عندما استقبلت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين ناتانياهو وبحثا معا ملف ايران النووي، اكدت له بان المانيا سوف تضغط على المصانع الالمانية كي لا تبرم مع ايران صفقات تجارية وان تحد من التعاملات التجارية بين البلدين.

برلين: مازالت فيه تداعيات الازمة الاقتصادية تحفر في عمق قطاع الصناعة الالماني، لذا كان لا بد من الصناعيين الالمان من العثور على طرق اخرى لمواصلة العمل مع ايران، اكبر المستوردين في العالمين العربي والاسلامي، حتى ولو كان عن طريق ابرام عقود بالخفاء.والملفت ان كلام ماركل يأتي في وقت أبرمت فيه أحد المصانع الالمانية عقدا بقيمة مليار يورو من اجل صنع مائة ضاغط غاز. حتى ان علي رزا غريبي مدير شركة الغاز والتطور الايرانية اشار في حديث سابق له الى وجود شركة المانيا لم يذكر اسمها ابرمت بعيدا عن اعين السلطات الالمانية عقدا لبناء عدد من التوربينات الضاغطة لشركته، وتصل قيمة هذا العقد بضعة مليارات يورو. كما ينص العقد ايضا على توفير تقنيات متطورة الى الشركة الايرانية تتعلق ببناء وتشغيل المحركات والاليات وطرق نقل الغاز عبر الانابيب.

ويعتقد خبراء المان ان ايران تملك بعد روسيا ثاني اكبر احتياط من الغاز في العالم، وعملت إيران على تصدير كميات قليلة من غازها حتى الآن، لكن مع التوربينات الالمانية الضاغطة سوف يتغير الامر كليا.وتقول مصادر من القطاع الصناعي في ايران ان المصدر لهذه التوربينات هي شركة سيمنز الالمانية المعروفة، الا ان الشركة الايرانية المستوردة ترفض التعليق على ذلك على الرغم من ان سيمنز قد سلمت ايران سابقا بناء على معلومات موثوق بها، 45 توربينا، وعند التسليم لم يذكر اسم الشركة المصدرة للتوربينات من اجل تفادي الاصطدام بقرار الاتحاد الاوربي والحظر الدولي على ايران.

ولم يتوقف الامر عند هذا الحد، اذ توجد محاولات حثيثة لتمتين العلاقات الالمانية الايرانية التجارية، وشهدت امارة دبي اجتماعا للجهتين لم تعلق عليه الحكومة الالمانية حتى الآن، حيث اجتمع في دبي في الـ17 من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2009، 15 ممثلة وممثل عن شركات المانية وايرانية في احد الفنادق الفخمة من اجل فتح مجالات جديدة للقطاع الصناعي الالماني في ايران. وياتي الاجتماع نتيجة تشكيل غرفة التجارة والصناعة الالمانية الاماراتية - قسم امارة دبي ndash; والتي تعتبر شبه حكومية - مجموعة عمل ايرانية خلال اجتماع سابق في الامارة. مما عرض بيتر كوبريش مدير اعمال الجانب الالماني فيها للضغط من اجل توضيح ابعاد هذه الخطوة، خاصة وان البروتوكول الذي خرج عن الجلسة احيط بالسرية، الا انه لم يبق سريا طويلا حيث تسرب الى صحيفة وولستريت جورنال وجروسليم بوست الاسرائيلية، وتحول الى عناوين كبيرة، ما جعل كوبريش يلجم مشروع مجموعة العمل الايرانية، والكشف عن أنشطتها منذ مطلع الشهر الجاري.

ورغم الاجراءات التي فرضتها الحكومة الالمانية في الآونة الاخيرة ضد ايران مثل الغاء ما يسمى بضمانات هرمس للصادرات الالمانية واعلان شركة سيمنز عن عزمها قطع كل الاعمال مع ايران، لكن خلف الكواليس تشهد التجارة بين البلدين انتعاشا ملحوظا حيث وصل حجم التبادل التجاري لعام 2009 اكثر من خمسة مليار دولار وهي قيمة سلع وبضائع مختلفة صدرتها الشركات الالمانية جزء منها صدرته عن طريق بلد ثالث. كما وان ايران مازالت الشريك المهم بين البلدان العربية والاسلامية، حيث يعمل فيها حتى الآن اكثر من 1500 مؤسسة، من بينها شركة كوبريون الالمانية التي أختارتها ايران في شهر تموز ( يوليو) 2009 من أجل المشاركة في بناء مصنع ريال البتروكيمائي الايراني.

وفي سؤال لايلاف عن انعكاس قرار الحكومة الالمانية على حجم التبادل التجاري بين المانيا وايران وكيف ينظر إلى الصفقات التجارية بشكلها الحالي بين البلدين قال هانس مولر من قسم العلاقات التجارية مع ايران في رابطة التجارة الخارجية BGA ان القطاع الاقتصاد الالماني يشدد على انتقاده لقرار برلين فيما يتعلق بتخفيض ضمانات هرمس التجارية مع ايران والتي تصل إلى 73.4 مليون يورو بعد ان كانت 387 مليون يورو، مما حد بشكل كبير من الصادرات الالمانية وعطل اعمالا كثيرة.

وأضاف: quot;كما لا يمكن تحمل تبعات فرض عقوبات، بالطبع نحن كاقتصاديين لا نعارض فرض عقوبات لكن يجب أن تكون الأسباب واضحة وتحديد ما يجب ان يسمح به وما لا يسمح به، لذا فأن الطريق الذي سلكته المانيا ضد ايران خاطئ وسوف يزيد الضرر لقطاع الاقتصاد ومن له اعمال في ايران سوف يخسر كثيراquot;. ويواصل: quot;علينا ان نحرص على ان لا نعرّض اعمالنا ومشاريعنا في ايران للخطر، فالكثير من البلدان مستعدة لان تحل محلنا بسرعة، وذكر بأنه وفي الوقت الذي تراجع فيه حجم الصادرات الالمانية الى ايران العام الماضي بنسبة 10.5 في المائة ولم تتعدى قيمتها الـ3.6 مليار يورو، ارتفع التبادل التجاري بين ايران وفرنسا 14 في المائة وايران والبرتغال 106 في المائة ومع فنلندا حتى الـ53 في المائة، وهذا يلحق الضرر الكبير بالاقتصاد الالماني في وقت مازال يعاني من انعكاسات الازمة الاقتصادية العالمية.