طلال سلامة من برن (سويسرا): في حال تمعنا جيداً في عدد الجرائم المرتكبة في سويسرا، على مختلف أنواعها، لوجدنا أنها تصل إلى 1300 جريمة يومياً، أي 54 في الساعة، وجريمة واحدة تقريباً في الدقيقة. وعلى غرار دول الاتحاد الأوروبي تشهد سويسرا تصعيداً في الأنشطة الإجرامية، كالمراباة والابتزاز والسرقة والسطو على عربات نقل الأموال المصرفية، التي تدر على المافيا الخفية في سويسرا ما معدله 200 بليون فرنك سويسري سنوياً.
ولو حذفنا من هذا المجموع عمليات الاستثمار المافياوية العالمية، فإن الأرباح الصافية تفوق 100 بليون فرنك سويسري، كل عام. ومن المدهش فعلاً أن تتمتع خزائن المافيا (في أوروبا وسويسرا معاً)، وبرغم من الأزمة المالية الدولية، بصحة ممتازة يحسدها عليها عمالقة وزارات المال والاقتصاد والعمل والمصارف، حول العالم.
على المستوى السويسري، دوماً، فإن العام الماضي شهد 160 ألف عملية ابتزاز، طالت الشركات المحلية، و200 ألف عملية ابتزاز طالت المواطنين، ونصف مليون عملية غش، و90 ألف حادثة سرقة وسطو على عربات نقل الأموال المصرفية. إذ إن السيولة المالية، الموجودة اليوم في أكشاك مصارف سويسرا، باتت شبه غائبة، وذلك لإحباط همة كل من يحاول القيام بمبادرات سطو اعتباطية، فردية أو جماعية، داخلها. في ما يتعلق بأنشطة المراباة، أي الإقراض مقابل فوائد، وتصل أحياناً إلى ألف في المئة، فإنها تدر سنوياً على المافيا حوالي 45 بليون فرنك سويسري، أي ما يكفي لعرض 200 ألف وظيفة جديدة.
علاوة على ذلك، فإن المافيا أضحت لا لون ولا جنسية لها. في أي حال، فإن الأقوى تميل إلى مصلحة الألبانيين. وعلينا ألا ننسى أيضاً أن ثمة العديد من الإيطاليين والسويسريين، لا سيما الطبقة الشبابية منهم، الذين يقودون أيضاً عمليات تهريب لأنواع من السلع، على رأٍسها تلك الغذائية، على الحدود السويسرية-الإيطالية. في الوقت الحاضر، توجد محاولات غير شرعية لزرع جزء من رؤوس الأموال المافياوية في إيطاليا عن طريق شركات كبيرة أو متعددة الجنسيات. إذ إن الشركات الفردية أو الصغيرة أو ذات الإدارة العائلية غير مؤهلة لزرع أو غسل رؤوس أموال خارجية تقدر ببلايين اليورو، وإلا فإن السلطات الإيطالية والسويسرية سترسم أكثر من علامة استفهام حولها.
اعتماداً على آخر النتائج الصادرة من وزارة الاقتصاد السويسرية، فإن الأنشطة الاقتصادية المفضلة للمافيا هنا تتألف من أربعة أجزاء، هي العقارات والتجارة والنقل البري وألعاب القمار.
التعليقات