدر العديد من المطبوعات والتقارير الدورية التي تُعنى بالاقتصاد السعودي بشكل عام وبأسعار النفط وميزان المدفوعات والاستثمار في الأسهم السعودية، ونسبة نمو الشركات المدرجة به، ودرجة المخاطرة في الاستثمار بها.
3 ـ وسائل الإعلام المتنوعة التي تقوم بدورها الصالح في إيصال المعلومات الصحيحة عن الوضع المالي والاقتصادي للمنشأة، وظروف القطاع الذي تنتمي إليه، والمعلومات المتعلقة بالاقتصاد المحلي والوضع الاقتصادي العالمي، فضلاً عن دورها الرقابي في الكشف عن الانحراف والتقصير في مختلف الجوانب الاقتصادية، وتحذير المتعاملين من انحرافات المتلاعبين بالأسعار في السوق المالية، وتزييف الحقائق للتغرير بهم.
4 ـ مواقع الإنترنت الاقتصادية التي أصحبت منذ عام 2003م هي المنار والموجه لشريحة كبيرة من المتعاملين في السوق المالية السعودية فيما يتعلق بقراراتهم الاستثمارية، والمنتديات الاقتصادية وهي أقل تكلفة من المراكز المرخصة إلا أنه يجب الحذر من المعلومات التي تقدمها. وعلى الرغم من تعدد مصادر المعلومات الاقتصادية، إلا أن المستثمر يبحث دائماً عن المعلومة التي تناسب توجهاته في البيع والشراء، ولكن هناك معلومات يجب أخذها دائماً في الحسبان نظرا لأثرها المباشر في اتخاذ القرارات الاستثمارية وهي: القوائم المالية للشركة، تحليلات النسب المالية الماضية بما في ذلك تاريخ الأرباح والتوزيعات، تحليل الأسعار العالمية للمنتج الذي تنتجه الشركة ومقارنتها بالأسعار محلياً؛ إدارة الشركة، مجلس إدارتها والتغيير في أدائها خلال السنوات الماضية؛ مدى البحث عن مصادر النمو والتوسع في أعمال الشركة مستقبلاً؛ والأحوال الاقتصادية العامة (أسعار النفط، التضخم، سعر العملة، أسعار الفائدة).
وتبدو الأهمية الاقتصادية للمعلومات في مقدار ما تحققه من نفع وفائدة للشخص الحائز لها، وترتبط قيمتها بمدى سريتها، إذ تنخفض تلك القيمة كلما زاد عدد من يعلمون فيها، وترتبط كذلك بمدى صعوبة أو سهولة حصول الغير عليها بوسائله الخاصة، بمعنى أنها يجب أن تكون نتيجة جهود بُذلت ومبالغ أنفقت للتوصل إليها.
وتلعب المعلومات الاقتصادية دوراً مهما في تعاملات السوق المالية، سواء أكانت تتم على سبيل المضاربة أو الاستثمار، لأنها تعطي فكرة ودلالة على اتجاه السوق، وأداء الشركات، على نحو يُمكّن المتعامل من اتخاذ قراراته الاستثمارية على بينة واطلاع. فهي تعد من أهم المؤشرات التي تعكس الواقع العملي لمنشآت قطاع الأعمال، التي يبني في ضوئها المستثمرون قراراتهم الاستثمارية، ولكن تلك المعلومات ليست كلها نوعاً واحداً، وليست على مستوى واحد من حيث القيمة والأهمية، ولذلك حرصت القوانين والأنظمة على حماية سريتها وصيانتها وحفظها فقررت عقوبات يتم توقيعها على من يقوم بإفشائها أو من يقوم بكتمانها في الحالات التي يجب عليه الإفصاح عنها.
وتزداد أهمية المعلومات بصفة خاصة في السوق المالية، ولذا يفرض النظام السعودي التزاماً على مصدريها بالإعلان الفوري عنها، وعدم استغلالها أو الإفصاح عنها من جانب العالمين بها أو المطلعين عليها تحقيقاً للعدالة وحماية للمستثمرين.
وتعد المعلومات الداخلية في الشركات معلومات اقتصادية في جوهرها لا يعلم بها إلا عدد محدود من الأشخاص بحسب طبيعة عملهم ما يجعلهم في وضع متميز عن بقية المتعاملين الآخرين وقد يستغلونها للتربح أو توقي الخسائر، وهو الأمر الذي يؤثر سلباً في العدالة ويُعدم المساواة في تعاملات السوق المالية.
وقد ترتب على انتشار عمليات استغلال هذه المعلومات الداخلية قبل الإعلان عنها لعامة الناس وخاصة المتعاملين في السوق المالية، إلى نشوء عدة أزمات اقتصادية عصفت بالعديد من الأسواق المالية العالمية، لهذا فقد حرص نظام الشركات ونظام سوق المال على فرض التزامات على من يحوزون تلك المعلومات بعدم الإفصاح عنها أو استغلالها لمصلحتهم أو لمصلحة غيرهم أو الاستفادة منها بأي شكل، قبل الإعلان عنها لعموم الجمهور في وقت واحد، تحقيقاً للعدالة والمساواة في الحصول على تلك المعلومات. كما تضمنت تلك الأنظمة نصوصاً تجرم إتيان ذلك السلوك وتعاقب عليه بعقوبات رادعة من أجل المحافظة على سلامة السوق وحماية المستثمرين فيها. ونتناول في مقال لاحق كيفية تجريم وعقاب من يفشي تلك المعلومات.
أكاديمي وكاتب إعلامي