اختلفتتوجهات دول الخليج حيال إلغاء نظام الكفيل بين معارض ومؤيّد، فبدأت بعض الدول في إلغاء هذا النظام كالبحرين، وأعلنت دول أخرى توجههالإلغائه كالكويت، في حين تمسكت السعودية به، وأشارت إلى أنها تدرس إيجاد آليات تحفظ حقوق الجانبين، ليس من بينها إلغاء نظام الكفيل.

الرياض: رغم التحركات والتصريحات الخليجية التي تشير إلى أن دول الخليج تتجه إلى إصلاح نظام الكفيل والعمل، لا تزال حقوق الإنسان ونظام الكفيل نقطة ضغط متواصلة تمارس من الجهات الدولية والحقوقية والإنسانية كافة على دول مجلس التعاون الخليجي في كل المناسبات.

إذ تستغل المنظمات الدولية والأوروبية أي مناسبة دولية أو تعليمية، أو أي كانت فرصة لتزيد ضغوطها على دول الخليج العربي في ما يتعلق بحقوق الإنسان، التي باتت تشكّل منطقة قلق مزمن للدول الخليجية، بل تجاوز الأمر ذلك إلى إدخالها في أي مفاوضات خليجية أوروبية، وأقربها كان اتفاقية التجارة الحرة الخليجية الأوروبية التي علقت لأجل غير مسمى، لتعود إلى السطح المطالب الأوروبية التي تتعلق بحقوق الإنسان والعمالة، والتي ترى الدول الخليجية أنها ليست ضمن بنود التفاوض، ولا يجب إقحامها.

وكانت المفوضة العليا لحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة، انتهزت مناسبة وجودها في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية quot;كاوستquot; غرب السعودية، في مطالبة دول الخليج العربية بإنهاء نظام الكفالة للعمالة المهاجرة لديها، والذي ndash; حسب تعبيرها - يجعل العاملين معرّضين لانتهاكات محتملة.

ورأت نافي بيلاي quot;أن التقارير المتعلقة بهذه المنطقة تشير باطراد لممارسات مستمرة بالمصادرة غير القانونية لجوازات السفر وحجب الأجور واستغلال وكالات توظيف ومستخدمين معدومي الضمير تجاه العمالة المهاجرةquot;. موضحة quot;أن البعض يحتجزون لفترات طويلة، بعدما يهربون من مستخدمين انتهكوا حقوقهم، وفي كثير من الأحيان لا يمكنهم اللجوء للقضاء، والحصول على حلول فعالة لمشاكلهمquot;، مشيرة إلى أنها ترحّب بخطط بعض الدول الخليجية لإصلاح نظام الكفالة، وحثّت الدول الأخرى على السير على النهج نفسه.

من جهته، يؤكد الاقتصادي السعودي الدكتور حسان بوحليقه أن دول مجلس التعاون الخليجي تجاوزت مرحلة المطالبة بإلغاء نظام الكفيل وحقوق العمالة بمراحل، مشيراً في الوقت عينه إلى أن هناك نقاشاً خليجياً داخلياً محتدماً تجاه هذه الظاهرة، وأنه لابد من تعديل الوضع بطريقة متوازنة.

وأشار بوحليقه في تصريح لــquot;إيلافquot; إلى أن قضية الوافدين أو العمالة المهاجرة في دول الخليج لها جوانب متعددة، كما لها أبعاد اجتماعية واقتصادية وأمنية، لكون العمالة الوافدة تشكّل نسبة كبيرة من سكان دول مجلس التعاون الخليجي، بل تتجاوز في بعضها عدد السكان الأصليين.

ولفت إلى أن quot;دول الخليج في سبيلها لتعديل نظام العلاقة بين الكفيل والمكفول، وأن هذه التوجهات تختلف من دولة أخرى، لكن غالبيتها تتحدث عن حرية أكبر في الدخول والخروج، والحفاظ على حقوق العمالة المالية، وأن يكون العامل هو من يدير ذمته الماليةquot;، مؤكداً أن إلغاء نظام الكفيل وحده لن يحلّ المشكلة، لأن القضية أكثر تشعباً.

وتشير التصريحات، التي صدرت من مسؤولي وزارات العمل والشؤون الاجتماعية في دول الخليج، إلى اختلاف توجهات تلك الدول حيال إلغاء نظام الكفيل، فحيث بدأت بعض الدول في إلغاء نظام الكفيل، وأعلنت دول أخرى توجهها نحو إلغائه، تمسكت السعودية به، وأشارت إلى أنها تدرس إيجاد آليات تحفظ حقوق الجانبين، ليس من بينها إلغاء نظام الكفيل.

وكانت البحرين أول دولة خليجية تلغي نظام الكفيل في مايو/ أيار 2009، وبدأ تنفيذ القرار في أغسطس/ آب من العام نفسه، حيث أصبح بإمكان العامل الأجنبي الانتقال إلى عمل آخر دون موافقة صاحب العمل الأساسي.

وتعتبر دول الخليج تجربة البحرين ودراسة تفاصيلها وبحث مزايا وسلبيات التجربة نقطة الانطلاق، قبل أن يقوم وفد كل دولة بإعداد تقرير عن تجربة إلغاء الكفيل، لكن التلميحات التي تصدر في هذا الشأن تشير إلى أنه لن يكون هناك قرار خليجي جماعي، بل ستكون قرارت منفردة لكل دولة على حدة، خاصة أن إلغاء نظام الكفيل مرتبط بجوانب أمنية واجتماعية في بعض الدول.

فيما قطع نائب وزير العمل السعودي الدكتور عبدالواحد الحميد الطريق على كل التكهنات التي تشير إلى إمكانية إلغاء نظام الكفيل في السعودية، عندما قال في يناير/كانون الثاني الماضي إن وزارة العمل ليست الجهة الوحيدة المخوّلة للبتّ في نظام الكفالة، مبيناً أن المواطن السعودي يتحمل تكاليف مادية كبيرة في سبيل استقدام العمالة من الخارج، وليس من المعقول إلغاء النظام، مشيراً إلى أن وزارة العمل تدرس إيجاد آليات تحفظ حقوق الجانبين، ليس من بينها إلغاء نظام الكفيل.

في حين أن وزير العمل والشؤون الاجتماعية الكويتي محمد العفاسي أكّد في سبتمبر/أيلول الماضي أن بلاده ستلغي العمل تدريجياً بنظام الكفيل المطبّق على العمال الأجانب، والذي ندّدت به منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، واعتبرته نوعاً من الاستعباد، مشيراً إلى أن الوزارة في صدد إلغاء نظام الكفيل لفئات معينة من العمالة الوافدة، شريطة التزام هذه الفئة بالقوانين ونظافة السجل الأمني لها، وألا تكون من أصحاب السوابق، ليكون من حقها أن تكفل نفسها بنفسها، لكي يكون لديها حرية التنقل أو العمل في أي قطاع مناسب لها.