كامل الشيرازي من الجزائر: تعتزم الجزائر إفتتاح حوضين لتفقيس بيض السمك قبل نهاية العام الجاري، ويتعلق الأمر بتدشين تجربتين نموذجيتين متخصصتين في تفقيس بيض السمك وإنتاج فراخ السمك بولايتي سطيف وسيدي بلعباس (330 كلم شرق و440 كلم غرب الجزائر على التوالي) بما يعزز توجه البلاد في مجال تربية المائيات وتطوير عدة أصناف من أسماك المياه العذبة، ضمن إستراتيجية تراهن عليها الحكومة الجزائرية لدفع قطاع الصيد البحري وتوظيف الموارد الصيدية.

وأوضح quot;إسماعيل ميمونquot; الوزير الجزائري للصيد والموارد الصيدية، أنّ الحوضين المذكورين سيتكفلان بتموين المناطق الشرقية وكذا المناطق الجنوبية الغربية بفراخ السمك، وهو ما يتزامن مع إنشاء مزرعة لتربية المائيات بولاية ورقلة الجنوبية، هذه الأخيرة الممتدة على مساحة قدرها 20 هكتارًا، يُرتقب أن تنتج حوالى 500 طن من مختلف أسماك المياه العذبة التي تتكيف مع مناخ المنطقة خاصة منها سمكة quot;التليبيةquot; التي تعرف رواجًا كبيرًا هناك، كما ستساهم هذه المنشأة أيضًا في تكوين وتأهيل المختصين، بحيث ستكون ميدانا للبحث في تربية المائيات، وتؤدي دورًا في ترقية وتعميم تقنيات تربية المائيات لفائدة المزارعين المهتمين بتنمية المائيات بكل أصنافها عبر الأوساط البحرية والقارية والصحراوية.

وأصبحت عملية استزراع الأعشاب البحرية وإقامة الأحواض في مياه البحر أو ما يُعرف بـquot;تربية المائياتquot; تستأثر باهتمام جمهور المستثمرين في الجزائر، سيما بعد نجاح تجربة أولى من نوعها، تمّ خلالها استزراع 6800 من بيضات أسماك quot;الشبوطquot; وquot;البلطيquot; عبر 13 حوضا في محيط عاصمة الجزائر، وهو ما أغرى متعاملين هناك بتعميم التجربة ونشرها على امتداد الولايات الجزائرية الساحلية، من خلال خلق مشاريع يستفيد منها مستثمرون خواص، وتأتي أهمية تربية المائيات في كونها مصدر أساس يمكن الاعتماد عليها لحماية الأمن الغذائي، وخاصة تامين البروتين الحيواني ذي القيمة الغذائية العالية، بالإضافة لحماية وتدعيم المخزون الصيدي الطبيعي وكذلك خلق فرص عمل في مجالات صيدية مبتكرة، علاوة على تنمية المناطق المنعزلة والمساهمة في إخراجها من دائرة الفقر والحرمان.

وتقول دراسات إنّ الجزائر تتوفر حاليًا على نحو 71 موقعًا ملائمًا لإستزراع المائيات، دون احتساب مئات الأحواض الخاصة بالمزارعين، والتي تمتلك مناخًا مناسبًا وشروطًا بيئية مثلى تضمن نجاح تجربة تربية المائيات، وشهدت الأخيرة نجاحًا أيضًا في مجال إنتاج الصدفيات والمحار، وعلى سبيل المثال تمكّن أحد المستثمرين الخواص ببلدة عين طاية (20 كلم شرق العاصمة) من إنتاج 10 أطنان من الصدفيات و5 أطنان من المحار، في سنته الأولى، ما يؤشر إلى المزيد من الثروة المخبوءة والتي قد تنجح في تفجير ثورة صيدية ضخمة في البلاد، لا سيما بعد نجاح زرع أحواض مائية في ثلاث مناطق مختلفة، وبروز طرق تربية المحاريات بأنواعها في بعض المشاريع الاستثمارية في الجزائر وقد تميزت بنجاح وتطور ملحوظين في جميع المناطق الداخلية وبعض الولايات الساحلية.

وعلى الرغم من تشديد خبراء على كون تربية المائيات تظلّ عملية في غاية التعقيد والصعوبة، لأنها تعتمد بشكل كلي على استقرار الوضع الجوي، إلاّ أنّ quot;ياسمين خازمquot; مسؤولة الصيد البحري على مستوى ولاية الجزائر العاصمة، قالت لـquot;إيلافquot; إنّ مصالحها تسعى للنهوض باستغلال كل نقاط المياه البحرية والعذبة، كما تعتزم إنجاز مزرعة نموذجية لتربية المائيات في مياه البحر، وكذا زرع أحواض السقي في حقول خصبة بمدن quot;الرويبةquot;، quot;الشراقةquot; وquot;الدراريةquot;، واللافت أنّ عائق عدم توفر مناطق عديدة في الجزائر من سدود وسبخات مائية، تجاوزه أهل الحلّ والعقد من خلال استزراعهم ما تُعرف بـquot;البلاعيطquot; في أحواض السقي.

ولأجل إدماج تربية المائيات بالزراعة، لجأ المركز الجزائري للصيد وتربية المائيات قبل فترة إلى وضع خطة تكاملية بين الفلاحة وتربية المائيات من خلال دمج النشاطين وتنويع المنتوجات الغذائية التي تخدم المستهلك خاصة والاقتصاد المحلي، وحرص المركز المذكور على السعي لإرساء ثقافة الجودة والمواصفات والمعايير الصحية في المنتجات الزراعية نظرًا لما توفره منتجات تربية المائيات من مكونات كميائية طبيعية في الوسط المائي الذي يستعمل بدوره في ري الأراضي الخاصة بالزراعة، وهو ما أدى إلى تنامي ظاهرة استزراع أنواع متعددة من الأسماك في أحواض السقي التابعة لمئات المزارعين، وهو ما كانت له تبعات إجابية على الانتاج الزراعي المحلي، تبعًا لتشبع مياه السقي بالبروتينات التي تفرزها الأسماك، كما أن هذه الأسماك قضت على الحشرات المضرة بالزرع، ما أدى إلى تحصين الأخير، وهو ما جعل العديد من المزارعين من ولايات بعيدة يطالبون السلطات بإستزراع تلك الأحواض على مستوى أراضيهم.

وتمتلك الجزائر إمكانات طبيعية تؤهلها لتصدر لائحة الدول المنتجة للموارد الصيدية، وتبعا لما يختزنه شريطها الساحلي الممتد على طول 1200 كيلومترا، تراهن الجزائر على رفع إنتاجها من المواد الصيدية إلى حدود 274 ألف طن سنة 2025، بينها 221 ألف طن من الأسماك، و53 ألف طن من منتجات تربية المائيات، فضلا عن تطلعها لاستحداث مائة ألف منصب شغل جديد.

وكانت المؤسسة الجزائرية لتسيير موانئ الصيد البحري، أعلنت قبل أسبوعين، عن إطلاقها برنامجا لـquot;استدراجquot; عروض استثمارية في 30 ميناء صيد متوزع عبر البلاد، في خطوة تريد من ورائها السلطات إنعاش قطاع الصيد الذي حقق نتائج مرضية على مدار السبع سنوات الأخيرة، لكنها تبقى بحسب المختصين دون التطلعات.

ويتضمن برنامج الاستثمار الذي ينتظر انضمام شركاء متميزين، العديد من المشاريع المتعلقة خاصة بإنجاز ورشات لصناعة وتصليح البواخر وأسواق السمك الطازج ومصانع الثلج ومستودعات تبريد وتجهيزات للرفع والجر ومساحات لبيع عتاد الصيد وقطع الغيار، وتتجه الحكومة الجزائرية وفق مخطط مستقبلي الى تطوير نشاطات الصيد البحري وتربية المائيات واعادة تقييم موارد الصيد البحري في الجزائر، من أجل استغلال 2.2 مليون طن من الأسماك، بغية تنميتها وتكاثرها فضلاً عن تحديد أكثر من 280 موقعًا لتربية الأسماك والموارد البحرية الأخرى وإيجاد اكثر من 10 آلاف وحدة صيد، إضافة إلى آلاف مركبات الصيد الجديدة بكل أصنافها مع إنجاز 7 موانئ في بعض ولايات البلاد الى جانب تسلم باخرة جديدة من صنع ياباني مطلع العام المقبل.

وبلغ إنتاج الأسماك في الجزائر العام الماضي 157 ألف طن بزيادة طفيفة عما تمّ تسجيله العام 2006، أين تمّ إنتاج ما يقارب 150 ألف طن، وأشار إلى إنتاج 50 طنًا من سمك المياه العذبة، وشملت العملية أنواعًا نادرة من سمك quot; السوندرquot; بوزن يفوق 12 كلغ و quot;الشبوط الملكيquot; بأنواعه الثلاثة بأوزان تتراوح بين 5 و6 كلغ وكذا سمك quot;البوريquot;، علمًا أنّ معدل الاستهلاك المحلي انتقل إلى مستوى 5.25 كلغ للفرد الواحد سنويًا، علمًا أنّ الطاقة الإجمالية للجزائر من الثروة السمكية تصل إلى حدود ستة ملايين طن من الأسماك.