توقع محللون ماليون أن دعم أبوظبي لدبي في أزمتها الحالية سوف يمنع انهيار الأخيرة، ولكن في مقابل تنازل دبي بشكل أو بآخر عن نموذجها الاقتصادي الذي غرق في الاستثمار العقاري والاعتماد على تدفق رؤوس الأموال الأجنبية بالدرجة الأولى، وتشير التوقعات وفقاً لما نقلته بلومبيرج إلى ان أبوظبي سوف تساهم في دعم دبي بشكل انتقائي، ولن تتكفل بسداد كافة ديونها، والأمر برمته ما زال طور البحث وفقاً لمصادر متعددة.
إيلاف من لندن: نقلت وكالات الأنباء العالمية تصريحات قال فيها مسؤول في إدارة الرئيس باراك أوباما إن وزارة الخزانة الأميركية ترقب عن كثب الوضع في دبي التي طلبت تأجيل سداد ديون بمليارات الدولارات على مجموعة دبي العالمية. وقالت متحدثة باسم الخزانة الاميركية quot;نراقب وضع دبي عن كثبquot; لكنها لم تذكر تفاصيل أخرى، وقال مسؤولون آخرون quot;إن الخزانة ترصد عن كثب وضع دبيquot;، لكن ذلك أيضا جاء دون تفاصيل تذكر. ومن جانب آخر قال متحدث باسم مصرف الامارات المركزي ان البنك يرقب تطورات أزمة ديون دبي لدرء أي تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني. ومن المتوقع أن يصدر المركزي الإماراتي حين ينهي عطلة العيد الإثنين بيانا يوضح موقفه.
وأثار القلق من أن تتخلف دبي عن سداد ديونها موجات من الصدمة في أسواق المال العالمية نتيجة مخاوف من أن يتسبب ذلك في أزمة مالية جديدة، فقد رصدت صحيفة التايمز في تقرير لها الحالة الاقتصادية في دبي وربطت بينها وبين الأسواق العالمية في إشارة ضمنية تؤكد تأثير دبي في محيطها العالمي وليس الإقليمي فحسب، فقد أكد التقرير أن البنوك شهدت بالأمس خسارة 14 مليار جنيه إسترليني من قيمتها في السوق مرة ثانية تتعرض للخسارة اليوم وسط مخاوف من أنها قد تضطر إلى إسقاط المزيد من الديون الكبيرة عن المستثمرين في دبي. حيث أعلن بنك مصادر ائتمانية أمس أن البنوك الأوروبية معرضة لنصف ديون دبي والبالغة 80 مليار دولار أميركي، مع بنوك باركليز و رويال بنك وبنك اسكتلندا والتي يمتلك دافعو الضرائب 70 بالمائة منها، والتي يعتقد أنها تمتلك استثمارات كبيرة في منطقة الخليج. وقد تناقصت قيمة أسهم بنك باركليز اليوم بمعدل 3.13 بالمائة كي تصل إلى 280.9، بينما خسر سهم بنك تشارترد 4.23 بالمائة حيث أصبحت قيمة السهم 14.50 جنيها إسترلينيا، ووصل سهم بنك HSBC بمعدل 3.64 كي يصل إلى 679.9 .
وعلى الرغم من المخاوف، فقد ارتفعت أسهم بنك RBS بمعدل 5.53 بالمائة اليوم كي تصل إلى 34.8 بعد أن أعلن عن توقيعه اتفاقا للدخول في خطة حماية الأصول الحكومية. وقد أصيبت الشركات المستثمرة في الإمارات هذا الأسبوع بالهبوط عندما كشفت الحكومة عن أنها تنوي أن تطلب من الدائنين في شركة دبي العالمية التوقف لمدة ستة أشهر عن دفع أقساط ديونها. حيث إن دبي عليها ديون قيمتها 80 مليار دولار أميركي والتي يشكل جزء كبير منها ديونا لشركة دبي العالمية التي تمتلك شركة نخيل للتنمية العقارية التي بنت جزيرة النخلة في الخليج ومن المقرر عليها أن تدفع صكا إسلاميا قيمته 4 مليارات دولار أميركي في 14 ديسمبر المقبل.
وقد ذكر العديد من المستثمرين أنه لن يكون هناك مشكلة في دفع ذلك المبلغ لأن شركة دبي العالمية وحكومة دبي والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أعلنوا أنهم سوف يساندون شركة التنمية العقارية. ويبدو الآن أنه لا يوجد أحد يمتلك الأموال لإعادة الدفع أو تمويل الصك، ولهذا فإن مبلغ 56 مليار دولار الأخرى المستحقة كديون لشركة دبي العالمية تعد في خطر.
وقد أعلن ليلة أمس، الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس مجلس إدارة اللجنة المالية العليا، بأن تدخل الحكومة في شركة دبي العالمية كان مخططا بعناية حيث تتولى الحكومة إعادة بناء تلك العملية التجارية كاملة وهي على دراية تامة برد فعل الأسواق العالمية. كما أضاف أنهم يفهمون جيدا مخاوف السوق والدائنين بخاصة. ولهذا فهم مضطرون للتدخل بسبب الحاجة الماسة لاتخاذ قرار حاسم للتصدي لعبء الديون.
وأضافأن دبي مثلها مثل بقية مدن العالم الكبيرة تواجه نصيبها من التحديات الاقتصادية والاجتماعية من هذا الانهيار العالمي في الاقتصاد. ولا توجد سوق حصينة من الأزمات الاقتصادية الحالية. كما قال الشيخ محمد إن الأسس الاقتصادية مثل البنية التحتية الممتازة في دبي ، وشبكة النقل والإتصالات القوية والمركز المالي الإقليمي سوف يضمنون أن تظل دبي سوقا إقليمية جاذبة للاستثمارات.
وعلى الرغم من سعي دبي لتهدئة الأسواق، فقد انتشر الخوف في آسيا فيما وصفه تجاريو طوكيو بأنه quot; الجزء الثاني من الأزمة الماليةquot;. فقد أصيبت أسهم البنوك في المنطقة بانهيار حاد كما أعلن المحللون الذين انطلقوا في تحليل وحساب التعرض المحتمل للبنوك مثل بنك HSBC و طوكيو ميتسوبيشي للأزمات المتداخلة في تجمع شركات دبي العالمية، كما أن أسهم طوكيو والتي تأثرت بقوة الين المتصاعدة، قد تأثرت أيضا بمعدل 3.2 بالمائة حيث خسرت 301.72 نقطة بعد انخفاض لمدة أربعة أشهر قيمته 9081.523. وفي هونغ كونغ حيث سيطر بنك HSBC وبنك تشارترد الدولي على مؤشر البورصة هناك والانهيار بمعدل 6.6 إلى 6 بالمائة ، نزل مقياس هانغ سنغ بمعدل 4.9 بالمائة. وقد كانت هناك حالات خسارة مماثلة في المؤشرات الأساسية في كوريا الجنوبية وفي البورصة الصينية الأساسية في هونغ كونغ.
وقد أعلن دانيال دابوش، وهو محلل مالي في مجموعة CLSA للأوراق المالية، أن الأزمة سوف يكون لها تأثيرها القوي على قطاع البنوك الآسيوية. وأعلن أن مجموعة البنوك السنغافورية ستكون من أشد المتأثرين بهذه الأزمة ولكن الإجازة الوطنية قد حافظت على بورصة سنغافورة مقفلة وحمايتها من هبوط محتمل وعمليات تصفية.
وقد كتب أحد المحللين قائلا إن الوضع الحالي يوضح أن الأزمة المالية قد تعرضت للنسيان ولكنها لم تنته. فقد تنامى الخوف من العدوى من الانهيار في الأسواق و السوق اليابانية الآن تعاني من تدهور قوة الين والتي أثرتفي تنافس المصدرين. ومن الواضح ان مشكلات دبي قد أثرت بوضوح في حركة الأعمال في اليابان حيث وصف أحد المسؤولين في البنوك اليابانية الكبيرة الأزمة على أنها تقترب من اللون الأزرق.
التعليقات