لقاء مبالغ مالية تتراوح ما بين العادية والطائلة يجد بضعة آلاف من العمالة الوافدة في الكويت أنفسهم مضطرين للتعاطي مع مبدأ الإتجار بالإقامات الممنوع والمحرم وفقا للقانون، إلا أن وزارة الداخلية بدأت مؤخرا رصد تلك الظاهرة والعمل على بترها على إعتبار أنها تشوه سمعة دولة الكويت في مجال حقوق الإنسان والعمال.

الكويت: بإيعاز أعلى من القيادة السياسية شنت وزارة الداخلية الكويتية خلال الأسابيع القليلة الماضية حربا معلنة ضد من تصفهم بتجار الإقامات الذين يقومون بمخالفة القانون من خلال جلب عمالة وافدة بأوراق رسمية للعمل في مهن هامشية داخل دولة الكويت بأجوز متدنية جدا، إلا أنهم يقومون لاحقا بالتنازل عنهم وفقا لنظام الكفيل في قانون العمل في القطاع الأهلي الكويتي، مقابل مبالغ مالية يقال غالبا إنها لا تكون متوفرة بأيدي العمالة المنوي التنازل عنهم من قبل كفلاء أخذوا مبالغ أخرى مرتفعة وقت السير في إجراءات جلبهم للعمل داخل الكويت، علما أن ما يتم الكشف عنه بإستمرار من قبل أجهزة وزارة الداخلية بأن غالبية تلك المهن لا وجود لها أساسا، إنما يتم نقلها من خلال ترخيص شركات وهمية، إذ جرى الكشف مؤخرا عن شركات ليس لها مقرات أو مكاتب، ولم تمارس عملا من أي نوع، إلا أنها قامت بجلب الحد الأعلى من الترخيص بجلب عمال للنهوض بعمل الشركة.

وقبل أيام قليلة كشفت الإدارة العامة لمباحث الهجرة موظفين صغارا في وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل، يقومون مقابل مبالغ مالية بتسهيل نشاطات مخالفة لعشرات المندوبين والمعقبين التابعين لشركات ومؤسسات داخل الكويت، إذ كشفت الإدارة الكويتية ذات الطابع الأمني أن العديد من الشركات الكويتية والمؤسسات الكبرى لم تكن تعلم بأن المندوبين والمعقبين الخاصين بها قد قاموا بالتلاعب والخيانة مقابل تسجيل عمالة على كفالة تلك الشركات والمؤسسات دون علم أو موافقة الملاك الذين كانوا يفاجأون بتلك المعلومات، إلا أن حمل هؤلاء المندوبين والمعقبين لتوكيلات وتفويضات من الملاك بتسجيل عمالة الشركة والتنازل عن كفالاتهم، من شأنه أن يضع الملاك في دائرة الإستهداف الأمني والقضائي، من خلال توقيع عقوبات جزائية تصل الى فرض غرامات وإقفال ملف تلك الشركات لدى الجهات المختصة الى حين تسوية أوضاع العمالة المسجلة على كفالتها، وإثبات قانونية وسلامة أوضاعها.

ووفقا للتحقيقات التي تجريها وزارة الداخلية الكويتية مع من تتكشف أوراقهم للأجهزة الأمنية فإن غالبية العمالة الوافدة التي يتم جلبها لا تجد عملا بعد تنازل الكفيل الأول عنها، ويتم الإنتقال الى الكفيل التالي من خلال إعطائه مبلغا ماليا لتسجيل كفالة العامل الجديد على الشركة، إلا أن العامل المسجل على الكفالة التالية لا يمارس عملا مع الشركة الجديدة، بل يظل خلافا للقانون متنقلا بين أعمال هامشية بحثا عن الرزق، إذ إن معظم هؤلاء العمال هم من حملة جنسيات دول شرق وجنوب آسيا الذين يأتون للعمل في الكويت بأجور متدنية جدا قياسا بسلم الرواتب في القطاع الخاص، بيد أن كثيرا من الجرائم الغريبة المسجلة مؤخرا في الكويت كان أبطالها هم من تلك الجنسيات، الأمر الذي ولد مطالب كثيرة ومتنامية في الداخل الكويتي بترحيل أفراد تلك الجنسيات إذا ما ثبت أن أعمالهم هامشية، ومن النوع الذي يمكن الإستغناء عنه.

وتحذر أطراف كويتية عدة من أن عدم وضع بديل مقنع وصالح للتطبيق بشأن نظام الكفيل المعمول به في الكويت، من شأنه أن يضر بسمعة دولة الكويت على المدى البعيد أمام المحافل الدولية والهيئات الدولية المختصة بأوضاع العمالة، وحقوقها، ومنظمات حقوق الإنسان بشكل عام، وهو ما دفع السلطات الكويتية الى التحرك بشكل فوري للجم الظاهرة، ووقف تمددها، وسط توجهات لدى صناع القرار الكويتي لحصر أعداد العمالة الهامشية، وتصويب أوضاعها، ومن لا يعمل منهم، يجري مخاطبة سفارته في الكويت لتنسيق عملية إبعاده الى بلاده، علما أن هيئات كويتية غير رسمية تتحدث عن أرقام بمئات الآلاف لتلك العمالة التي تشكل عبئا ضاغطا بلا جدوى على البنية التحتية الكويتية.