محمد رجب من تونس: سجلت أسعار بعض السلع في الفترة الأخيرة في الأسواق التونسية إرتفاعاً مشطاً جعل المستهلك التونسي يعبر عن عدم رضاه عن هذا الإرتفاع الفجائي بعد أن هدأت الأمور قبل شهر رمضان و خلاله . ارتفاع كبير في أسعار بعض المواد رافقه فقدان للبعض منها في المحلات و الفضاءات التجارية الكبرى .
وقد سجل مؤشر الأسعار خلال شهر سبتمبر الماضي ارتفاعا بنسبة 0.6 % بينما لم يرتفع غير 0.3 % في نفس الفترة من العام الماضي 2010 كما سجل ارتفاع في التسعة أشهر الأولى من السنة الجارية بنسبة 2.4% مقابل 2.5% خلال نفس الفترة من السنة الماضية 2010 و ارتفعت نسبة التضخم 3.3 %مقابل 4.6 % في سنة 2010 و يتوقع أن يبلغ التضخم خلال عام 2011 ما نسبته 3.4% .
الإرتفاع الكبير لأسعار الطماطم و البطاطا و البصل و البيض و لحم الدجاج إلى جانب فقدان الحليب والمياه المعدنية المعلبة . فالطماطم قد بلغ الكيلو الواحد منه 1500 مي (1.15 دولارا) و البطاطا بنحو 1100 مي (0.85 دولارا) وهي التي تم تحديد سعرها قبل شهر رمضان بنحو 750 مي للكيلو الواحد و البصل و البيض و لحم الدجاج الذي أصبح يباع بنحو 5.700 دينار(4.4 دولارا) .
هذا الإرتفاع فسره أحد المواطنين بتهريب السلع إلى السوق الليبية لبيعها بأسعار مضاعفة لما هي عليه في تونس وهذا ما جعل الطلب يفوق العرض و طبيعي جدا أن ترتفع الأسعار إلى جانب غياب شبه كلي للمراقبة الإقتصادية في هذه الفترة و إن وجدت فقد تحولت من الزجر و تنفيذ الخطايا المالية أو غلق المحل إلى توعية التجار و دعوتهم للإلتزام بالأسعار المحددة دون مخالفتهم بسبب الوضع الحالي الذي تمر به تونس وهو ما شجع التجار وزاد في جشعهم فرفعوا في الأسعار دون خوف .
المواد الغذائية و حسب بيان المعهد الوطني للإحصاء سجلت ارتفاعا بنسبة 3% خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2011 و خاصة المواد الفلاحية التي سجلت ارتفاعا بنسبة 5.6% ( وهو ما يلاحظ فعلا في الأسواق من ارتفاع لأسعار الطماطم و البطاطا و البصل ) ثم المواد الغذائية التي سجلت هي الأخرى ارتفاعا بنسبة 2.1% .
الأصوات تعالت من كل ناحية وهو ما جعل مدير التجارة الداخلية بوزارة التجارة و السياحة الحبيب الديماسي يبرز في لقاء اعلامي أنّ عديد العوامل تقف وراء انخفاض انتاج الحليب و عدم توفره بالقدر الكافي في المحلات و الفضاءات الكبرى ولعل أهمها وبسبب الإنفلات و الفوضى التي رافقت الفترة الأولى من الثورة حيث لم يجد الفلاح المكان الذي يخزن فيه انتاجه وفي ظل هذه الوفرة اضطر إلى اتلاف انتاجه من الحليب في الأودية وقد بلغت كمية الحليب المنتجة في تلك الفترة أي في الثلاثية الأولى من العام الجاري نحو 45 مليون لتر من الحليب .
الديماسي أضاف أنّ وحدة جديدة لتجفيف الحليب عادت في شهر مارس الماضي إلى العمل بعد غلق دام أكثر من ثلاث سنوات و قد عملت هذه الوحدة من تجفيف 5.7 مليون لتر من الحليب .
الجيش التونسي من جهته تزود وقتها بنحو 5 ملايين لتر من الحليب إلى جانب ما تم تصديره إلى ليبيا وهو ما يساوي 7 ملايين لتر من الحليب .
الحبيب الديماسي أشار كذلك إلى أن وحدة لإنتاج الحليب قد توقفت عن العمل خلال الشهر الجاري quot; لينو quot; نتيجة الإضرابات و الإعتصامات وهو ما يمثل تخفيضا بنسبة 20% من عملية تزويد السوق أي نحو 400 ألف لتر من الحليب أدخلت بعض الإرتباك على السير العادي لعملية تزويد السوق الداخلي بالحليب .
و تعتبر الكميات الحالية المجمعة دون النسق العادي الذي تشهده عملية التجميع وتخصص حاليا نحو 1.2 مليون لتر من الحليب للإستهلاك في الأيام العادية التي لا تتسم بالإستهلاك العادي بعيدا عن اللهفة الزائدة ولكن يضيف مدير التجارة الداخلية بأنّ عملية التوزيع شهدت تصاعدا و ترفيعا في التزويد بعد النقص الواضح الذي تمت ملاحظته في الأسواق بسبب اللهفة الكبيرة لدى المواطن التونسي الذي يستمع إلى من يبث الإشاعات بينما تونس لها ما يكفيها وزيادة من المواد الغذائية الأساسية وقد بلغت الكميات التي تزودت بها مختلف الأسواق الداخلية خلال الأسبوع الماضي من 1.4 مليون لتر إلى 1.5 مليون لتر من الحليب وتم طلب الترفيع في الكمية إلى مليون و620 ألف لتر وهو ما حتم الإلتجاء إلى المخزون الإستراتيجي الذي يبلغ حاليا 13 مليون لتر من الحليب .
الحبيب الديماسي مدير التجارة الداخلية أوضح أنه حاليا لا تتوفر سوى 13 مليون لتر وهو ما يحتم العمل على توريد 3 ملايين لتر وسيتم هذا التوريد بشكل تدريجي .
بينما بيّن مدير عام المنافسة والأبحاث الاقتصادية فتحي الفضلي أن لا إشكال مع السوق الليبية إذا كانت عمليات تصدير الحليب مراقبة و في إطار القانون فوزارة التجارة و السياحة تقوم بإصدار تراخيص للتصدير .
عائدات السوق الليبية من تصدير الحليب بلغت نحو 5 ملايين دينار بينما لم تتجاوز في السنة الماضية 1.85 مليون دينار ، وقد تسجيل بعض التجاوزات في مسالك التوزيع حيث عمد البعض إلى بيع الحليب في الشارع وقد تم تسجيل عديد المخالفات .
الخبير الإقتصادي و المالي حسين الديماسي أوضح لـquot;إيلافquot; أنّ هذا الإرتفاع المشطّ للأسعار لا يعود إلى اللهفة فقط بل يتجاوز ذلك إلى المناخ السائد نتيجة الوضع الإجتماعي العام حيث تقل المراقبة الإقتصادية و إن تكن فليس بنفس الحزم الذي عرفت به و الذي يجعل التجار يلتزمون بالقوانين والتاجر الآن كغيره يحاول أن يستغل الوضع السائد ليسجل أرباحا كبيرة .
حسين الديماسي بيّن كذلك أنّ الإرتفاع الحالي للأسعار حدث تماما قبل شهر رمضان و قد تمكنت الحكومة من إيقافه بتكثيف المراقبة وتوفير السلع التي تشكو نقصا في الأسواق .
العنصر الآخر في هذا الموضوع يتمثل في عمليات التهريب التي تصل إلى ليبيا طمعا في الربح و بالتالي ما على الحكومة إلاّ أن تعمل على توفير هذه السلع في الأسواق حتى يتوازن العرض و الطلب وتوقف عمليات التهريب ليقتصر التصدير على القنوات الرسمية عبر المنفذين الرسميين بذهيبة ورأس جدير .
من جانبه بيّن الخبير الإقتصادي محمد الهدار أنّ ارتفاع الأسعار عادي و لا يؤثر في مسار الإقتصاد الوطني التونسي ويعود ذلك إلى الوضع العام في البلاد و لكن تدخل الحكومة لتزويد السوق بمختلف هذه المواد والإجتماع الذي انعقد مع المنتجين سيعيد التوازن إلى الأسواق الداخلية .
محمد الهدار أكد لـquot;إيلاف quot; أنّ ارتفاع الأسعار الذي ارتفع في آخر شهر سبتمبر بنحو 0.6 % و كذلك ارتفاعا بنحو 2.4% في التسعة أشهر الأخيرة من العام الجاري مقابل 2.5 % في نفس الفترة من عام 2010 لا يؤثر على السير الطبيعي للإقتصاد.
وأضاف الهدار بأنّ نسبة التضخم التي بلغت 3.3% مقابل 4.6% في نفس الفترة من عام 2010 يعتبر عاديا و لا تأثير له.
التعليقات