إنتقد رجل أعمال سعودي ما أسماه البيروقراطية الشائعة في من القطاعات الحيوية، واصفاً إياها بأنها أصابت التعاملات الإدارية بفيروسها المقيت لتنخر في عمودها الفقري وتسبب لها الشلل، الذي يولد الإحباط والفشل، في أي مسعى يراد له أن يساهم في بنى تحتية بنيوية أو إقتصادية أو اجتماعية، ثقافية أو حتى سياسية، سواء كان ذلك في القطاع العام الحكومي أو الخاص بمختلف اهتماماته وتخصصاته وتوجهاته.
الرياض: أوضح رجل الأعمال، الذي يدير مجموعة تجارية في الرياض محمد فهد الحمادي لـquot;إيلافquot; أن الأجهزة الحكومية تجعل من أبسط التعاملات الإدارية قضية كبرى لا تنتهي إلاّ بعد عنت شديد، لتنعكس سلبًا على أداء القطاعات المختلفة، بما في ذلك قطاع المال والأعمال، إلى جانب الخلافات المستمرة بين الوزارات المختصة وتضارب القرارات الإدارية بين بعضها البعض، مما جعل من المناخ الاستثماري غير مستقر، ويرسل إشارات سلبية، تهدد تدفق الإستثمارت الجديدة.
وأضاف أن الانفرادية في القرارات المصيرية للشركات والتعنت الشديد من بعض الشخصيات يلحق هو الآخر الكثير من الأضرار بعديد من المشروعات الاستثمارية، وعادة ما تتسبب البيروقراطية في هروب الاستثمارات والأفكار المبدعة، وتكبد البلاد اقتصادها الخسارة تلو الخسارة.
واستشهد الحمادي بدراسة صدرت أخيرًا عن مركز التنافسية في الهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية بأن الاقتصاد السعودي يخسر ما لا يقل عن 60 مليار ريال سنويًا (16 مليار دولار)، بسبب ضعف القدرة الإنتاجية والبيروقراطية في المعاملات، ولم يستثن من البيروقراطية قطاع دون قطاع آخر، إذ يرى أن برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية واسعة النطاق خلال الخمس والعشرين سنة الأخيرة، تعرضت إلى مجموعة من الانتقادات التي اعتبرته غير متوازن من حيث التمثيل البيروقراطي على مستوى المناطق.
فرأى البعض أن عدم توازن التنمية إنما مرده إلى عدم التكافؤ في تمثيل المناطق على صعيد موظفي الفئة الأولى في القطاع العام، وإلى هيمنة بعض المناطق على المخططات المالية وتجييرها لمصلحتها الخاصة.
وأفاد أن وجهة النظر تنبثق من الاعتقاد السائد بأن البيروقراطية، لكي تكون عادلة وسوية، لا بد لها من أن تعكس القطاع العام في مختلف أوجهه quot;مثل العرق والجنس والاقتصاد وغيرها، ولكنه أكد أن هذا الرأي يواجهه تحديان اثنان، الأول أن التمثيل البيروقراطي يؤدي أحيانًَا إلى تمثيل دائم وغير متحرك، ما يهدد المجتمع ونظامه الديمقراطي، والثاني عده في خلفية البيروقراطيين، التي لا تؤثر في كيفية تعاطيهم مع عملية التأهيل الاجتماعي المتطورة دائماً، الأمر الذي يحتم إخضاع البيروقراطيين أنفسهم إلى تأهيل مستمر ليتمكنوا من التأقلم والتكيف مع حالات اجتماعية جديدة.
ودعا إلى إعادة النظر في مسألة توزيع موظفي الفئة الأولى في القطاع العام، وذلك في تسع عشرة إدارة عامة تعنى بإعداد برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتخطيط لها وتنفيذها في المملكة العربية السعودية، فتنظر هذه الدراسة في المخصصات المالية لخمس إدارات عامة بغية رصد أي مؤشر يدل على وجود صلة بين التقسيم البيروقراطي وتوزيع الموارد على مستوى المناطق، مستدلاً بدراسة حديثة خلصت إلى أن التمثيل البيروقراطي في الإدارات التسع عشرة هو تمثيل غير متكافئ. فـ60 % من وظائف الفئة الأولى تصب في منطقة واحدة، فضلاً عن أن 80 % من موظفي الدرجة الأولى يتحدرون من منطقتين اثنتين من أصل المناطق الخمس التي تشكل المملكة العربية السعودية، ولكنه بين أن هذا التمثيل غير المتكافئ نسبياً لم يلق بظلاله على مسألة توزيع الموارد على مستوى المناطق في الإدارات العامة الخمس موضوع الدراسة.
وطالب الحمادي بالعمل على تعزيز بعض الحوافز المالية وباعتماد مبدأ اللامركزية من أجل التنويع في نظام الفئة الأولى البيروقراطي في سبيل مواجهة عدم التكافؤ النسبي في التمثيل البيروقراطي الذي جعل البعض يقرون بعدم المساواة في توزيع الموارد بين المناطق.
وأشار إلى دعوة عدد من المختصين وأعضاء مجلس الشورى إلى العمل والتعاون مع خبراء دوليين لوضع حد للروتين والبيروقراطية والمحسوبية يجسد الاهتمام للسير نحو محاربة الفساد بكل أشكاله، من خلال قيامها بإجراءات الرقابة والتحريات اللازمة في مختلف أقسام الجهاز، وما يرتبط به من وحدات للتأكد من سلامة العمل وترشيد الأداء والقيام بحملات متابعة تفتيشية للوقوف على مواطن القصور واكتشاف حالات الإخلال بأداء الواجبات الوظيفية أو التراخي في إنجاز الأعمال، ومن ثم العمل على تصحيح المسارات وتقويم الاعوجاج ومراقبة سير العمل للتأكد من مطابقته للأنظمة واللوائح، والعمل على تنمية وتقويم مفهوم الرقابة الذاتية لدى الموظفين وتقديم المقترحات التي من شأنها تسهيل وتحسين سير العمل في الأجهزة الحكومية.
وأكد أن هذا ما دفع بخادم الحرمين الشريفين؛ الملك عبد الله، إلى اتخاذ كثير من القرارات الصائبة في هذا الشأن بما يتفق وتفعيل الأدوات والآلية التي تسرع بإنجاز المهمات والإجرءات في كل الدوائر الحكومية وبالطبع الخاصة، مرورًا بكل المراحل التنفيذية حتى تكون بمستوى وأهداف الخطط الاستراتيجية الطموحة للبرنامج الإصلاحي إداريًا وتنفيذيًا وتشريعيًا، خاصة في الأمور التي تتطلب سرعة الإنجاز، وسلاسة الإجراءات، والتخلي عن الأساليب البيروقراطية في إدارة البرنامج على المستويات الإدارية كافة، وعلى الخصوص التنفيذية منها، وتهيئة الكوادر التي تتعامل مباشرة مع المستفيدين من البرنامج بما يضمن تفعيل القرارات بشكل سليم.
التعليقات