ميونيخ: أصبحت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من المغرمين بمزارع محطات توليد الكهرباء باستخدام الرياح في عرض البحار. لم تعد ميركل تجد صعوبة في تخيل افتتاح المزيد من محطات دوارات الرياح منذ أن دشنت محطة توليد الكهرباء الألمانية في بحر البلطيق مع هانز بيتر فيليس رئيس شركة 'ايه ان بي دابليو'. وتهدف خطط حكومة برلين بشأن محطات دوارات الرياح في البحر إلى أن تلعب هذه المحطات دورا رئيسيا في التحول الذي تشهده ألمانيا في قطاع الطاقة. ولكن هناك جانب آخر لا يحظى بالاهتمام الكافي في بيانات صناع القرار السياسي ألا وهو قلة عدد المستثمرين المستعدين للاستثمار في هذا القطاع وتحمل مخاطر هذا الاستثمار، كما أن الكثير من شركات التأمين تعزف عن تأمين هذه المشاريع المحفوفة بالمخاطر الكبيرة.


وفي هذا الشأن قال رالف سكوفرونيك رئيس فريق باور المتخصص في تأمينات هذه المشاريع لدى شركة مارش الاستشارية للمخاطر في هامبورغ إن عدد شركات التأمين المستعدة لدخول هذا القطاع لا يعدو أصابع اليد وذلك لأن هذه الشركات خاضت بالفعل تجارب في تأمين محطات الرياح الموجودة في عرض البحر. ورأى سكوفرونيك أنه من الممكن إقناع من عشرة إلى عشرين شركة أخرى بالاستثمار في هذا القطاع ولكن بجهد شاق. ونجحت شركة مارش في التوسط من أجل تأمين إنشاء وتشغيل محطة دوارات الرياح غلوبارتك1 والتي من المقرر أن تبدأ التشغيل بحلول عام 2013 ، وهي تقع على مسافة حوالي 180 كيلومترا من مدينة بريمرهافن، قبالة بحر الشمال. ورأى سكوفرونيك أن هدف الحكومة الألمانية الطموح بشأن إنتاج نحو 10000 ميغاوات من الكهرباء باستخدام محطات توليد الطاقة من الرياح في البحر حتى عام 2020 ممكن التحقيق 'ولكن إذا تم استغلال جميع أسواق التأمين في أرجاء العالم'.


وعشرة آلاف ميغاوات كمية تعادل ما تنتجه عشر مفاعلات نووية. أما محطات الرياح التي أطلقتها ميركل من خلال الضغط على مفتاح رمزي فلا يتجاوز إنتاجها 48 ميغاوات. قبل عدة أعوام لم تكن شركات التأمين الألمانية مثل أليانز واتش.دي.أي العملاقتين تؤمنان محطات الرياح الموجودة في البحر وذلك بعد أن تعرضت''المحطات الموجودة قبالة سواحل الدنمارك لأضرار بالغة، ولكن شركة أليانز أصبحت قادرة تماما على تأمين هذه المحطات حسب روبرت ماورر، رئيس قسم الطاقات المتجددة لدى شركة ايه.جي.سي.اس التابعة لشركة أليانز. غير أن ماورر أشار إلى ارتفاع رسوم تأمين هذه المحطات بواقع سبعة إلى عشرة أمثال مقارنة برسوم تأمين المحطات البرية. وشدد ماورر على ضرورة إدراك مدى المخاطر التي تحف هذه المحطات المائية وأن احتمال تكبد الشركة مبلغ 300 مليون يورو لتعويض أضرار محطات رياح مائية بقيمة تأمينية 500 مليون يورو أمر وارد وواقعي، وأن ذلك ليس فقط بسبب بعد هذه المحطات عن البر، ولكن لأن أجزاء هائلة من السواحل الألمانية تخضع للحماية الطبيعية مما يجعل من الضروري إنشاء هذه المحطات على مسافة كبيرة من السواحل، وهو ما يسبب تكاليف إنشاء هائلة بالإضافة إلى تكاليف الصيانة والإصلاح.


تحتاج دوارات الرياح نفسها لسفن خاصة لنقلها إلى داخل البحر وهي عرضة للضرر بسبب الأمواج العاتية والعواصف. كما أن الأسلاك التي تنقل كهرباء هذه المحطات معرضة أيضا للاضرار جراء احتمال اصطدامها بالخطاطيف التي تستخدمها السفن في الرسو قبالة الشواطئ. كما أنه قد يتعذر على السفن ذات الحجم الكبير الوصول لهذه المحطات شتاء. وينطوي انقطاع كهرباء هذه المحطات جراء الأعطال على أضرار مادية بالغة للمستثمرين 'لذلك فليس هناك بنك يمكن أن يمول هذه المشاريع بدون حصول الشركات المستثمرة على موافقة إحدى شركات التأمين على تأمين هذه المشروعات'، حسبما أوضح كارل كريستيان هيرتنبرجر، رئيس قطاع التأمينات الصناعية بشركة اتش دي أي جيرلينج للتأمينات.