يُجمع العديد من الخبراء بسويسرا على أن الكوارث المالية اليونانية كشفت النقاب عن سلة من الأسرار التي طالما تفادت الدول الأوروبية ومصارفها المركزية البوح بها وبما يختفي ورائها من عجز في الموازنات المالية لدول جنوب الاتحاد الأوروبي.
برن: دخلت العملة الأوروبية غرفة الانعاش الطبية، وهي تعيش اليوم في ما يشبه البرزخ الذي يفصلها بين موت، لا رجوع منه، وحياة جديدة. في الحقيقة، ثمة من يريد لليورو موتاً أكيداً. أما بعض الدول، ومن ضمنها سويسرا التي تنفست الصعداء من جراء عدم اعتنقاها اليورو بعد، فهي تتمنى لليورو صفحة حياة جديدة، ربما أكثر شفافية من أي وقت مضى.
مما لا شك فيه أن مصرف سويسرا المركزي يقود اليوم مجموعة من العمليات الرامية الى المحافظة على قيمة اليورو مقابل الفرنك السويسري(كل يورو يعادل تقريباً 1.40 فرنك سويسري). ويعود السبب في ذلك الى أن معظم الصادرات السويسرية تتركز في دول الاتحاد الأوروبي. لذلك، لا توافق حكومة برن على أن يضحي اليورو ضعيفاً كثيراً. والا فان شركات الدول، المتنافسة تجارياً مع سويسرا، ستكون تلك التي تتكلم بلغة اليورو! ما قد يكون ضربة مزعجة وربما خانقة للشركات السويسرية. بالطبع، فان إستراتيجية مؤازرة اليورو، التي وضعها أمامه مصرف سويسرا المركزي، لن تكون كافية لانقاذ اليورو من كمين نصبته له، بصورة لاارادية، أزمة اليونان. اذ ان أسواق تداول العملات العالمية، تشهد حركة يومية تقدر بما لا يقل عن 5 تريليون يورو! اذن، فان عملية إنقاذ اليورو ينبغي عليها أن تكون واسعة النطاق وغير محصورة فقط على المناورات السويسرية.
في سياق متصل، ينوه quot;روبرت مياليشquot;، خبير العملات في مصرف quot;كانتونال بنكquot; ببرن لصحيفة ايلاف بأن قيمة اليورو قد تنخفض الى حد أبعد. في الوقت عينه، سيُبقي اليورو على قوته أمام الدولار الأميركي. وعلى عكس أسواق الأسهم، فان أسواق تداول العملات لم تعط قط قيمة عادلة للعملات الرئيسية حول العالم. لتحديد القيمة العادلة، ينبغي الأخذ بالاعتبار عدة بارومترات ومن ضمنها التضخم المالي وﺍﻟﻤﺨﻔﺽ ﺍﻟضمني ﻟﻠﻨﺎﺘﺞ ﺍﻟمحلي الإجمالي (PIL Deflator)، أي صلة الوصل بين الناتج المحلي الاجمالي الاسمي وذلك الحقيقي. علاوة على ذلك، يشير الخبير مياليش الى أن القيمة العادلة لليورو مقابل الدولار الأميركي تتراوح بين 1.12 و1.17 دولار. ما يعني أنها ما دون القيمة الحالية لليورو، مقابل الدولار الأميركي، التي يعتقد هذا الخبير أنه مُبالغ بها.
التعليقات