ناقشت وثيقة رسمية أردنية قضايا تتعلق بمرحلة هامة تشهد فيها المنطقة خاصة دول الربيع العربي تحولات سياسية ذات تداعيات وتحديات اقتصادية تعانيها منطقة الشرق الاوسط نتيجة انعكاسات الثورات في بعض دول المنطقة على الاقتصاد تزامناً مع ما يشهده العالم من تباطؤ في النمو اقتصادي.
وبحسب جامعة الدول العربية فان الخسائر الاقتصادية للربيع العربي فاقت 120 مليار دولار وهي مرشحة للزيادة، وقد تراجع الاستثمار الاجنبي المباشر في الدول العربية بنسبة 24.2% نتيجة احداث الربيع العربي، حيث سجلت الدول العربية استثمارا مباشرا بلغ حوالي 50 مليار دولار في عام 2011، مقابل 66 مليار في عام 2010، ومن المتوقع بان لا تزيد الاستثمارات في هذا العام عن 53 مليار دولار، فضلا عن استمرار تراجع اداء الاسواق المالية في العديد من دول الربيع العربي.
وفي الاردن على سبيل المثال، وبالرغم من أن الربيع العربي شكل فرصة لتسريع وتيرة الاصلاح في المملكة، شأنه بذلك شأن العديد من الدول، وتمثل ذلك بالقيام بإصلاحات شاملة كان على رأسها تعديل ثلث مواد الدستور الاردني واستحداث هيئة مستقلة للانتخابات وانشاء محكمة دستورية، الا ان البلاد واجهت العديد من التداعيات السلبية المصاحبة للربيع العربي وخصوصا الاقتصادية كتراجع التبادل التجاري والاستثمار والسياحة وحوالات العاملين، حيث انخفض الاستثمار الاجنبي المباشر في الاردن في عام 2011 بنسبة 11% مقارنة مع عام 2010، وانخفضت عائدات السياحة بنسبة 16% مقارنة بعام 2010، وتراجعت حوالات العاملين هي الاخرى بنسبة 4%، فضلا عن تراجع التبادل التجاري للأردن مع دول الربيع العربي وخصوصا تونس، مصر، ليبيا، اليمن، وسوريا.
وتزامن الربيع العربي مع حالة من ضعف الطلب في اوروبا ومناطق أخرى من العالم، نجمت عن استمرار تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية وبروز ازمة الديون السيادية في دول منطقة اليورو وما خلفه ذلك من تباطؤ في الطلب العالمي على صادرات دول المنطقة وبالتالي تراجع معدلات النمو الاقتصادي فيها.
كما تشير التوقعات الاقتصادية لدول المنطقة وخصوصا دول الربيع العربي الى تباطؤ نمو اقتصاديات دول منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا كنتيجة لحالة اللايقين وحالة عدم الاستقرار السياسي في المنطقة من جهة، وتداعيات الازمة الاوروبية على المنطقة من جهة أخرى، حيث تظهر توقعات صندوق النقد الدولي بأن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في دول الربيع العربي باستثناء ليبيا 2% في عام 2012، 3.6% في عام 2013، بعد أن كان هذا المعدل يقترب من حدود 5% لعام 2010 اي قبل اندلاع هذه الثورات.
ووفق التقرير، تقتضي هذه المرحلة تطبيق مبادرات تنموية من شأنها تعزيز التعاون الاقتصادي العربي وحشد الامكانات لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبما يمكن من الاستفادة من القوة البشرية الكبيرة وخاصة بين فئة الشباب الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان في دولنا، مع ضرورة الاهتمام في نفس الوقت بالآليات التي تمكن دولنا من ضمان توزيع مكاسب هذه التنمية على أكبر شريحة من المواطنين وبما يقلل التفاوت التنموي داخل كل بلد وفيما بين بلداننا.
ويتطلب جزء من هذه المبادرات مَنح مزايا تفضيلية لدول الربيع العربي أو المتأثرة بتداعياته في مجالات الاستثمار والتجارة والسياحة البينية العربية، حيث ان اعطاء اولوية للدول المتضررة من الربيع العربي في مجالات الاستثمار وفرص العمل والتجارة والمساعدات هي فرصة من فرص تذليل تحديات التنمية الاقتصادية والاستقرار السياسي في المنطقة.
فضلا عن ضرورة مشاركة القطاع الخاص بدور أكبر في المسؤولية الاجتماعية حيث يعتبر مصدرا رئيسيا للنشاط الاقتصادي، عبر ما يتوجب عليه القيام به بكل مؤسساته سواء المالية او المصرفية او الخدماتية من دور نحو مجتمعه في مكافحة الفقر والبطالة وتوزيع الثروة والإسهام في نشر العدالة، خصوصا في ظل محدودية قدرة الدول على الانفاق تجنبا لارتفاع المديونية وما يصاحبها من اختلالات اقتصادية.
التعليقات