بينما ترفع دول العالم أسعار السجائر لمنع الناس من التدخين، تنخفض أسعارها في الأردن لتعزيز تنافسية السجائر المحلية في وجه السجائر المهربة، التي تنخفض أسعارها لأنها غير خاضعة لأي ضريبة.


أيمن الزامل من عمّان: تسعى دول العالم قاطبةً إلى خفض عدد المدخنين عبر رفع أسعار السجائر، من أجل تقليص الإصابات بالأمراض الناتجة منه، كالسرطان وأمراض القلب والرئة. في الأردن، الوضع مختلف. فقد شهد الشارع الأردني منذ نحو أسبوعين شحًا لافتًا في السجائر المختلفة، ويدور الحديث بين التجار والمواطنين الأردنيين عن نية منتجي السجائر خفض أسعارها، في سابقة هي الأولى من نوعها في سوق التبغ والتنباك.

تعزيز المنافسة
اشتكى عدد من الأردنيين من عدم توافر السجائر في السوق المحلية، مشيرين إلى أن أصحاب المحال التجارية يمتنعون عن شراء المزيد من السجائر وتخزينها لخوفهم من تخفيض أسعارها.

في هذا الإطار، قال الجامعي محمد العبادي لـ quot;إيلافquot;: quot;أتردد منذ أسبوع تقريبًا على محال عدة لشراء الدخان، فلاحظت أنه مفقود، واستغربت عندما قال لي الباعة إن التجار ينوون خفض أسعار التبغ، وأنهم امتنعوا عن شرائه كي لا يصابوا بخسائر لن يعوّضها لهم أحدquot;.

في السياق نفسه، ذكرت مصادر في شركة فيليب موريس إنترناشونال، وهي من كبار منتجي السجائر في العالم، أنها ستخفّض أسعار بيع السجائر في السوق الأردنية بنسبة قد تصل إلى 26 في المئة قبل نهاية العام الحالي، بهدف تعزيز منافسة السجائر المنتجة محليًا أمام السجائر المستوردة (المهرّبة) التي تباع بأسعار مرتفعة، علمًا أن السجائر المنتجة محليًا تخضع لضريبة تصل نسبتها إلى 72 في المئة، بينما لا تخضع السجائر المهرّبة لأي ضريبة تذكر.

سوق تهريب كبيرة
يعتبر الأردن سوقًا كبيرة للدخان المهرّب من سوريا ولبنان والسعودية، خصوصًا في ظل وجود الأسواق الحرة عند النقاط الحدودية بين الأردن والدول المجاورة. فالسجائر المهربة تباع في بعض الاحيان بأسعار تفوق المحلية بنسب تتراوح من 10 إلى 25 في المئة.

من جهتها، أعلنت وزارة المالية الأردنية في وفق تصريح رسمي أن لا صلة لها بتحديد سعر السجائر، مشيرة إلى أن هذا القرار يخص الشركات المنتجة والمستوردة.

وكان الدكتور عبد اللطيف الوريكات، وزير الصحة الأردني، قال لـquot;إيلافquot; إن وزارته ليست صاحبة القرار في رفض أو قبول تخفيض أسعار السجائر المحلية. أضاف: quot;أنا ضد تخفيض أسعار السجائر، لأن لهذا القرار تداعيات خطيرة، أولها تشجيع غير المدخنين من المراهقين على التدخين، لكن الشركات الأردنية معذورة في تخفيض أسعار منتجاتها، لمواجهة تنافس غير شرعي من سوق التهريبquot;.

ضرائب مرتفعة
تقول دراسة أصدرتها شركة فيليب موريس إن تزايد كميات السجائر المهرّبة يهدد بإغلاق شركات الدخان، بسبب تكبدها خسائر فادحة. وقدرت الدراسة العوائد الضريبية التي لم تُجبَ، نظرًا إلى رواج السجائر المهرّبة، بنحو 190 مليون دينار في العام 2011، استنادًا إلى أن سوق السجائر المحلية الكلية - القانونية وغير القانونية - وصلت إلى نحو 242 مليون دينار في العام نفسه.

أكدت الدراسة أن الأردن يعدّ البلد الأعلى من ناحية فرض ضريبة على السجائر، إذ وصلت نسبة الضريبة المفروضة على السجائر إلى 72 في المئة من السعر السوقي للسلعة، مع الأخذفي الاعتبار أن الأردن يسجل معدلًا منخفضًا لدخل الفرد من الناتج الوطني المحلي، لم يتجاوز 4.449 دولارات في العام 2011.

وأوضحت الدراسة أن الزيادة الضريبية على السجائر ألحقت أضرارًا فادحة في القطاع، خصوصًا مع تراجع قدرة المصنّع المحلي على تمرير الزيادة للمستهلك بالنظر إلى ضعف القدرة الشرائية من ناحية، ووجود السجائر المهرّبة الأقل سعرًا من ناحية ثانية.