حملت بداية شهر رمضان تناقضًا كبيرًا في حال السوق المصريّة، فشهدت البلاد موجة غلاء جديدة ولازمتها قوّة شراء كبيرة من جانب المستهلكين، وقد استغلّ التجّار الإقبال الكبير على الشّراء وأنباء أزمة القمح العالميّة في رفع سعر عدد من المنتجات.

القاهرة: استمرّ مسلسل زيادة الأسعار حتى اليوم الأول من شهر رمضان، وتوالى ارتفاع أسعار منتجات البروتين فشهدت اللحوم والدواجن والأسماك زيادات جديدة بعد أيام قليلة من الزيادة الأخيرة وكذلك الدقيق الذي استغلّ تجاره نبأ أزمة القمح في مضاعفة سعره في الأسواق، كما ارتفعت أسعار منتجات الألبان بنسبة 25 في المئةلزيادة الطلب عليهاولم تفلح محاولات الحكومة ولا الوقفات الاحتجاجيّة التي نظّمها ناشطون مصريّون في إيقاف نار الأسعار المتصاعدة، وبالرغم من ذلك أقبل الكثير من المصريين على شراء احتياجات شهر رمضان خوفًا من توالي ارتفاع الأسعار خلال الشهر الكريم.

شهدت الأسواق المصرية إقبالاً شديدًا على الشراء مع بداية شهر رمضان فتدفقت الأسر المصرية على أسواق الخضار والفاكهة وكذلك المجمعات الاستهلاكية لشراء احتياجاتهم خلال الشهر، وقد شهدت المنتجات ارتفاعًا جديدًا في الأسعار وبخاصةاللحومالتي وصلت في بعض الأماكن إلى 60 جنيهًا لكيلو الكندوز، بزيادة تقدر بنحو 10 في المئة.وبالرغم من ذلك تدفّق العشرات لشراء اللحوم ndash; وأمام أحد المحلات المزدحمة التقت إيلاف بأم محمد ربة منزل مصرية والتي قالت: quot;نحن مضطرين لشراء احتياجاتنا ولسنا نملك سوى الدّعاء بأن تتغيّر الحال، وأصبحنا لا نثق بتصريحات الحكومة، فمنذ بضعة أيام قرأنا في الصحف أنّ السيد رئيس جهاز حماية المستهلك أكّد أنّه لا ارتفاعات جديدة في الأسعار ولكن أين هذا الوعد؟ كما ترون كيلو اللحم ارتفع بين يوم وليلة 5 و6 جنيهات والدقيق ارتفع بنسبة 75 فيالمئةعلى أقلّ تقديرquot;، وأضافت أم محمد أنّ الشعب المصري أصبح يأخذ تصريحات المسؤولين على محمل عكسي بمعنى أنّه عند التصريح بثبات الأسعار نبدأ بالاستعداد لموجة غلاء جديدة .

وأرجعت مصادر متعدّدة الارتفاع الجديد في أسعار اللحوم لكثرة الطلب عليها خلال الأيام القليلة الماضية مع نقص أعداد رؤوس المواشي التي يوردها التجار للجزارين. يقول إبراهيم داوود (جزار): quot;تزايد الطلب بشكل كبير وسحبت أطنان من اللحوم الحمراء البلدية، إضافة إلى شكوى تجار المواشي من قلّة الرؤوس الموجودة، كلّ ذلك أدّى إلى الزيادة الجديدة في أسعارهاquot;، ويضيف داوود أنّ بعض الجزارين تغاضوا عن هامش الربح الكبير وقبلوا بزيادة 5 جنيهات على الكيلو بينما الغالبية أضافت ما بين 10 و15 جنيهًا على سعر الكيلو الواحد.

وأمّا أزمة الدقيق التي أثارتها أنباء وقف تصدير روسيا للقمح فيرجع إلى جشع التجار الذين استغلوا هذا الخبر في رفع سعر الدقيق بنسبة 80في المئةالأمر الّذيأثّر على سعر المخبوزات والخبز غير المدعم والذي يعتمد عليه أكثر من 40 مليون مصري. البائعسعيد عيد أوضح لـquot;إيلافquot; أنّ تجّار الدقيق حجبوه لمدّة يوم لوهم البقالين وتجار التجزئة بأن الأزمة قد طالت السوق وبعد ذلكبيوم واحد عرضوا كمية قليلة وبسعر مضاعف.

ومن جانبه قال محمد أبو شادي رئيس قطاع التجارة الداخلية في وزارة التجارة والصناعة في تصريحات صحافية، إنّ ارتفاع أسعار الدقيق خلال اليومين الماضيين يرجع إلى جشع التجّار، مشيرًا إلى أنّ المجمّعات الاستهلاكية لديها دقيق بسعرجنيهين ونصف الجنيهمن دون أيّ زيادة. وأضاف أنّ أسعار السلع التي حددها وزير الاستثمار قبل بداية شهر رمضان لن يتم تغييرها، موضحًا أنّ وجود المجمعات الاستهلاكية لا يسمح للتجار باستغلال الموقف، وينصح أبو شادي المواطنين بالامتناع عن شراء السلع المبالغ في سعرها.

وتوقّع المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارةارتفاع أسعار السلع المنتجة من القمح رسميًّا بنسبة ٢٠ في المئةخلال الشهر المقبل، وذلك في ما عدا الرغيف المدعم بسبب ارتفاع تكلفة استيراد شحنات القمح من فرنسا، وهو ما اضطرت عليه مصر بعد تعطل شحنات القمح الروسي. وقال رشيد لبرنامج العاشرة مساءعلى قناة quot;دريمquot;، إنّ التكلفة المرتفعة لاستيراد القمح من فرنسا ستجبر الحكومة والتجار على رفع سعر القمح، موضحًا تغلّبنا على الأزمة التي واجهتنا مع روسيا، وتوفير حاجتنا من القمح عن طريق الاستيراد من فرنسا لكن بسعر مرتفع. ونفى رشيد وجود أي زيادة في أسعار الدقيق أقرّتها جهات حكومية مرجعًا الزيادة التي طرأت على الأسواق إلى استغلال التجار للظروف المحيطة.