تعقد قمة دول مجلس التعاون الخليجي غدًا في العاصمة الكويتية، لتحمل معها العديد من القضايا الساخنة على مختلف الأصعدة، غير أن الدلالات والأحداث الأخيرة تؤكد أن القمة الخليجية هذا العام ستكون اقتصادية بامتياز. فمن تدشين مشروع الربط الكهربائي، إلى مشروع السكة الحديدة ومشروع العملة الخليجية، إلى تداعيات أزمة ديون دبي وغيرها من المواضيع الاقتصادية المهمة ستكون على طاولة حوار الوزراء المسؤولين اليوم، والرؤساء غدًا.


المنامة: يترأس وزير المالية البحريني الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة وفد مملكة البحرين في أعمال الإجتماع الثالث والثمانين الإستثنائي للجنة التعاون المالي والإقتصادي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربيـة، والإجتماع المشترك الثالث عشر بين المجلس الوزاري (والذي يضم أصحاب السمو والمعالي وزراء خارجية دول المجلس) ولجنة التعاون المالي والإقتصادي في دولة الكويت.


ومن المقرر أن يبحث الإجتماع عدد من الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، ويأتي في مقدمتها الإعداد للجوانب الإقتصادية للدورة الثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والتي ستعقد بدولة الكويت الشقيقة، والتطورات والمستجدات الخاصة بالإتحاد الجمركي، ومقترح إنشاء بنك للتنمية لدول المجلس، إضافة إلى متابعة بعض القرارات الإقتصادية التي تم اعتمادها من قبل المجلس الأعلى لمجلس التعاون.


القمة اقتصادية نموذجية


النائب البرلماني والاقتصادي الدكتور جاسم حسين قال: quot;من المنتظر أن تؤكد القمة الخليجية المنعقدة في الكويت غدا على المشاريع الاقتصادية التكاملية بين دول مجلس التعاون، كتدشين مشروع الربط الكهربائي، والتأكيد على مشروع السكة الحديدية المشتركة، بالاضافة الى المواضيع التقليدية كالاتحاد النقدي والمضي قدما في المشروع في العام 2010quot;.كما تمنى الدكتور حسين أن تعود الإمارات العربية المتحدة إلى الاتحاد النقدي الخليجي قائلاً: quot;أتمنى عودة الامارات الى الاتحاد النقدي، فهو عود محمود وغير متأخر، كما أن أزمة ديون دبي كشفت للامارات ضرورة وجودها في الاتحاد ضمن المنظومة الخليجيةquot;. كما ينتظر د.حسين من القمة استمرار العمل على مشروع السوق الخليجية المشتركة، مشيرًا إلى أن القمة هذا العام هي قمة اقتصادية نموذجية، كما أن أزمة ديون دبي ستلقي بظلالها على القمة، حسب تعبيره، مستبعدًا أن يتم دعم دبي ماديًا، ومؤكدًا دعمها معنويًا والوقوف معها ومساندتها في وجه الاعلام المعادي الذي ضخم الموضوع.

اتفاقيات شكلية
رجل الأعمال البحريني عبد الحكيم الشمري وجه أصابع الاتهام للمسئولين في دول مجلس التعاون لتخاذلهم في تطبيق الاتفاقيات الاقتصادية المشتركة التي تم الاتفاق عليها وتوقيعها من قبل دول مجلس التعاون، وقال: quot;المنتظر من القمة الخليجية في الكويت غدا مراجعة حقيقية وجادة لما تم تطبيقه على ارض الواقع، لأننا كرجال أعمال بحرينيين نعتقد بأن البحرين هي أكثر الدول التزاما نظريا وعمليا بقرارات القمم الخليجية، ولكن مع الأسف الشديد بأن دول الجوار لا تعامل رجل الاعمال البحريني كما ينبغي، فهو ما زال مضطر لتكبد خسائر كبيرة جراء التطبيق الأعرج في تلك الدول، ومعاملته كالأجنبيquot;. وأبدى الشمري استغرابه من الترزام جميع المسئولين في البحرين بالاتفاقيات فيما يعامل رجل الاعمال والمستثمر البحريني في الدول الخليجية كالأجنبي، واصفًا بـquot;المجحفةquot; في حق رجال الاعمال البحرينيين.


كما استغرب من المسئولين في دول مجلس التعاون الذين يتغنون بتطبيق هذه الاتفاقيات، التي قال بأنها تسعى لتضليل القيادات السياسية في تلك الدول ليس إلا، quot;وأن المجاملات بين المسؤولين الخليجيين يجب ألا يدفع ثمنها المستثمر الخليجي، فلا تزال الخطوات لتفعيل ما يطلق عليه المواطنة الخليجية وحرية انتقال الايدي العاملة الخليجية وحرية استثمار مواطني دول مجلس التعاون داخل هذا المجلس، بطيئة ومتأخرة عن الزمنquot;.

تقليل حدة النافسية وعودة الامارات
توقع رئيس تحرير صحيفة أسواق البحرينية الأسبوعية عباس بوصفوان أن تلقي أزمة دبي بظلالها على القمة، في الوقت الذي يعتبر المراقبون فيه أن الأزمة قد تضر بمصداقية دول الخليج كلها في الوقت الذي رؤوا فيه أنها لم تحرك ساكنا، حسب تعبيره.وأضاف: quot;كما ينتظر من المعنيين التحرك على إثبات أن الاقتصاد الخليجي غير متضرر وأن الجميع يساند الشقيقة دبي في أزمتها، ومن هنا يبدو تحرك وزير المالية الكويتي ايجابيا للعمل على عودة الامارات، وعمان لمنظومة الاتحاد النقدي الخليجي، ولأان خروج الامارات لم يكن لأسباب اقتصادية يفترض أن يتم احتواء الموضوع وعودتها الامارات التي هي بحاجة الى مساندة شقيقاتها الخليجيات في هذه الأزمةquot;.


ويرى بوصفوان أن أسعار النفط تجعل من الدول الخليجية في مأمن من الوقوع في فخ المزيد من العجوزات في موازناتها خصوصا بعد ارتفاع الأسعار منذ مطلع العام.كما يعتقد أن دول المجلس ستحقق نموا اقتصاديا جيدا مقارنة بالأوضاع السيئة التي يعيشها العالم، كما ينظر بتفاؤل لانجاز مشروع الربط الكهربائي، quot;لانزال بعيدين عن السوق الخليجية الموحدة ووجود الكثير من التحديات التي يجب العمل على حلها بسرعة لتصبح أكثر تكامل وقوة اقتصادية أكثر متانة وتقلل حد التنافس بين الشقيقاتquot; حسب تعبيره.

مرحلة جديدة
ويأمل رئيس مجموعة المشعل العالمية الدكتور يوسف المشعل في انطلاق مرحلة جديدة مع انعقاد مجلس التعاون في دورته الحالية، في طريق قيام الدولة الخليجية الاتحادية، وأن تحقق حلم الوحدة العربية على أرض الخليج العربي مما يجعل من الوحدة العربية أمراً واقعاً قابلاً للتطبيق والبقاء وليست مجرد تجارب تقوم بها حكومات، تحركها مصالحها وما إن تنتهي تلك المصالح حتى تصبح تلك الكيانات الوحدوية وكأنها لم تكن، حسب قوله.


ويقول: quot;مرت دول المجلس خلال 25 عاماً بظروف وتحديات محلية وإقليمية وعالمية على مختلف المستويات والمجالات ازدادت وتيرتها مع مطلع الألفية الثالثة والتي تمثلت في العولمة والتقانة العالية والانفتاح الإعلامي والانفجار المعرفي والمعلوماتي، والتكتلات الاقتصادية والآحادية السياسية والثقافية والإرهابquot;.
وقال: quot;إذا كانت المرحلة السابقة، قد تطلبت اهتمامات أمنية وعسكرية، فإن النتائج اللاحقة يجب ان تؤكد على أهمية خلق إنسان متوازن، منتج، ومحب للعمل، وإن المفاهيم القيمية الجديدة تتطلب العمل على ترسيخ شخصية الإنسان المنتج، وذلك الذي يسعى بكل جهده لأن يكون مواطناً صالحاً منتجاًquot;.


ويرى المشعل ان القطاع الخاص هو العنصر المفقود في معادلة مسيرة العمل المشترك على الرغم من اهميته واعتباره في معظم دول المجلس شريك اساسي في المشروعات التنموية، quot;ولذا فان المرحلة القادمة تستلزم ضرورة مشاركته في كافة المجالات والعمل على ايجاد الصيغة المناسبة لتفعيل مشاركته والتحول من مرحلة التنظير الى مرحلة التطبيق لتلبية طموحات المواطن الخليجي بترجمة جميع قرارات المجلس الأعلى الى واقع عملي مما ستكون الوسيلة لتحقيق اكبر قدر من التنسيق والتكامل والترابط فى جميع الميادين وتعميق وتوثيق الروابط والصلات بين اعضائه فى مختلف المجالاتquot; والحديث للمشعل.


كما دعا الدكتور يوسف المشعل لوضع نظم متماثلة فى المجالات الاقتصادية والمالية والتعليمية والثقافية والاجتماعية والصحية والمواصلات بانواعها المختلفة والاعلامية وحركة السفر والنقل والشؤون التجارية والجمارك ونقل البضائع والشؤون القانونية والتشريعية فتجربة الدول الأوروبية في هذا المجال أكدت على أهمية التركيز على الجوانب الاقتصادية ومن ثم التطرق إلى السياسية مشيرا إلى أن تشابك المصالح الاقتصادية وتكوينها جداراً قوياً من الصعب أن يتم هدمه، هو أهم ضمان لاستمرار التواصل، والتلاحم بين الدول وبين الشعوب، ومن هنا فإن التأكيد على أهمية التركيز على السوق المشتركة، وخلق آليات للتكامل الاقتصادي يأتي في مقدمة الأولويات، مضيفا: quot;ويصبح من الضروري، إيجاد عملة واحدة لدول المجلس، إضافة إلى خلق مشاريع جديدة تساهم فيها القطاع الخاص الخليجي، والاستفادة من الأيدي العاملةquot;.