في تقرير مطول لها تحت عنوان quot; أزمة ديون دبي: quot;لما قد تعود بالنفع على الاقتصاد المصريquot;، تقول صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية إنه في الوقت الذي لا تعتبر فيه مصر بمنأى عن آثار الكساد الاقتصادي في دبي، إلا أنها تتأهب للكسب في الاستثمارات الأجنبية بعد سنوات من الإصلاح، الأمر الذي قد ينعكس إيجابا ً على نظام البلاد السياسي.

إعداد أشرف أبوجلالة:في الوقت الذي تؤكد فيه صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية على أن أزمة دبي سيكون لها تأثير دائم إلى حد ما على البلاد، في ظل النقص القائم بالاستثمار المباشر والتحويلات المالية من العمال القادمين من الإمارة، إلا أنها لفتت إلى أن مصر قد تقوم في النهاية بجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وحافظات الأوراق المالية المقرر أن تخسرها دبي.وهو نفس المعنى الذي أكد عليه كورتني فينغار، رئيس تحرير مجلة الاستثمار الأجنبي المباشر، التابعة لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، في المقابلة التي أجراها مع الصحيفة، حيث قال :quot; ستستفيد دول أخرى بالمنطقة على الأرجح من الاستثمار الأجنبي المباشر بسبب الأزمة في دبي، لأن الشركات ستظل مهتمة بالمنطقة، وربما تُبنَى نقاط قوة القاهرة على أسس أقوى قليلا ً من تلك الخاصة بدبي. ففي أعقاب الأزمة العالمية، أصبحت كثير من الاستثمارات أقل مضاربة ( من حيث نشاطاتها في البورصة )، وأكثر على المدى الطويل، وتبين أن عددا ً كبيرا ً من المستثمرين قد باتوا أقل استعدادا ً لتحمل المخاطر عما كانوا يفعلون من قبل، وأعتقد أن ذلك قد ينبههم للنظر مرة أخرى إلى الأعمال التقليدية، والمراكز الإقليمية، مثل القاهرةquot;.

وفي هذا السياق، تمضي الصحيفة لتؤكد على أن الاقتصاد المصري يعدّ واحدا ًمن أكثر الكيانات الاقتصادية استقرارا ً في المنطقة، لأن حالة النمو التي يعيشها في الآونة الأخيرة مدفوعة إلى حد كبير من خلال الجهد الذي يتم بذله لتوفير كافة احتياجات المصريين، بدءا ً من محلات البقالة وانتهاءا ً بالعقارات. وذلك في الوقت الذي تركزت فيه إغراءات دبي على توفير الطعام للأجانب، الذين اشتروا عقارات وجاؤوا للقيام بأعمال تجارية. لذا، لم يكن ازدهار دبي الاقتصادي ازدهارا ً أساسيا ً وبالتالي كان نموه أقل استدامة.

وبينما تقول الصحيفة إن الاقتصاد المصري أشبه ما يكون بخيل المزارع العجوز المتثاقل مقارنة ً بقاطرة دبي الجديدة اللامعة، إلا أنها تؤكد على أن القاهرة تحاول أن تُصلح من نفسها بغية مواكبة الاقتصاد العالمي المتغير. كما تشير إلى أن مصر قضت العديد من السنوات في إصلاح قطاعها المصرفي وتخوض في محاولات ترمي إلى زياردة الاستثمارات من الشركات الأجنبية. فضلا ً عن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي لتشديد الأنظمة المصرفية، وقيام الحكومة بالحد من معدلات البيروقراطية المفروضة على التجارة، وشروعها أيضا ً في مشروعات بني تحتية ضخمة، مثل بناء مبنى دولي حديث للركاب في مطار القاهرة والبدء في تشييد خط ثالث لمترو الأنفاق.

وتابعت الصحيفة في هذا الإطار، لتشير إلى أن البورصة المصرية قامت بالكشف عن مؤشرات جديدة، وأقدمت على تجميع شركات مختلفة مع بعضها البعض لجعل أدائها أسهل في التتبع ولتشجيع عمليات التداول. وهي الخطوات التي أتت بنتائج إيجابية، حيث قام البنك الدولي العام الماضي بوضع مصر في القائمة الخاصة بأفضل عشرة دول تقوم بالإصلاح في جميع أنحاء العالم وفقا ً لتقرير quot;ممارسة أنشطة الأعمالquot;. وعلى الرغم من انخفاض معدلات نمو الاقتصادي المصري خلال السنة المالية الماضية إلى 4.7 % ، بعد أن وصلت إلى 8 % في العام السابق، إلا أن صندوق النقد الدولي أشار إلى أن هذا المعدل ظلّ مرتفعا ً عن المعدل الخاص بكثير من الكيانات الاقتصادية الناشئة مثل تركيا، التي نمت معدلاتها بنسبة قدرها 1.1 فقط خلال عام 2008، ومن المتوقع أن يتقلص بنسبة 5 % في 2009. وذلك في الوقت الذي يتوقع أن تشهد فيه مصر نموا ً بزيادة قدرها 5 % خلال العام الحالي.

وهنا، يعاود فينغار ليقول :quot; تبذل دول المنطقة جهدا ً حقيقيا ً للنظر إلى أولئك الأشخاص الذين يقومون بترتيب الأعمال ولتحسين وضعيتهم. وهو الأمر الذي ستلحظه الشركات والمستثمرون. وإذا ما واصلت مدن ودول تلك المنطقة المنافسة لدبي من جهودها الإصلاحية، وحاولوا أن يسهلوا من مسألة الحصول على تراخيص، والقيام بأعمال تجارية، فإنها ستأخذ الكثير من الإغراءات التي تقدمها دبيquot;. كما تنقل الصحيفة عن محللين تأكيدهم على أن ثبات أو ارتفاع أسعار النفط في المنطقة أمر يعني أن بإمكان مصر توقع استمرار حصولها على الاستثمارات الأجنبية من دول الخليج، وتعويض أي خسارة مباشرة تعرضت لها نتيجة تقلص الاستثمار المحتمل من جانب دبي في مصر. ويتوقع المحللون أيضا ً حدوث زيادة في الاستثمارات بسوق الأسهم المصرية مع إقبال المستثمرين الإقليميين على الفرار من دبي.

ويقول سايمون كيتشن، كبير الاقتصاديين في المجموعة المالية هيرميس، وهي بنك استثمار مصري :quot; إنهم بحاجة لوضع أموالهم في مكان ما، لذا سيقوموا بوضعها في أسواق بديلة، من بينها مصرquot;. أما ريهام الدسوقي، كبيرة الاقتصاديين لدى بلتون المالية، هذا البنك الاستثماري الإقليمي الذي يوجد مقره بالقاهرة، فتقول إن العديد من المستثمرين الأجانب يقومون بشراء الأسهم المصرية منذ أن أعلنت دبي عن ضائقتها المالية، رغم عدم استطاعتها إثبات أنهم قادمون من دبي. وتابعت بالقول :quot; لا يمتلك أحد دليلا ً على أن الأموال غادرت دبي ووصلت إلى مصر بشكل مباشر، لكن حدث نشاط شرائي كبير من جانب المستثمرين الأجانب في مصر. ستواصل الدول الأجنبية الاستثمار في دولة الإمارات العربية المتحدة، بتركيز متزايد ربما على أبو ظبي أكثر من دبي على المدى الزمني القريب. يقوم المستثمرون بتقييم كل فرصة استثمارية كل على حدة، لذا فإنه وفي الوقت الذي قد تحدث فيه منافسة، لن يذهب المستثمرون تلقائيا ً من بلد إلى آخرquot;.

هذا ويتوقع عدد قليل من المحللين ndash; طبقا ً للصحيفة - أن تدفع أزمة دبي بالمستثمرين إلى التخلي عن المنطقة كلية ً. ويختم أحمد أكارلي، كبير الاقتصاديين لتركيا والشرق الأوسط في مؤسسة غولدمان ساكس بلندن، بقوله :quot; أعتقد أن بإمكان مصر أن تستفد من ذلك، وأن وتبرز كقوة اقتصادية كبرى في المنطقة، لكني أعتقد أنه سيتعين عليها أن تستثمر بشكل أكبر في مجال التكنولوجيا، والبنية التحتية، ورأس المال البشري، كي تصبح مركزا ً للجذب ومحورا ً آخرا ً للنمو في منطقة الشرق الأوسطquot;.